مصر وإثيوبيا والسودان تختار استشاريين أوروبيين لدراسة مخاطر «سد النهضة»

مغازي: الإعلان عن اسميهما خلال الأسبوعين المقبلين

مصر وإثيوبيا والسودان تختار استشاريين أوروبيين لدراسة مخاطر «سد النهضة»
TT

مصر وإثيوبيا والسودان تختار استشاريين أوروبيين لدراسة مخاطر «سد النهضة»

مصر وإثيوبيا والسودان تختار استشاريين أوروبيين لدراسة مخاطر «سد النهضة»

اتفق وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا، أمس، على ترشيح مكتبين استشاريين أوروبيين للقيام بتنفيذ الدراسات الفنية لمشروع «سد النهضة» الإثيوبي، الجاري تشييده على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وتقييم مدى إضراره بدولتي المصب (مصر والسودان)، وفقا لـ«خارطة الطريق» المتفق عليها بين الدول الثلاث في أغسطس (آب) الماضي.
وقال الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية المصري، مساء أمس في ختام اجتماعات اللجنة الوطنية الثلاثية المؤلفة من 12 خبيرا من مصر والسودان وإثيوبيا، برئاسة وزراء المياه بالدول الثلاث بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واستمرت يومين، إنه «سيتم الكشف خلال الأسبوعين المقبلين عن اسمي المكتبين بعد مخاطبتهما والحصول على موافقتهما على العمل معا في هاتين الدراستين».
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «نظرا للخلاف المصري - الإثيوبي حول أولوية ترجيح أي من المكتبين، تقرر أن تتم الاستعانة بهما معا شرط موافقتهما». وذكرت مصادر إعلامية أن المكتبين أحدهما فرنسي، والآخر هولندي.
وتخشى مصر أن يتسبب بناء سد النهضة في خفض حصتها من المياه بمقدار 10 في المائة، بالإضافة إلى حدوث جفاف مائي خلال فترة ملء خزان السد لتوليد الطاقة الكهربائية. ومن المقرر أن يقوم المكتبان الاستشاريان بإعداد دراستين تفصيليتين لتقييم آثار سد النهضة على الحصص المائية لدولتي المصب، والآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية، على أن تكون النتائج ملزمة للجميع.
وكانت اجتماعات اللجنة الوطنية الثلاثية لسد النهضة، المؤلفة من 12 خبيرا من مصر والسودان وإثيوبيا، قد بدأت أول من أمس بالعاصمة الإثيوبية برئاسة وزراء المياه في الدول الثلاث، وسط موجة من التفاؤل أفرزتها الجهود الدبلوماسية التي قادها زعماء الدول الثلاث.
وسبق أن وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلا ماريام ديسالين، والرئيس السوداني عمر البشير، اتفاق المبادئ بشأن سد النهضة قبل أسابيع، والذي يشمل مبادئ تحكم التعاون فيما بين الدول الثلاث للاستفادة من مياه النيل الشرقي وسد النهضة الإثيوبي. وقال وزير الموارد المائية المصري في كلمته أمام اجتماع اللجنة الوطنية الثلاثية «نحن هنا لكي نستكمل عملية البناء على ما تم إنجازه بين الدول الثلاث حتى الآن»، محذرا من «خطورة حدوث أي تقهقر في مسار المفاوضات على الجانب الفني، مما سيلقي بظلال عكسية على المسار السياسي».
وشدد الوزير على أهمية عنصر الوقت، قائلا «نعلم جميعا أن الوقت عامل محدد، ونود أن نبدأ بإجراء الدراسات في القريب العاجل»، لافتا إلى أن «هذه الدراسات هي أحد الأعمدة المهمة التي يقوم عليها اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث والذي يعتمد على نتائجها بصفة رئيسية، ولذا فإننا نتطلع جميعا إلى إنهاء عملية الدراسات من خلال الإطار الزمني المتفق عليه».
وقال حسام مغازي إن المفاوضات الجارية حاليا تأتي في إطار الروح الجديدة والمساعي الحثيثة للدول الثلاث لبناء الثقة التي أرساها زعماء الدول الثلاث، فضلا عن انعكاس الأجواء الإيجابية التي أثمرت عنها زيارة السيسي للبرلمان الإثيوبي ولقاءاته مع كبار المسؤولين في كل من إثيوبيا والسودان، والتي تؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التعاون والتقارب بين الدول الثلاث ليس فقط في مجال الملف المائي بل ستمتد إلى الملفات الاقتصادية والسياسية.
و‏أوضح الوزير أنه بعد التوافق علي المكتبين الاستشاريين فإنه سيتم التوقيع معهما في احتفالية بالعاصمة الإثيوبية بحضور الوزراء الثلاثة، وذلك بعد إتمام العقود الفنية والمالية ومراجعتها مع المكتب القانوني الدولي الإنجليزي «كوربت»، بما يتضمن ضرورة الالتزام بالجدول الزمني المقرر والمتفق عليه للانتهاء من الدراسات الخاصة بتأثيرات السد، والتي تم ذكرها في وثيقة المبادئ، وبعدها سيتم توقيع أربع اتفاقيات خلال عمل المكتب، على أن يعد وزراء الدول الثلاثة آلية ما بعد انتهاء المكتبين الاستشاريين من وضع توصياتهما لوضعها موضع التنفيذ، وتخطر الدولة صاحبة المنشأ المائي دولتي المصب بوجود أي حالة طوارئ في تشغيل السد فضلا عن اتفاق لوضع آلية تمنع حدوث أي ضرر.
ويقام سد النهضة على النيل الأزرق، الذي ينبع من هضبة الحبشة في إثيوبيا، والتي تمد مصر بأكثر من 80 في المائة من حصتها من مياه النيل. وتسعى إثيوبيا لتخزين 74 مليار متر مكعب من مياه النيل في السد، وهو ما ترفضه مصر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».