تفاهمات بين بارزاني والعبادي حول تحرير الموصل وحل الخلافات بين أربيل وبغداد

تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث العملية المرتقبة.. ومسؤول كردي يتوقع انطلاقها من كردستان

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال مؤتمر صحافي مشترك في أربيل أمس (رويترز)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال مؤتمر صحافي مشترك في أربيل أمس (رويترز)
TT

تفاهمات بين بارزاني والعبادي حول تحرير الموصل وحل الخلافات بين أربيل وبغداد

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال مؤتمر صحافي مشترك في أربيل أمس (رويترز)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال مؤتمر صحافي مشترك في أربيل أمس (رويترز)

تمخضت الاجتماعات التي عقدها، أمس، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في أربيل مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وقادة الإقليم، عن اتفاق يقضي بتشكيل لجنة عسكرية بين الطرفين تقع على عاتقها تخطيط ودراسة العملية المرتقبة لتحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش.
ووصف بارزاني في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع العبادي بعد عدة اجتماعات بين الطرفين في دار ضيافة رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني، وسط أربيل، زيارة العبادي بأنها «تأتي في وقت حساس جدا، ولها أهمية كبيرة، وكانت فرصة مهمة جدا لنتدارس جميع الأمور المتعلقة بمصلحة العراق ومستقبله، والحمد لله، الآراء كانت متطابقة وتوصلنا إلى اتفاقات وتفاهمات وإلى العمل المشترك من أجل القيام بكل من شأنه خدمة مصلحة البلد وتحرير العراق بكامله من الإرهابيين»، مؤكدا بالقول: «بلا شك ستكون هذه الزيارة عاملا أساسيا لتعزيز التعاون بين الإقليم والحكومة الاتحادية».
وتابع بارزاني: «تطرقنا إلى كل المسائل واتفقنا على التعاون الجدي من أجل إزالة كل العقبات أمام هذه المسائل، مشكلات الإقليم جزء من المشكلة العامة التي يعاني منها العراق بسبب التطورات المعروفة لدى الجميع، واتفقنا اليوم على حل كل هذه الإشكالات».
وكشف بارزاني إن الجانبين قررا تشكيل لجنة مشتركة من الخبراء العسكريين والأمنيين لدراسة كيفية مشاركة الإقليم في عملية تحرير الموصل والعمليات المشتركة الآن ومستقبلا، وقال: «نحن ننتظر نتيجة الدراسة التي ستنفذها هذه اللجنة ومن ثم سنصدر القرار النهائي بهذا الصدد»، مؤكدا أنه ليست هناك أي علاقة بين التنسيق العسكري ومسألة الميزانية التي لا يزال دفع حصة الإقليم منها يصطدم بعقبات.
بدوره، قال العبادي: «توجد بيننا وبين الإقليم تفاهمات حول إن مسؤولية تحرير نينوى تقع على عاتقنا جميعا. تمكنا خلال المدة الماضية من تجاوز كثير من العقبات والمشكلات فيما بيننا، ولدينا خطة للتواصل وتصفية كل المشكلات السابقة المتراكمة بين الجانبين، وهناك توجه لمزيد من العلاقات الإيجابية». وتابع: «اليوم (أمس) اتفاقنا على التعاون المطلق. اتفقت مع رئيس الإقليم والقادة الآخرين على فتح كل أبواب التعاون بين الطرفين في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، لأن مصيرنا واحد ضمن العراق الموحد، وعدونا يستهدفنا جميعا، كما شاهدنا في معارك الموصل وديالى وكركوك»، مضيفا: «حاليا لا توجد مشكلة حول الموازنة مع الإقليم، أموال الموازنة العراقية غير كافية للجميع، وأنا أعلم أن الإقليم غير راض عن موازنته، وهذا حال كل المحافظات العراقية».
وحول ملف النازحين، بيّن العبادي أن «إقليم كردستان أدى واجبه في استقبال النازحين وتقديم الخدمات لهم، كذلك الحكومة الاتحادية خصصت الأموال للنازحين من خلال اللجنة العليا الخاصة بهذا الموضوع. نحن نهتم بإعانة النازحين، لكن أهم إعانة هي إعادتهم إلى مناطقهم».
وأشار العبادي: «مجيئنا إلى أربيل هو من أجل التعاون والتنسيق حول خطة مشتركة لتحرير أهل نينوى، وليس للحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم أي مصلحة في التجاوز على أراضي نينوى، وسنعمل على تحرير أهل نينوى وأرضها وجميع مكوناتها». ورأى أن تنظيم داعش «يتجه نحو الانهيار والانكسار، وهذا ما شاهدناه في تكريت، ذابوا كفص الملح، ولم يقاوموا المقاومة التي كنا نتوقعها».
وأدان العبادي كل التجاوزات على أملاك وحقوق المواطنين وعلى كل شيء يمت بصلة إلى الدولة. وقال: «في هذا السياق، تابعنا المسيئين الذين يسيئون إلى القوات الأمنية والحشد الشعبي، وتم اعتقال بعض الأشخاص المتورطين في ذلك، وسلموا إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل»، مطمئنا في الوقت ذاته مواطني الأنبار ونينوى والمناطق الأخرى الخاضعة لتنظيم داعش، بأن «الحكومة تحترم المواطنين ولن ترضى بالتجاوز على ممتلكاتهم وأرواحهم، وسنسعى لحمايتها».
وأوضح سعد الحديثي، المتحدث الرسمي باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهدف الرئيسي لهذه المرحلة هو تحرير المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، اتفق الطرفان على أن هذا الأمر يحتل أولوية، وبحث الجانبان ضرورة ترتيب الأوضاع الأمنية والإنسانية والخدمية في محافظة نينوى بعد تحريرها، وهذا الأمر هو الأساسي، وبالتأكيد هناك مسارات أخرى لمعالجة المشكلات والنقاط الخلافية فيما يتعلق بالمناطق التي سميت في الدستور بالمناطق المتنازع عليها، وهذه النقاط لا تزال تخضع للبنود الدستورية والتوافق بين القوى السياسية المختلفة في العراق».
في غضون ذلك، قال اللواء صلاح فيلي، المسؤول في وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان، لـ«الشرق الأوسط»: «اللجنة التي ستشكل بين الطرفين والخاصة للتعاون بشأن عملية الموصل يجب أن تنسق بشأن مسائل نوعية الحرب والأسلحة والأعتدة والقوات المشاركة، إلى جانب وضع الخطة الخاصة بالمعركة»، مشددا على أن «تسليح قوات البيشمركة بالأسلحة الثقيلة والعجلات المدرعة، هو واحد من شروط الإقليم للمشاركة في تحرير الموصل، لأن قوات البيشمركة تنتشر غالبية الجبهة، ولهذا من الواجب تسليح قوات البيشمركة بهذه الأسلحة».
وتوقع فيلي أن تنطلق عملية تحرير الموصل من الإقليم، وأضاف: «أتصور أن تنطلق القوات العراقية من محور الكوير باتجاه القيارة جنوب الموصل اختصارا للوقت الذي ستحتاجه هذه القوات للوصول إلى جنوب الموصل من محافظة صلاح الدين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.