مدع تركي يطلب تبرئة صحافية هولندية متهمة بـ«الدعاية الإرهابية»

إردوغان يتهم صحفا وقنوات تلفزيونية بـ«التواطؤ» مع قتلة قاض

مدع تركي يطلب تبرئة صحافية هولندية متهمة بـ«الدعاية الإرهابية»
TT

مدع تركي يطلب تبرئة صحافية هولندية متهمة بـ«الدعاية الإرهابية»

مدع تركي يطلب تبرئة صحافية هولندية متهمة بـ«الدعاية الإرهابية»

طالب مدع تركي أمس بتبرئة صحافية هولندية متخصصة في الشؤون الكردية وملاحقة بتهمة القيام «بدعاية إرهابية» للمتمردين الأكراد في حزب العمال الكردستاني.
وكانت فريديريكي غيردينك خضعت للاستجواب في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي، بينما قامت شرطة مكافحة الإرهاب التركية بمداهمة شقتها لنشرها على شبكات التواصل الاجتماعي رسائل اعتبرتها السلطات «دعاية لمنظمة إرهابية». ووجهت إليها تهم نشر مواد تدعم حزب العمال الكردستاني. ويمكن أن يحكم عليها بالسجن 5 سنوات كحد أقصى في حال إدانتها، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأثارت قضية الصحافية الهولندية ضجة عالمية. إلا أنه فور بدء محاكمتها في محكمة ديار بكر الجنائية، طالب ممثل الادعاء فورا بالإفراج عنها وتم تأجيل الجلسة ساعة واحدة فقط.
وكتبت غيردينك على حسابها على «تويتر» بعد اليوم الأول من محاكمتها أن «المدعي طلب تبرئتي ومحامي الدفاع كان راضيا عن طلب المدعي». وصرحت للصحافيين «أنا لست مذنبة في أي شيء، ولم أقم بأي دعاية وأعرف ذلك جيدا». وأضافت «لهذا شعرت بالقوة منذ البداية، ولا أزال أشعر بالقوة (...) وسيتخذ القاضي القرار الصائب الاثنين، ولكن كان يجب ألا تجري هذه المحاكمة أصلا». وقالت إن «كبير القضاة لم يكن موجودا في الجلسة اليوم والقاضي الذي كان حاضرا لم يكن يملك تفويضا بتبرئتي. سيكون الأمر رسميا الاثنين».
وأعلن القاضي أنه سيتم النطق بالحكم في 13 أبريل (نيسان). ويتوقع أن يقوم بتبرئتها من التهم المنسوبة إليها.
وغيردينك صحافية مستقلة متخصصة بالأقلية الكردية وتقيم منذ 2006 في تركيا التي تراسل منها عددا من وسائل الإعلام الهولندية والأجنبية. وقد انتقلت للعيش في ديار بكر منذ 2012.
وسلطت قضية غيردينك الأضواء على حرية الصحافة في تركيا في ظل رئاسة رجب طيب إردوغان.
وتواجه تركيا باستمرار انتقادات من قبل المنظمات غير الحكومية للدفاع عن حرية الصحافة. وقد سجن عدد كبير من الصحافيين الأتراك أو لوحقوا بسبب صلاتهم بالقضية الكردية.
وصرحت غيردينك قبل المحاكمة «ما كتبته لا يمكن بأي حال أن يعتبر دعاية. الاتهامات عشوائية، وقد كان عملي دقيقا للغاية». وتنشر مقالاتها في وسائل الإعلام التي تصدر باللغة الهولندية والإنجليزية وكذلك على موقع «ديكين» التركي المعارض للحكومة.
وتأتي القضية فيما تسعى الحكومة التركية وقادة الأكراد إلى إنهاء التمرد المستمر منذ عقود في جنوب شرقي تركيا حيث يخوض حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية منذ 1984 تمردا ضد الجيش التركي أسفر عن سقوط 40 ألف قتيل. وبدأت الحكومة خريف 2012 محادثات سلام مع المتمردين لم تسفر عن نتيجة.
من ناحية ثانية، شن الرئيس التركي أمس هجوما عنيفا جديدا على الصحافة متهما الصحف وقنوات التلفزيون التركية «بالتواطؤ» مع قتلة قاض تركي عبر نشر صور العملية الدامية لاحتجازه رهينة. وصرح إردوغان أمام نواب محليين في قصره الجديد المثير للجدل بأن «المؤسسات التي فتحت صفحاتها وشاشاتها لدعاية الإرهابيين متواطئة في قتل مدعينا».
ويجري القضاء التركي تحقيقا بحق 4 صحف بتهمة «نشر الدعاية الإرهابية» بعد أن نشرت صورة للقاضي فيما كان رهينة في إسطنبول في الأسبوع الفائت، في عملية انتهت بمقتله وخاطفيه الاثنين المنتميين إلى مجموعة يسارية متشددة بعد تدخل الشرطة. وتتهم السلطات الصحف بنشر صورة المدعي فيما كان موثق اليدين ومكمما فيما وجه أحد الخاطفين مسدسا إلى رأسه.
وأكد إردوغان «أدين بشدة وسائل الإعلام التي وقفت إلى جانب الإرهابيين» مؤكدا أن هذا الأمر ما كان ليحدث في بلد غربي. وأوضح إردوغان «في الدول الغربية التي تعتبر مهد الديمقراطية والحقوق والحريات، ما كان هذا الأمر ليحدث. ففي هذه الدول ستتعرض مؤسسات الصحافة التي تصبح أدوات للدعاية والإرهاب والإرهابيين لمذكرة حجب رسمية». وغالبا ما ينتقد إردوغان الذي أنشأ أجهزته الإعلامية الخاصة، وسائل الإعلام المستقلة.
وأثناء عملية أخذ الرهائن منع جهاز مراقبة وسائل البث السمعي والبصري التركي قنوات التلفزيون من بث صور الحدث مباشرة.
ونددت منظمة مراسلون بلا حدود هذا المثال الجديد على «الرقابة» التي تفرضها الحكومة التركية.
وتندرج تركيا دوريا في طليعة الدول الأكثر قمعا لحريات الإعلام في تصنيفات المنظمات غير الحكومية.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».