سخرت السلطات السعودية كل إمكانياتها وأجهزتها العسكرية والمدنية لتسهيل عملية إجلاء رعايا الدول الأجنبية والعربية النازحين من اليمن، وخُصصت لذلك صالات خاصة على المنافذ الحدودية البرية والبحرية. وتقوم قوات الحرس الحدود السعودية وأفراد الجمارك السعودية، بالإضافة إلى إدارة الجوازات، بجهد كبير لتأمين إخراج المواطنين من دول مختلفة من اليمن وتسهيل عودتهم إلى دولهم.
وتتم عمليات إجلاء الرعايا بالتنسيق مع قيادة قوات التحالف، وشُكلت لجنة مكلفة للإسراع بإجراءات إجلاء الأجانب والاستجابة لطلبات الإغاثة قبل توجههم إلى مطار الملك عبد الله في جازان. وكانت بعثات أجنبية وعربية غادرت المطار الإقليمي بجازان، وما زالت مستمرة، وسط متابعة ودعم من قبل السلطات السعودية؛ لتسهيل مهام خروج الرعايا، كما يشير لذلك نائب القنصل السوداني أحمد عبد الحق.
«الشرق الأوسط» زارت منفذ الطوال الحدودي المواجه للمنفذ اليمني، ووقفت على عملية تفويج الرعايا الأجانب للدول عبر المنفذ. وتشارك أكثر من جهة حكومية في هذه العمليات، من بينها إدارة الجمارك، بالإضافة إلى إدارة الجوازات والجهات الأمنية، للاطمئنان على أوضاع الرعايا. وتسبق المنطقة من الخارج قوات حرس الحدود التي تؤمن تحرك الحافلات من المنافذ اليمنية حتى قبل وصولها إلى الحدود السعودية تحسبا لأي طارئ.
وتكون الجمارك والأجهزة الحكومية الأخرى في مواجهة دائمة ضد المهربين بمن فيهم مهربو الأسلحة والمتفجرات للإضرار بأمن البلد. وتجهز الجمارك السعودية وسائل بشرية وآلية، بالإضافة إلى وسائل رقابية حية، كما هو الحال مع الكلاب البوليسية، التي تستخدمها الجمارك في التعامل مع أي حالات مشكوك فيها قد تؤثر على الجانب الأمني. في الوقت الذي شوهدت فيه أنظمة الفحص الآلي والأشعة للمركبات القادمة من اليمن، والتي تتميز بقدرتها على إدارة الأزمات والمواسم كما هو الحال مع الوضع القائم الذي تعيشه الحدود السعودية اليمنية على أثر عملية «عاصفة الحزم».
وكإجراءات احترازية لا سيما في الأوضاع الحالية التي تقوم فيها قوات التحالف بإغاثة الشعب اليمني، تقوم الأجهزة السعودية المختلفة بفحص الطرود القادمة من اليمن، لضمان السلامة للرعايا الموجودين في المنفذ والمغادرين إلى بلدانهم عبر المطارات والموانئ السعودية.
من جهته، بين زياد بن سليمان العرادي، مدير عام جمرك الطوال الحدودي، في حديث مع «الشرق الأوسط» من داخل المنفذ، أن أفراد الجمرك «جاهزون وقادرون على إحباط أي عملية تهريب مواد محظورة بما فيها الأسلحة والمتفجرات داخل الحد السعودي، ونحن يقظون لذلك». وأضاف أنهم على أهبة الاستعدادات لتسهيل إجراءات دخول الرعايا العرب والأجانب للحدود السعودية مهما كان العدد، كون الجمرك مجهزا بالعدد اللازم من الأفراد لإتمام المهام بنجاح.
وخلال لقاء عدد من الرعايا الذين تم إجلاؤهم من اليمن، بدا أن التمرد الحوثي المدعوم من علي عبد الله صالح لم يكتف بالتسبب في الأذى لليمنيين الأبرياء، وإنما تجاوزهم لغيرهم من الجنسيات الأخرى. وهذا ما شرحه مواطن مصري تحدث مع «الشرق الأوسط» عن وجود عدد من الموظفين داخل صالة تفويج الرعايا داخل منفذ الطوال، وعن قيام الحوثيين بحجز عائلته في صنعاء، والسماح له وحيدا بالمغادرة. وأوضح المواطن المصري الذي فضل عدم كتابة اسمه خوفا على وضع أفراد أسرته، بالقول «لديّ محلات تجارية في اليمن، والحوثيون مصرون على أخذ هذه المحلات بالقوة، وإلا لن تخرج زوجتي وأبنائي، وزوجتي بالمناسبة يمنية». ويضيف المواطن المصري «هذه حقوقي ومن الظلم أن يأخذوها بالقوة، وأنا في تفاوض معهم الآن عبر الهاتف، ولكن إذا لم يسمحوا لبقية أسرتي بالمغادرة فسأضطر للتنازل عن حقوقي».
المواطن المصري عبد الرحمن البورسعيدي، وهو أحد الرعايا الذين تم إجلاؤهم أمس، كشف لـ«الشرق الأوسط»، أثناء جولتها أمس، أن المتمردين الحوثيين يرسلون رسائل عامة عبر الهواتف في فحواها تهديدات بالقتل أو الإيذاء. وعن المطلوب مقابل هذه التهديدات يوضح البورسعيدي «مغادرة اليمن بأسرع وقت خاصة للذين ليس للحوثيين مصلحة منهم. والرسائل تقول: (إذا لم تغادروا في اليوم المحدد فسيتم قتلكم)».
ومن جهته، قال السوري ياسين عبد الله «كنا في عدن فساءت علينا الأحوال، لكن الحكومة السعودية مشكورة سهلت خروجنا مع بقية الجنسيات الأخرى من مصر والسودان ودول أخرى، ونحن الآن بسلامة في الحدود السعودية، ونرجو أن تتمكن قوات التحالف من دحر الحوثيين الذين سببوا الدمار في اليمن منذ انقلابهم على الشرعية». وأضاف «نحن لدينا مصالح في اليمن، ونتمنى أن تعود الأمور للاستقرار بعودة حكومة الرئيس هادي والشرعية في البلاد». وأوضح «الحوثيون يدخلون العصبية المذهبية والعرقية في تعاملهم مع الجميع في اليمن، لدرجة أن الشخص يقتل بسبب أنه ينتمي لذاك المذهب أو تلك الجنسية».
ومن جهته، قال أحمد عبد الحق، نائب القنصل السوداني في السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك دبلوماسيين موجودين في منفذ الطوال الحدودي مع اليمن منذ ثلاثة أيام. وأضاف «مرابطون في المنفذ، وخلال يوم أمس تم إنهاء معاملات فردية لعشرين مواطنا قدموا للحدود السعودية ولكن دون تنسيق مع السفارة السودانية في صنعاء؛ لأنهم قدموا من مدن مختلفة من اليمن»، موضحا «التحدي الآن أمامنا يتمثل في تنسيق الأمور لقدوم 9 حافلات قادمة من اليمن تقل الرعايا السودانيين، ويقدر العدد الإجمالي لهم بـ450 شخصا، وقد غادرت الحافلات، ومن المتوقع وصولهم صباح غد (اليوم) بعد أن أنهت السفارة السودانية إجراءات مغادرتهم اليمن».
وعن وجود عوائق لدى مغادرة الرعايا السودانيين عبر الجو قال عبد الحق «تعذر علينا الحصول على التصريحات المطلوبة من داخل اليمن، لكن القيادة السودانية قررت تحويل عملية إجلاء الرعايا السودانيين من رحلات جوية إلى رحلات برية عن طريق الحافلات».
وشدد ضابط في الأمن السعودي أثناء حديثه مع «الشرق الأوسط» أمس على أنهم يحرصون كثيرا في ظل الأزمة الحالية على الجانب الإنساني خاصة مع الرعايا الذين يتم إجلاؤهم من اليمن. وبين الرائد حسن صميلي، مدير الجوازات في منفذ الطوال، أن «التنسيق مستمر مع القنصليات والسفارات لتسهيل إنهاء إجراءات دخول الرعايا العرب والأجانب في اليمن، وتوفير تأشيرات عبور للأراضي السعودية، والجانب الإنساني مهم وأحد الأركان التي لا نستغني عنها، كما هو الحال مع سياسة المملكة العربية السعودية، ومنها إغاثة أشقائنا في اليمن».
قوات عسكرية ومدنية لتسهيل إجلاء الرعايا العرب والأجانب عبر المنافذ الحدودية مع اليمن
مدنيون فارون يتحدثون عن ترويع الحوثيين للأهالي
قوات عسكرية ومدنية لتسهيل إجلاء الرعايا العرب والأجانب عبر المنافذ الحدودية مع اليمن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة