* ذات مرّة طلبت مني مؤسسة تجارية عربية دخلت ميدان الإنتاج قبل فترة وجيزة، استطلاع رد فعل الاستوديوهات الأميركية الكبرى والمتوسّـطة فيما لو اقترب المال العربي منها لتمويل مشاريع محددة.
* كان ذلك سنة 2006، قبل نحو عام واحد من قيام المخرج والمنتج ستيفن سبيلبرغ بإنشاء حلف مع مؤسسة سينمائية هندية وضعت تحت تصرّفه نصف مليار دولار، لاستخدامها كيف يشاء. وهو استخدمها كيفما شاء بالفعل وموّل بها أجزاء من مشاريعه منذ ذلك الحين، ومن بينها «حصان الحرب» و«مغامرات تان تان».
* في ظل الأوضاع السياسية العربية فإن الجواب شبه معروف، وهو من نوع التمعّـن بوجه المتحدث والتساؤل عما إذا كان يعني ما يقول أو يمزح. أحدهم، كان منتجا كبيرا يوما اشتغل مع فرنسيس فورد كوبولا على الجزأين الأولين من «العراب»، وقال لي: «المسألة هي إذا ما كان أصحابك يعلمون أن شروط اللعب هنا تختلف عنها
في بلادكم»، سألته عما يقصده، فأوضح: «أقصد أنه في بلادكم تحققون الفيلم الذي تريدونه.
الذي يحمل رؤيتكم أو وجهة نظركم أو سياستكم.
هنا لا تستطيعون فعل ذلك».
* ألان هورن كان رئيس استوديوهات «وورنر» إلى حين قريب. بعد ذلك تولّى رئاسة الإنتاج في «ديزني».. التقيت به في مهرجان تورونتو في سبتمبر من العام ذاته في حفلة.. وبما أنني عضو في «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب»، وبما أن تلك العضوية تفتح لك أبوابا مغلقة، فقد وجدت نفسي على الطاولة ذاتها معه،
ولو لربع ساعة انسحبت بعدها لأجلس إلى طاولة المخرج أندرو ديفيز حينها.
* هورن قال بشكل مباشر: «نحن نرحّـب بأي تمويل من أي مكان لكن عليه أن لا يكون مشروطا».
وحين سألته: ما طبيعة هذه الشروط التي يراها؟ قال: «سياسية بالدرجة الأولى»، أطرق قليلا ثم أضاف: «هوليوود تفتح أبوابها لأي ممول أجنبي يعرف قواعد هذه الصناعة، وإذا كان يعرفها فإنه سيأتي بلا أجندة سياسية أو أي أجندة خاصّـة أخرى».
* الكلام واضح لكنه ليس جديدا. وحين قابلت مسؤول الشركة العربية هز برأسه موافقا، ولو أن هذه الموافقة لم تثمر أفلاما عالمية إلى الآن. وحتى اليوم لم يتغيّر الوضع. تستطيع أن تنضم إلى النادي الدولي لصانعي السينما، ومقرّه الرئيسي هوليوود أو إلى أي فرع آخر له في مدريد أو باريس أو لندن أو استوكهولم، طالما أنه ليس لديك ما تريد النفاذ عبره لتحقيقه خارج الفيلم. رسالة سياسية
أو دينية أو من أي نوع. إذا ما فعلت ذلك وجدت
نفسك «تلعب مع الكبار».
* أخيرا قام عدد من رجال الأعمال العرب بمغازلة موضوع تمويل أفلام أميركية (من جديد، لأن سواهم سبق له أن حاول وبعضهم نجح) لكن نافذتهم كانت تقوم على دفع مليون واسترجاع مليونين. أرادوا من المنتج الأميركي أن يضع في دفاتر حساباته أنه تلقى خمسة ملايين بينما لم يزد المبلغ المدفوع عن مليونين ونصف المليون، على أن يسترد رجال الأعمال خمسة ملايين، بالإضافة إلى ما قد ينجزه الفيلم من أرباح. «يا شاطر كان غيرك أشطر».
المشهد: تعال نموّل فيلما لسبيلبرغ
المشهد: تعال نموّل فيلما لسبيلبرغ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة