آشوريون ينجون من مجزرة بعد تفجير «داعش» كنيسة تل نصري

البطريرك السرياني في الحسكة لتفعيل جهود الإفراج عن المخطوفين وطمأنة الأهالي

آشوريون ينجون من مجزرة بعد تفجير «داعش» كنيسة تل نصري
TT

آشوريون ينجون من مجزرة بعد تفجير «داعش» كنيسة تل نصري

آشوريون ينجون من مجزرة بعد تفجير «داعش» كنيسة تل نصري

نجا الآشوريون في قرية تل نصري بمحيط بلدة تل تمر شمال شرقي سوريا، أمس، من مجزرة، نتيجة تفجير تنظيم «داعش» كنيسة «السيدة العذراء» التي عادة ما تستقطب في عيد الفصح مئات المسيحيين الذين يتوافدون لإحياء المناسبة، كما قالت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان في سوريا أمس.
وأفاد مراقبو الشبكة الموجودون في مدينتي الحسكة والقامشلي، أن التنظيم الذي كان يسيطر على البلدة منذ 7 مارس (آذار) الماضي ويتمركز داخل مبنى الكنيسة، زرع محيط البلدة بالألغام المتفجرة لمنع «القوات المشتركة» من دخولها، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى في صفوف هذه القوات أثناء محاولتها الدخول إلى البلدة صباح أمس.
وتضاعفت معاناة الآشوريين في منطقة حوض الخابور نتيجة نزوحهم عن قراهم، والاستمرار في احتجاز 200 منهم كان اختطفهم تنظيم «داعش» في فبراير (شباط) الماضي، وهو ما دفع البطريرك السرياني افرام الثاني كريم للتوجه إلى مدينة الحسكة أمس، كما قال الباحث في شؤون الأقليات سليمان يوسف لـ«الشرق الأوسط»، وسط معلومات عن أن البطريرك «يتابع هذه القضية بشكل حثيث، ويتواصل مع شيوخ العشائر العربية التي تتواصل مع (داعش)، بهدف حثها على مضاعفة جهودها والضغط على (داعش) لأجل الإسراع في الإفراج عن المخطوفين الآشوريين».
وقال يوسف إن «الآشوريين لا يزالون متخوفين من العودة إلى ديارهم، بدليل عدم عودة أي من النازحين اليها»، مشيرا إلى أن «احتمالات عودة مقاتلي (داعش) لا تزال كبيرة، في ظل غياب قوى عسكرية حقيقية (سورية أو دولية) على الأرض، قادرة على التصدي لـ(داعش) ومنعه من احتلال القرى مرة أخرى»، لافتا إلى أن النازحين من قرى الخابور إلى القامشلي والحسكة «وضعوا في منازل جاهزة، وتم تأمين كثير من حاجاتهم الإنسانية والإغاثية، فيما وصل بعضهم إلى لبنان استعدادا لطلب الهجرة إلى أميركا وأوروبا».
وأوضح يوسف أن الجيش السوري النظامي لم يتدخل بشكل فعلي وجدي في معارك تل تمر والقرى الآشورية مع «داعش»، منذ اندلاعها قبل شهرين، رغم أن هذا الجيش لا يبتعد أكثر من 10 كيلومترات عن هذه القرى.
وقال يوسف إن تنظيم «داعش» الذي يخوض معارك ضد مقاتلين أكراد وآشوريين في منطقة تل تمر في محافظة الحسكة في شمال وشرق سوريا، «كان يعد لمذبحة كبيرة بحق الآشوريين المسيحيين يوم عيد الفصح، لو عاد الأهالي إلى القرى وأحيوا المناسبة في هذه الكنيسة»، موضحا أن التفجير الذي استهدف كنيسة «السيدة العذراء» في قرية تل نصري الآشورية تم «عبر لغم زرعه مقاتلو التنظيم داخل الكنيسة قبل انسحابهم منها». وأفاد ناشطون مسيحيون بأن «شدة الانفجار شكلت غمامة من الدخان والغبار غطت سماء المنطقة امتدت إلى بلدة تل تمر القريبة».
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أفاد بسماع دوي انفجار في منطقة الكنيسة في محيط بلدة تل تمر، في حين شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من القرية.
وتعد الكنيسة من كبرى الكنائس الآشورية في قرى سهل الخابور. وخلت قرية تل نصري وجميع القرى الآشورية من سكانها الذين نزحوا منها بعد تقدم تنظيم «داعش» في فبراير الماضي. ويشهد محيط تل تمر منذ أسابيع اشتباكات بين تنظيم «داعش» من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردي مدعومة بقوات حرس الخابور والمجلس العسكري السرياني من جهة أخرى. وتمكن الأخير من التقدم بشكل بطيء في محيط القرية، نتيجة لقيام التنظيم بتلغيم أجزاء من القرية وأطرافها وزرع عبوات ناسفة في المنطقة.
ونتيجة للمعارك، أفاد ناشطون بانسحاب مسلحي «داعش» من غالبية القرى الآشورية على نهر الخابور التي كان قد اجتاحها في نهاية شهر فبراير الماضي، بعد اشتباكات ومعارك بين القوات المشتركة (كردية - آشورية) من جهة، ومسلحي «داعش» من جهة ثانية الذين ما زالوا يتحصنون بشكل أساسي في قرى تل شميرام ومغميش ومحيطهما.
وفي السياق، لا يزال مصير أكثر من مائتي آشوري مخطوفين لدى تنظيم «داعش» مجهولا، كما قال يوسف لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أنه «من المتوقع أن يفرج (داعش) عنهم بعد اكتمال انسحابه من القرى الآشورية، بعد الإفراج عن 20 مختطف آشوري قبل أسابيع دون مقابل واستجابة من (داعش) لوساطات»، لافتا إلى أن «ما يعزز الأمل هو عدم تسريب أخبار عن قتل أو ذبح الآشوريين المخطوفين، كذلك بالنظر إلى استمرار وساطة وتدخلات شيوخ عشائر عربية مع (داعش) لأجل الإفراج عن الآشوريين».
وتعد منطقة حوض الخابور معقل الآشوريين في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، ويقطنها أكثر من 25 ألف آشوري نزحوا من قراهم بعد سيطرة «داعش» على القرى الواقعة غرب ضفة نهر الخابور في فبراير الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.