الرباط تستغرب ملاحقة القضاء الإسباني 11 مسؤولاً بتهمة ارتكاب «إبادة جماعية»

استنكرت الاستغلال السياسي للقرار.. ووصفته بـ«المسخرة»

الرباط تستغرب ملاحقة القضاء الإسباني 11 مسؤولاً بتهمة ارتكاب «إبادة جماعية»
TT

الرباط تستغرب ملاحقة القضاء الإسباني 11 مسؤولاً بتهمة ارتكاب «إبادة جماعية»

الرباط تستغرب ملاحقة القضاء الإسباني 11 مسؤولاً بتهمة ارتكاب «إبادة جماعية»

وصف المغرب قرار القضاء الإسباني ملاحقة 11 مسؤولا مغربيا بتهمة «ارتكاب أعمال إبادة جماعية»، بين 1975 و1991 في الصحراء، بأنه «مسخرة»، مستغربا ومستنكرا «الاستغلال السياسي» للقرار، تزامنا مع اجتماع لمجلس الأمن حول الصحراء.
وكان المغرب قد استعاد الصحراء التي كانت تحتلها إسبانيا سنة 1975، عبر مسيرة خضراء سلمية، شارك فيها 350 ألف مغربي. وتقدمت الرباط سنة 2007، بمشروع للحكم الذاتي الموسع تحت سيادتها، ولكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، رفضت المشروع، وطالبت باستفتاء لتقرير المصير.
وقال بيان لوزارة الخارجية والتعاون المغربية، صدر مساء أول من أمس، إن «الأمر يتعلق بمحاولة جديدة لإحياء ملف قديم بعد تلك التي جرت سنة 2007، وكانت بلا جدوى ومليئة بأخطاء خطيرة على مستوى الوقائع، وبعدم الانسجام، مما جعلها أقرب إلى المسخرة».
يذكر أن بابلو روز، القاضي في المحكمة الوطنية المتخصصة في القضايا المعقدةً، اعتبر في قرار أصدره، في ختام تحقيق بدأ عام في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، أن «هناك أدلة معقولة» تتيح محاكمة المسؤولين المغاربة الأحد عشر بتهمة ارتكاب «إبادة جماعية».
وقالت وزارة الخارجية المغربية، إن «الوقائع المثارة تعود لما يزيد على 25 سنة، وبعضها لما يقرب من أربعة عقود، وهي تهم فترة تاريخية خاصة جدا، وملابسات معينة ترتبط بمواجهات مسلحة من عهد آخر».
وأضاف البيان، أن «إثارتها مجددا اليوم، تحديدا، تنمّ عن رغبة في استغلالها سياسيا، بالإضافة إلى أن هذه الوقائع، شملتها أعمال هيئة الإنصاف والمصالحة، التي تأكدت مصداقيتها وجديتها على نطاق واسع».
وأطلقت الرباط سنة 2004، بعد أربع سنوات من وصول الملك محمد السادس إلى الحكم سنة 1999، هيئة الإنصاف والمصالحة، بغرض النظر في ملفات انتهاكات حقوق الإنسان، وإنصاف الضحايا من خلال جبر الضرر وتعويضهم، مع اشتراط عدم كشف أسماء مرتكبي الانتهاكات.
وترى وزارة الخارجية المغربية، أن «توقيت إحياء هذه القضية المزعومة، بالتزامن مع اقتراب الاستحقاقات الأممية السنوية المتعلقة بملف الصحراء المغربية، يدل بشكل واضح على الأطراف، المعروفة جيدا، التي تقف وراء هذه المناورة وتكشف أجندتهم السياسية الحقيقية».
ومن المنتظر أن يبت مجلس الأمن في 16 أبريل (نيسان) الحالي، في تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) لسنة جديدة، وهي المكلفة منذ سنة 1991، بالسهر على اتفاق وقف إطلاق النار.
واتهمت وزارة الخارجية المغربية، القضاة الإسبان «بوضع مسؤولياتهم داخل النظام القضائي الإسباني في خدمة تحركات تستهدف العلاقات المغربية - الإسبانية التي تعيش اليوم مرحلة واعدة ومن بين مراحلها الأكثر هدوء».
وأعربت وزارة الخارجية المغربية، أنه وبالقدر الذي يؤكد فيه المغرب استعداده للتعاون الكامل مع السلطات الإسبانية، للبرهنة على أنه لا أساس لهذه الاتهامات، فإنه يجدد التأكيد أيضا على رفضه المبدئي لمتابعة مواطنين مغاربة في الخارج عن أفعال يفترض أنها ارتكبت فوق التراب الوطني، وتبقى بالتالي من اختصاص القضاء المغربي.
وخلص البيان إلى أن المملكة المغربية متشبثة بتعزيز علاقات حسن الجوار البناء والشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تربط بين المملكة وإسبانيا، وستعمل من أجل حماية هذه العلاقة من أي مناورات للتشويش يحيكها خصوم هذه العلاقة.
تجدر الإشارة إلى أن التحقيق في هذه القضية، فتحه القاضي بالتازار غارزون، في 2007، بناء على شكوى تقدمت بها جمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان، وعائلات ضحايا تزعم اختفاء أكثر من 500 صحراوي اعتبارا من عام 1975. وبناء على تلك الشكوى، حقق القضاء الإسباني في احتمال تورط 13 مشتبها به من أصل 32، بينهم أشخاص توفوا، مثل إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق الذي توفي سنة 2007 في باريس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.