{أنصار الله} يشنون حملة اعتقالات ضد قيادات سياسية وأئمة المساجد والمؤذنين في الحديدة

الإصلاحيون يدفعون ثمن قرار قيادتهم السياسية لتأييدها عملية «عاصفة الحزم» بالاعتقالات

مسلحون من {الحراك الجنوبي} يأخذون أماكنهم في إحدى نقاط المواجهة مع الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مسلحون من {الحراك الجنوبي} يأخذون أماكنهم في إحدى نقاط المواجهة مع الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

{أنصار الله} يشنون حملة اعتقالات ضد قيادات سياسية وأئمة المساجد والمؤذنين في الحديدة

مسلحون من {الحراك الجنوبي} يأخذون أماكنهم في إحدى نقاط المواجهة مع الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)
مسلحون من {الحراك الجنوبي} يأخذون أماكنهم في إحدى نقاط المواجهة مع الحوثيين في عدن أمس (أ.ف.ب)

شنت جماعة الحوثي المسلحة حملة اعتقالات واسعة النطاق في جميع المحافظات اليمنية، واعتقلت العشرات من القيادات وأعضاء حزب التجميع اليمني للإصلاح من داخل المساجد والمنازل، بسبب إصدار الأمانة العامة للإصلاح بيانها التي أعلنت فيه تأييدها لعملية «عاصفة الحزم» التي تنفذها قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ضد المقار العسكرية لجماعة الحوثيين المسلحة والرئيس السابق علي عبد الله صالح، بالإضافة إلى عمليات اعتقال عدد من الصحافيين والناشطين، وآخرها اختطاف الصحافي محمود طه من منزله في محافظة عمران، واقتياده بسيارة إلى مكان مجهول، ورئيسي الدائرة السياسية لحزب الإصلاح بصنعاء وإب.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن «المسلحين الحوثيين اقتحموا، أمس، منزل عبد الله صعتر، أبرز قيادات حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين)، ورئيس الدائرة السياسية للحزب محمد الأسول، وجمعية الإصلاح باعتبارها ذراعا خيرية لنشاط الإخوان الذين يستهدفهم الحوثيون، والمقار الحزبية الخاصة بهم، والعشرات من أعضاء حزب الإصلاح داخل صنعاء والحديدة وإب، بالإضافة إلى اعتقالهم رئيس الدائرة السياسية في محافظة إب أمين الرجوي».
وأكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن المسلحين الحوثيين يشنون حملة تحريض واسعة ضد قيادات وأعضاء الإصلاح في محافظات الحديدة وعمران وتعز وإب، وذلك بعد أقل من يوم من إعلان حزب الإصلاح دعمه لعملية «عاصفة الحزم»، بالإضافة إلى ملاحقة واعتقالات طالت جميع قيادات وأعضاء الحزب واقتحام المقرات والجمعيات الخاصة بالإصلاحيين.
وفي الوقت الذي تستمر فيه جماعة الحوثي المسلحة في قمع المظاهرات المناوئة لهم في محافظة الحديدة، غرب اليمن، أقدمت الجماعة، أمس، على اقتحام عدد من المساجد واختطاف عدد من قيادات وأعضاء التجمع اليمني للإصلاح، ومنهم خطيب ساحة التغيير في مدينة الحديدة وإمام مسجد عثمان بن عفان الشيخ عبد الملك الحطامي، بعد اختطافه من منزله وترويع عائلته واقتياده إلى مكان مجهول، بالإضافة إلى اقتحام جامع عباد الرحمن بحي غليل في مدينة الحديدة قبل خروج المصلين من صلاة العشاء، واختطفت الجماعة مؤذن الجامع محمد عايش، ولا يعلم مصيرهم حتى الآن.
وقال عضو الدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح والمتحدث باسم الإصلاح عبد الملك شمسان، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح يقومون بحملة تصعيد إعلامي وتحريض ضد الإصلاحيين، فهناك استهداف لقيادات سياسية وعمليات خطف نوعية، وربما يعتقد الحوثيون وصالح أنهم قد يستخدمونهم كرهائن في معركتهم خاصة إذا كانت هناك معركة فعلية، ويريدون توصيل رسائل بأن (الإصلاح) يتحمل الآن كلفة كبيرة بسبب اتخاذ قراره بتأييد عملية (عاصفة الحزم) كحزب سياسي اتخذ موقفا سياسيا».
وأضاف «الاعتقالات التي تقوم بها جماعة الحوثي المسلحة في تزايد مستمر، ويبدو أن هناك تصعيدا من جماعة الحوثيين المسلحة ضد قيادات وأعضاء وشباب التجمع اليمني للإصلاح بشكل غير عادي، فهناك أيضا تصعيد في نشر المسلحين على قضية محمد قحطان، عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح وممثل الإصلاح في الحوا».
وأكد المتحدث باسم الإصلاح، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك دوافع وأهدافا متعددة ومتداخلة بالنسبة للتصعيد الحوثي خلال هذه الأيام، وهدفه الرئيسي توجيه رسائل للإصلاحيين بأنكم انتم الآن تدفعون ثمن قرار قيادتكم السياسية بتأييدها لعملية (عاصفة الحزم) التي تشنها قوات التحالف بقيادة السعودية، والهدف من التصعيد أيضا خلخلة حزب التجمع اليمني للإصلاح وشق صفوفه، إضافة إلى إشباع النزعة العدوانية عند الحوثي، وهي متأصلة فيه، وهي التصعيد بشكل خاص ضد (الإصلاح) بالتحديد، وهو ما يتم الآن من خلال الاستهداف الميداني لكل شباب وقيادات (الإصلاح)».
وأشار شمسان إلى أن «الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي المسلحة يحاولون خلخلة التحالف العربي الإسلامي من خلال طرق بعض النوافذ الخليجية التي كان صالح والحوثيون يتلقون منها الود تحت لافتة الحرب على (الإصلاح) خلال السنتين أو السنوات الثلاث الماضية عندما كانت هناك مشكلة لدى بعض النوافذ الخليجية من الإسلاميين».
وقالت بعض أسر قيادات وأعضاء حزب التجمع اليمني للإصلاح، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن جماعة الحوثي المسلحة تبحث عن عائليها غير الموجودين في محاولة لاعتقالهم، كما اعتقلت بعضا منهم بسبب تأييدهم لعملية «عاصفة الحزم» خصوصا بعد خطبة الجمعة التي قالوا عنها إن الخطباء لم يستمعوا لأوامر المسلحين الحوثيين الذين طالبوهم بالدعاء ضد المملكة العربية السعودية وقوات التحالف.
وطلب سكان محليون في محافظة الحديدة، عبر «الشرق الأوسط»، من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي «ضرورة تجهيز قيادة عسكرية ميدانية تتكون من جميع المكونات القبلية والجيش والمكونات السياسية والشعبية المؤيدة لحملة (عاصفة الحزم)، وتأكيد وقوفها مع شرعية الرئيس هادي، ودعم الشرعية في اليمن، وذلك للخروج من الأزمة والأوضاع الأمنية الهشة التي تشهدها البلاد بسبب الانقلابيين الحوثيين والتي قد تستمر لمدة أطول، مما سيضع اليمن أمام منزلقات خطيرة خصوصا في تردي الأوضاع الإنساني، وما تشهده محافظة عدن، جنوب البلاد، من قطع الماء والكهرباء عن المواطنين».
وأكد السكان المحليون ضرورة تسليح وتمويل أعضاء حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن) لمواجهة الانقلابيين الحوثيين على الأرض، لأنهم هم الحزب الوحيد الذين يمتلك آلاف المقاتلين، لكنهم بحاجة إلى الأسلحة لأنه، بحسب قولهم، لا يمكن لعملية «عاصفة الحزم» أن تنجح في عملياتها دون وجود قوات على الأرض، وأن القوات في اليمن تتمثل بوجود قبائل اليمن وحزب الإصلاح اليمني، الحزم المنظم والقوي الذي تزداد حدة عداواته يوما بعد يوم مع خصومه الحوثيين.
وكان مسلحون حوثيون اقتحموا ساحة «التغيير» بمدينة الحديدة عقب صلاة الجمعة، مستخدمين الرصاص الحي والهراوات ضد المتظاهرين الرافضين لهم والمؤيدين لعمليات «عاصفة الحزم» وشرعية عبد ربه منصور هادي. وأكد شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المسلحين الحوثيين يستمرون في تفريق المظاهرات المناوئة لهم باستخدام الرصاص، وأنهم قاموا باختطاف عدد من ناشطي الحراك التهامي وشباب الثورة واقتيادهم إلى أماكن مجهولة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».