أكثر من 1700 غارة نفذها طيران النظام خلال أسبوعين على عدة مناطق سورية

مقتل مائة شخص في حلب بالتزامن مع «فتوى تحريضية».. ونداء من مسيحيي حلب

قوات الدفاع المدني في حلب تجلي الأطفال من مبنى تعرض لغارة جوية من طيران النظام (أ.ف.ب)
قوات الدفاع المدني في حلب تجلي الأطفال من مبنى تعرض لغارة جوية من طيران النظام (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 1700 غارة نفذها طيران النظام خلال أسبوعين على عدة مناطق سورية

قوات الدفاع المدني في حلب تجلي الأطفال من مبنى تعرض لغارة جوية من طيران النظام (أ.ف.ب)
قوات الدفاع المدني في حلب تجلي الأطفال من مبنى تعرض لغارة جوية من طيران النظام (أ.ف.ب)

وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان تنفيذ طائرات النظام الحربية والمروحية 1709 غارات منذ 1 أبريل (نيسان) الحالي، وحتى فجر يوم 15 أبريل الحالي، استهدفت عدة مناطق سورية.
من جهة أخرى، شهد أول من أمس دخول أول قافلة مساعدات إنسانية منذ قرابة العام ونصف إلى مدينة الرستن بحمص.
ووثق المرصد إلقاء 984 برميلاً متفجرًا على الأقل من طائرات النظام المروحية على مناطق في محافظات: دمشق، وريف دمشق، وحلب، وحمص، وإدلب، ودير الزور، ودرعا، وحماه، والحسكة، واللاذقية، والقنيطرة.
كذلك وثق المرصد تنفيذ طائرات النظام الحربية ما لا يقل عن 725 غارة، استهدفت فيها بالصواريخ قرى وبلدات ومدن بمحافظات دمشق، وحلب، والرقة، وإدلب، وريف دمشق، وحماه، ودرعا، والسويداء، والقنيطرة، واللاذقية، ودير الزور. في حين تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان من توثيق مقتل 260 مواطنًا مدنيًا، هم 81 طفلاً دون سن الثامنة عشرة، و51 امرأة فوق سن الـ18، و128 رجلاً، جراء القصف من قبل الطائرات الحربية والمروحية، بالإضافة إلى إصابة نحو 1500 آخرين من المدنيين بجراح، كما أدت الغارات وقصف البراميل المتفجرة إلى دمار في ممتلكات المواطنين العامة والخاصة، وأضرار مادية كبيرة في عدة مناطق.
وأسفرت غارات الطائرات الحربية، والبراميل المتفجرة التي ألقتها الطائرات المروحية على عدة مناطق في المحافظات السورية، عن مقتل نحو 80 مقاتلاً على الأقل من الفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة النصرة وتنظيم «داعش»، وإصابة آخرين بجراح. ويقول المرصد إن عدد الخسائر البشرية في صفوف المقاتلين أعلى من الرقم الذي تمكن من توثيقه، وذلك بسبب تكتم بعض الفصائل على خسائرها البشرية الناجمة عن هذه الغارات.
وصعدت القوات الحكومية هجماتها على مدينة حلب منذ يوم الجمعة 10 أبريل الحالي، وتزامن ذلك مع تصريح لمفتي السلطات الحكومية أحمد حسون عبر التلفزيون الحكومي، أكد فيه على ضرورة «إبادة» المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، في تحريض مباشر على القتل، اعتبرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان قصدا جنائيا لإهلاك المواطنين السوريين.
ووثقت الشبكة على مدى 5 أيام قصف القوات الحكومية ما يزيد على 43 قنبلة برميلية، وقرابة 12 صاروخًا فراغيًا. كما شن الطيران الحربي الحكومي أكثر من 46 غارة جوية مستهدفًا كثيرا من المراكز الحيوية، كمدرسة سعد الأنصاري، ومدرسة عبد الرحمن الغافقي، ومسجد سكر في حي بستان القصر، وسوقا للخضراوات في حي المعادي، إضافة لاستهداف القوات الحكومية كثيرا من الأحياء السكنية، كأحياء صلاح الدين، والمشهد، والمعادي، والشعار، وبستان القصر.
وبحسب فريق توثيق الضحايا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن عدد الضحايا الذين قتلوا من قبل القوات الحكومية في حلب خلال الفترة المذكورة بلغ مائة شخص، بينهم 11 مسلحًا، و89 مدنيًا، أي إن نسبة المدنيين 98 في المائة من الضحايا، وبين المدنيين 22 طفلاً، و11 سيدة.
كما سجلت الشبكة مقتل سيدتين بقذائف الهاون من قبل بعض فصائل المعارضة المسلحة، أثناء قصفها حواجز تقع داخل أحياء خاضعة لسيطرة القوات الحكومية. وهاجم تنظيم داعش بعض مواقع المعارضة المسلحة، وتم توثيق مقتل أحد المسلحين، وإصابة عدد من العناصر من فصائل المعارضة المسلحة بجروح.
في ريف حمص الشمالي أدخلت أول من أمس، منظمتا الهلال الأحمر العربي السوري والصليب الأحمر الدولي، قافلة مساعدات إنسانية، إلى مدينة الرستن المحاصرة من قبل النظام والخاضعة لسيطرة المعارضة. وأشار «مكتب أخبار سوريا» إلى أن 20 شاحنة تحمل مواد غذائية وطبية دخلت إلى الرستن؛ حيث تم إفراغ حمولتها في مبنى الهلال الأحمر داخل المدينة، في حين توجهت 5 شاحنات أخرى إلى قرية الغاصبية شرق الرستن. وهي الأولى التي تدخل إلى الرستن منذ قرابة عام ونصف، حيث يقطن فيها نحو 60 ألف شخص يعانون من ظروف معيشية وإنسانية صعبة جراء الحصار الذي تطبقه القوات السورية النظامية على المدينة.
سياسيا، أعلن الفاتيكان أول من أمس أن مسؤولين مسيحيين من حلب وجهوا نداء «لكي لا تبقى مدينتهم مختبرا للأسلحة المدمرة» ونددوا بحصار يحول سكانها إلى «أشباه بشر».
ونشر التجمع الفاتيكاني للكنائس الشرقية هذه الرسالة بعدة لغات، التي كتبها بالعربية الأسقفان الأرثوذكسي والكاثوليكي في حلب ونقلها كاهن إلى لبنان.
وتعكس رسالتهم شراسة المعارك التي أوقعت «عشرات (الشهداء) من كل الأديان» في الأيام الأخيرة. وقالوا أيضا: «لم نر أبدا ولم نسمع عن مثل هذا الدمار من قبل! لقد تم سحب جثث من تحت الأنقاض، وغطت الأشلاء البشرية الجدران!».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.