«رسوم الأراضي» في السعودية تهوي بثلث الطلب وتضخ ملايين الأمتار

عقاريون: سد الثغرات وإيجاد سجل منفرد لكل أرض لمراقبة تحركاتها سيحد من التلاعب

«رسوم الأراضي» في السعودية تهوي بثلث الطلب وتضخ ملايين الأمتار
TT

«رسوم الأراضي» في السعودية تهوي بثلث الطلب وتضخ ملايين الأمتار

«رسوم الأراضي» في السعودية تهوي بثلث الطلب وتضخ ملايين الأمتار

تطغى التحفظات والهدوء الكبير على حال القطاع العقاري السعودي بعد مرور الأسبوع الأول من فرض قرار الرسوم العقارية رغم عدم تطبيقه بعد أو حتى إقرار صيغته، إذ إنه فور صدور القرار هبط أداء السوق لأكثر من الثلث مقارنة بالفترة التي سبقت صدور القرار، وهي نسبة كبيرة ستؤثر حتما على الأسعار على المدى البعيد، خصوصا أن القطاع ظل يعاني ومنذ سنوات من انخفاض الطلب رغم وفرة العرض بسبب ارتفاع الأسعار.
وعلى الرغم من أن نسبة انخفاض الطلب وانخفاض الصفقات لأكثر من 39 في المائة، صاحبها زيادة في العرض بحسب المؤشرات العقارية التي نشرت بياناتها في وقت سابق، فإنها لم تنعكس على الأسعار بالشكل المطلوب أو بحسب ما تملي عليه قاعدة العرض والطلب، مما يعني أن القطاع يسير وفق الأهواء وبحسب ما يراه كبار المستثمرين الذين يتحكمون بالسوق، لأنه، وبحسب ما ذكر مهتمون عقاريون، أنه من الواجب أن تنخفض الأسعار مصاحبة للعرض، إلا أنهم أكدوا أن هناك انخفاضا على المدى القريب وبالتحديد قبيل تطبيق الرسوم بوقت.
وقال محمد السعيدان المستثمر العقاري، إن «القطاع وحتى هذه اللحظة لم يتأثر بالقرار من ناحية فرض الأسعار على الرغم من مفاجأة القرار، وإن هناك تحفظات كبرى من ناحية الحركة العقارية، حيث يلاحظ أنها تلامس مستويات جديدة من الانخفاض لم تلامسها منذ سنة ونصف السنة، وبالتحديد منذ أواخر عام 2013، مما يجعل السوق تسجل مستويات جديدة من النزول لم تبلغها منذ زمن طويل، وبالتالي ستنعكس على الأسعار آجلا غير عاجل، خصوصا أن القطاع العقاري قطاع ضخم لا يمكن أن يتأثر بشكل فوري أو سريع مثل سوق الأسهم التي تجدها متقلبة في الدقيقة الواحدة».
ولفت إلى أن من يرى أن القطاع سينهار فهو واهم وقد يحقق انخفاضات كبيرة، لكن لن يصل إلى مرحلة الانهيار الكلي كما يروج له البعض.
وحول النسبة المتوقعة للانخفاض، كشف السعيدان أنها مبهمة حتى الآن، إلا أنه يتوقع أن تراوح 15 في المائة لتصل إلى 40 في المائة بحسب المعطيات والعرض، لافتا إلى أن التحديد الصحيح للنسبة سيظهر فور إعلان النسبة وموعد تطبيق القرار، وأن هذا الأمر سيكون الفيصل في تحديد حال السوق، إلا أنه يعتقد أن ترك النسبة مجهولة سيزيد من توتر العقاريين الذين يجهلون حتى الآن النسبة المقترحة، إذ كلما ارتفعت النسبة كلما انخفضت الأسعار، كما أن هناك أمورا أخرى تؤخذ في الحسبان مثل طريقة فرض الرسوم وتضييق الخناق على المتلاعبين ومحاربة تدوير الأراضي.
وسجلت السوق العقارية المحلية أدنى معدل لقيمة للصفقات الأسبوعية منذ 29 أغسطس (آب) 2013، لتستقر عند أدنى من 4.9 مليار ريال (3.1 مليار ريال قيمة صفقات القطاع السكني، و1.8 مليار ريال قيمة صفقات القطاع التجاري)، منخفضة خلال الأسبوع الماضي بنحو 38.5 في المائة، متأثرة بموافقة مجلس الوزراء على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، التي صدرت يوم الاثنين الماضي، بتاريخ 23 (مارس 2015).
من جهته، أكد ياسر المريشد الذي يمتلك شركة عقارية، أن الانخفاض آت لا محالة، بدليل الارتفاع الكبير في العرض الذي شهده القطاع خلال الأيام الماضية فور صدور القرار، حيث أكد أن هناك عروضا سجلت خلال الفترة الأخيرة لم تبلغها السوق منذ سنوات طويلة، مما يعكس تخوفا حقيقيا لدى المستثمرين، وقد يجري إغراق السوق بالمعروضات التي تزيد على مئات الملايين من الأمتار التي كانت محتكرة منذ عهد طويل، مما يعني أن العرض سيزيد أضعاف ما هو عليه، الأمر الذي سينعكس لا محالة على الأسعار التي يحاول كبار المستثمرين الإيهام بأنها لم تتأثر، إلا أن الأيام المقبلة كفيلة بأن تظهر السوق على حقيقتها، خصوصا في ظل توالي القرارات الحكومية التي تضيق الخناق على المستثمرين الذين يقاومون بكل قوتهم لبقاء الأسعار مرتفعة.
وأضاف: «إقرار النظام من دون إبداء أي تفاصيل ساعد في زيادة التوتر وانخفاض الإقبال لهذا المستوى، وأن القطاع العقاري يعاني أصلا من إشاعات ومؤشرات لانخفاض الأسعار منذ زمن، إلا أن فرض الرسوم يعتبر برهانا قادما على نزول حقيقي في الأسعار، إلا أن تطبيقه هو المعيار الأكثر تأثيرا من مجرد إقرار قرار على ورق».
واقترح المريشد أن تكون الرسوم مختلفة بحسب امتلاك الشخص للمساحات، فكلما كبرت المساحة زادت القيمة، لإجبار المتعنتين النائمين على مئات الآلاف من الأمتار منذ عقود طويلة، على التخلي عنها وزيادة ميزان العرض لأكثر مما هو عليه، مما يجبر الأسعار على الانخفاض، مستشهدا ببعض المخططات التي تقع وسط المدن ولم ينشأ على أراضيها أي مشروع سكني منذ أن أوجد الله الأرض، مما يوضح مدى استفحال الموضوع لدرجة لا يجب السكوت عنها.
هذا وانخفضت على مستوى إجمالي مبيعات السوق للعقارات الأسبوعية بنحو 29.8 في المائة، لتستقر بنهاية الأسبوع عند 5443 عقارا مباعا (4749 عقارا مباعا في القطاع السكني بنسبة انخفاض 28.3 في المائة، 694 عقارا مباعا في القطاع التجاري بنسبة انخفاض 38.5 في المائة).
وانخفضت أيضا على مستوى إجمالي صفقات السوق الأسبوعية بنحو 24.2 في المائة، مستقرة عند مستوى 5294 صفقة عقارية (4672 صفقة عقار في القطاع السكني، بنسبة انخفاض 24.3 في المائة، و622 صفقة عقار في القطاع التجاري بنسبة انخفاض 23.4 في المائة).
وفي صلب الموضوع، حذر فهاد الفصام، الخبير العقاري، من احتواء القرار الجديد على ثغرات يستطيع المتحايلون استغلالها والتهرب من دفع الرسوم، لافتا إلى أن هذا الأمر سيؤثر بشكل كبير على نتائج القرار، موضحا أنه يجب أن يدفع الرسوم الجميع دون استثناء.
وأوضح أن هناك كثيرا من السيناريوهات التي يتداولها العقاريون للتهرب من دفع هذه الرسوم كاحتسابها أراضي زراعية أو أراضي قائمة تحت الإنشاء، وأن وزارة الإسكان يجب أن تكون واعية إلى حد كبير للتلاعب الذي قد يحصل مستقبلا للتهرب من دفع الرسوم، خصوصا مجال تدوير الأراضي بين التجار وهو السيناريو الأقرب إلى التطبيق مقترحا على «الإسكان» أن تنسق مع وزارة العدل لحصر تنقلات الأراضي وإمدادها بالأسعار لتلافي عمليات التدوير التي من المؤكد أنها ستحضر وبقوة عند تطبيق القرار.
وأبان أن وجود سجل لكل أرض يوضح أصحابها وأسعارها وقيمة انتقال ملكياتها في سجل قريب من هياكل السيارات، أمر مهم يوضح سيرة الأرض وأسعارا للقضاء على احتمالية أي تلاعب قد يحصل، من شأنه أن ينعكس بشكل سلبي على انخفاض الأسعار وهو الجوهر الحقيقي لفرض رسوم الأراضي البيضاء.
ومن المتوقع أن يضخ القرار عشرات الملايين من الأمتار التي كانت متوقفة منذ سنوات، الأمر الذي سيدفع بميزان العرض إلى تحقيق فائض كبير، مما ينعكس إيجابا على الأسعار، ولاقى القرار ترحيبا شعبيا كبيرا، عبروا عنه في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إن توفير السكن من أولويات المواطنين الذين يعتبرون ملف الإسكان من أهم الملفات التي تواجههم في الحياة، إلا أن فرض الرسوم كان حدثا غير اعتيادي على مسامع القطاع العقاري الذي وصل إلى مستويات جنونية من الارتفاع، ويعتبر هذا القرار، بحسب تأكيدات مهتمين بالشأن العقاري، أحد أهم القرارات التي شهدها القطاع عبر تاريخ السوق العقارية السعودية.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».