إردوغان يريد استبدال الشرطة بعناصر الأمن الخاص لحراسة المباني العامة

إحالة 54 متهمًا بـ«التنصت» بينهم قيادات أمنية سابقة إلى القضاء

صورة نشرتها وكالة أنباء الأناضول لاستقبال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في القصر الرئاسي أول من أمس
صورة نشرتها وكالة أنباء الأناضول لاستقبال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في القصر الرئاسي أول من أمس
TT

إردوغان يريد استبدال الشرطة بعناصر الأمن الخاص لحراسة المباني العامة

صورة نشرتها وكالة أنباء الأناضول لاستقبال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في القصر الرئاسي أول من أمس
صورة نشرتها وكالة أنباء الأناضول لاستقبال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في القصر الرئاسي أول من أمس

يسعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى إحلال عناصر من الشرطة محل عناصر الأمن الخاص الذين يحرسون المباني العامة بعد الهجومين الداميين اللذين شهدتهما إسطنبول، على ما نقلت الصحف المحلية أمس.
وصرح إردوغان لصحافيين رافقوه في الطائرة لدى عودته من رومانيا مساء الأربعاء: «سأقترح على أصدقائي (الحكومة) أن يلغوا ببساطة عناصر الأمن الخاص». وتابع: «تركيا لديها قوات شرطة، عليها ضمان أمن المحاكم. وينبغي إلغاء شركات الأمن الخاص»، على ما نقلت الصحف، مضيفا: «أعتقد أنه سيكون قرارا تاريخيا».
وكان مقر شرطة إسطنبول قد تعرض، الأربعاء، لهجوم رشاش قبل مقتل المنفذة برصاص قوى الأمن، وقبل ذلك بيوم واحد (الثلاثاء) دخل مسلحان من اليسار المتشدد إلى محكمة في المدينة واحتجزا المدعي العام رهينة لكن العملية انتهت بمقتل الثلاثة بعد تدخل الشرطة.
وتتولى شركة حراسة خاصة حماية المبنيين المفتوحين أمام العامة. وأكد إردوغان أنه يريد أن تحمي الشرطة مباني قصور العدل والمستشفيات وملاعب كرة القدم.
وكان أول نشاط قام به إردوغان أول من أمس استقباله رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بالقصر الرئاسي في العاصمة أنقرة، لبحث عدد من القضايا.
وذكرت مصادر في الرئاسة التركية أن اللقاء بين الطرفين استمر ساعة ونصف الساعة، مشيرة إلى أن الاجتماع يأتي في إطار اللقاءات التي تتم بشكل دوري أسبوعيا بين الطرفين. ولم تشر تلك المصادر إلى أهم النقاط التي تناولها إردوغان وداود أوغلو خلال اللقاء الثنائي الذي جمع بينهما.
من جانب آخر، وفي سياق التشديدات الأمنية التي تشهدها تركيا فقد أرسلت النيابة العامة في أنقرة إلى المحكمة لائحة ادعاء، بحق 54 مشتبها في عمليات تنصت غير قانونية، في إطار التحقيقات بخصوص «الكيان الموازي»، وهو وصف لجماعة فتح الله غولن المتهم بالتغلغل داخل أجهزة الدولة، لا سيما الأمن والقضاء، حسبما ذكرت وكالة الأناضول التركية.
وشملت قائمة المشتبهين، النائب السابق لمدير أمن أنقرة المسؤول عن المخابرات محرم دورماز، والنائب السابق لمدير أمن أنقرة حامي غوناي، والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات زكي غوفن، حيث وجهت لهم تهمة «تشكيل منظمة بهدف ارتكاب جريمة وإدارتها»، فيما وجهت تهمة «الانتماء لمنظمة غير شرعية» إلى 48 من عناصر الأمن.
كما ضمت لائحة الادعاء تهما لكافة المشتبهين، شملت «تزوير وثائق رسمية»، و«انتهاك خصوصية التواصل»، و«انتهاك الخصوصية الشخصية»، و«تسجيل المعطيات الشخصية»، و«الافتراء». كما ضمت اللائحة تهمتي «الانتماء لمنظمة غير شرعية»، و«سوء استخدام المنصب»، لثلاثة موظفين في هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية، فيما أسقطت النيابة التهم الموجهة إلى 15 مشتبها آخرين في إطار التحقيق.
وكانت النيابة أصدرت أمرا بتوقيف 54 شخصا بينهم 51 من السلك الأمني، و3 موظفين في هيئة الاتصالات، بموجب التحقيق في المخالفات التي شابت عمليات التنصت الاحترازية، من قبل شعبة الاستخبارات في مديرية أمن أنقرة، بين عامي 2009 و2013.
جدير بالذكر أن الحكومة التركية تصف جماعة فتح الله غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية بـ«الكيان الموازي»، وتتهمها بالتغلغل داخل سلكي القضاء والشرطة، وفقا لأدلة تم التوصل إليها نتيجة تحقيقات بهذا الخصوص، كما تتهم عناصر تابعة للجماعة باستغلال مناصبها، وقيامها بالتنصت غير المشروع على مسؤولين حكوميين ومواطنين.
ومثل طالب تركي يبلغ من العمر 16 عاما أمام المحكمة أمس في مدينة قونية الواقعة بوسط الأناضول في اتهامات بإهانة الرئيس إردوغان. وألقت الشرطة القبض على محمد أمين التونسيس في ديسمبر (كانون الأول) بعد أن تلا بيانا يهاجم فيه كلا من حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم وإردوغان بسبب مزاعم فساد خلال إحياء ذكرى مقتل جندي تركي على يد إسلاميين في عشرينات القرن الماضي.
وقال التونسيس للصحافيين خارج المحكمة: «المفروض أن أكون في المدرسة في هذه الساعة اليوم، لكنني في المحكمة». وأضاف: «لا أريد أن أحضر للمحكمة كثيرا، أريد تبرئة ساحتي من جميع التهم خلال الجلسة المقبلة. أريد أن أتطلع للمستقبل». وقال المحامي باريس إيسبير إن الفتى سيدفع ببراءته من الاتهامات خلال الجلسة المقبلة في سبتمبر (أيلول). ويجرم قانون العقوبات التركي إهانة الرئيس.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».