إيرانيون يديرون المرحلة الحالية في حرب الشوارع

خبراء عسكريون: عمليات الإنزال البحري حتمية لمواجهة استهداف الحوثيين لمستودعات الغذاء وحرب المدن

يمني يحمل جهاز تلفزيون أثناء نقل أثاثه هربا من صنعاء بعد توغل الميليشيات الحوثية فيها أمس (أ.ب)
يمني يحمل جهاز تلفزيون أثناء نقل أثاثه هربا من صنعاء بعد توغل الميليشيات الحوثية فيها أمس (أ.ب)
TT

إيرانيون يديرون المرحلة الحالية في حرب الشوارع

يمني يحمل جهاز تلفزيون أثناء نقل أثاثه هربا من صنعاء بعد توغل الميليشيات الحوثية فيها أمس (أ.ب)
يمني يحمل جهاز تلفزيون أثناء نقل أثاثه هربا من صنعاء بعد توغل الميليشيات الحوثية فيها أمس (أ.ب)

توقع خبراء عسكريون أن تتجه قوات التحالف خلال الساعات المقبلة لعمليات إنزال بحري، وتأسيس رأس جسر عسكري، للسيطرة على مساحات أكبر في القطاع الجنوبي من اليمن، الذي يشهد تقدما لميليشيات الحوثيين، وذلك بعد أن غيّرت الميليشيات المسلحة استراتيجيتها في مواجهة قوات التحالف، من خلال قصف مستودعات الغذاء والأسلحة، أثناء تقدمهم للمدن الجنوبية، وتحديدا التي تسيطر عليها اللجان الشعبية.
وستساعد عمليات الإنزال، بحسب الخبراء، في تقليص فترة المواجهة مع هذه الميليشيات وتحرير المواقع التي يسيطر عليها الحوثيون، وإيقاف عمليات استهداف مواقع الطاقة والكهرباء، ومستودعات الغذاء، مستشهدين بواقعة الإنزال في القرن الماضي، عندما عمد إليها الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بتأسيس رأس جسر في شواطئ النورماندي والمناطق المجاورة، خاصة ميناء شاربورغ الذي سمح لهم بالتقدم في فرنسا وتحرير أوروبا الغربية والاتجاه إلى ألمانيا.
وأكد الخبراء أن عملية الإنزال ستقضي على تحول الحوثيين وحلفائهم في مواجهة التحالف واللجان الشعبية على الأرض، إذ رصد هذا التحول من بعد اليوم الرابع لعمليات «عاصفة الحزم» لمواقع حيوية تعتمد عليها الميليشيات في شن هجماتها على المدن، وهذا التحول مخطط له من قبل خبراء إيرانيين يمدون هذا الفصيل بالمعلومات وآلية التحرك على أرض الواقع وكيفية إدارة المعارك، خاصة أثناء تحركاتهم صوب عدن والمدن الجنوبية، وتغير الاستراتيجية باستخدام أسلحة مثل القاذفات، والأسلحة الخفيفة.
واتهم العميد ركن أحمد العسيري المتحدث باسم قوات التحالف، في وقت سابق، الميليشيات الحوثية باستهداف مصنع الألبان ومعسكر «المجرش» في حرض، عبر قذائف الهاون وصواريخ من نوع (كاتيوشا)، التي يمتلكونها، في محاولة لإيجاد فتنة داخل المجتمع، وهي من الأوراق التي تتبعها التنظيمات الإرهابية في المعارك لكسب ثقة المواطنين في المراحل المقبلة.
وقال الدكتور علي التواتي الخبير العسكري: «تغير خطة جماعة الحوثيين رُصد من اليوم الرابع للضربات الجوية للمراكز الرئيسية لهذا التجمع، الذي أثر بشكل كبير وتحديدا في القطاع الجنوبي، وهو ما دفع هذه الميليشيات إلى التحول في المواجهة المباشرة للدخول للمدن في أسرع وقت بدلا من حصارها، وذلك يخفف عليهم الأعباء ولا يكونون هدفا للعمليات الجوية».
وأضاف التواتي أن التخطيط لهذا التغير الكبير في تكتيك ميليشيات الحوثيين جاء من خلال خبراء إيرانيين، وهو مشابه كثيرا لتكتيكات حزب الله في المواجهات العسكرية، التي تعتمد في حالات الهجمات الجوية الدخول للمدن والاختباء في أنفاق ومواقع سكنية، إلى حين انتهاء الغارات، لافتا إلى أن هذا التكتيك متغير بحسب الحال والضرب الجوي، ففور الانتهاء من الضربة الجوية سرعان ما تغير هذه الميليشيات مواقعها باستمرار بحيث لا يمكن رصدهم في مكان واحد.
وحول ضرب ميليشيات الحوثيين لمواقع الغذاء والطاقة، قال التواتي: «قصفهم لمواقع الغذاء يكون في المناطق التي لا تتبعهم، والتي فيها تملل وكراهية لهم مثل المحافظات الجنوبية وتعز والحديدة، وهم يعلمون أنه ليس لهم وجود شعبي فيها، فيلجأون إلى تحطيم محطات الوفود ومخازن الأغذية، لإثارة الناس وتوليد موجة من الغضب والكره تجاه قوات التحالف، وتحريك الشارع إلى جانبهم بسبب الجوع التي تسببت فيه الميليشيات بضربها هذه المواقع، وهي رسالة من هذه الميليشيات للشعب اليمني بأن ما يحدث الآن من قلة في الموارد الغذائية والطاقة يعود للضربات الجوية من قوات التحالف».
وأكد التواتي أن العمليات التي تستهدف مصانع الغذاء ومولدات الطاقة مخطط لها، والدليل على ذلك ما أعلن من عدة مصادر إعلامية وإنسانية دولية، حول هذا الاستهداف من قبل ميليشيات الحوثيين، ومن ذلك ما تعرض له مصنع الألبان الذي تعرض لضربات بقذائف مورتر وهاون، وليس بقصف جوي، كذلك القذائف التي سقطت على معسكر النازحين الذي تعرض لضربات من الحوثيين، موضحا أن مرحلة لاستدارة على العمليات الجوية التي تتمثل في تقليل إمدادات الطعام للمدن المناهضة لميليشيات الحوثيين، والبحث عن المواقع الآمنة والاستغناء عن الأسلحة الثقيلة التي أصبحت مكشوفة للتحالف.
وشدد الخبير العسكري على أن «الإنزال البحري أصبح حتميا، وأعتقد إن لم يحدث إنزال سريع لعدن خلال الـ24 ساعة المقبلة، وإجبار الميليشيات الحوثية على التراجع، من خلال تأسيس رأس جسر لإنزال كبير مستقبلا وإيجاد قوة ضاربة في القطاع الجنوبي من اليمن، فلا أتوقع أن الحملة ستنتهي قريبا، وذلك لأن القصف الجوي لا يحسم المعارك، خاصة إذا تحولت إلى حروب ميليشيات وعصابات داخل المدن».
ويرى مراقبون أن ما يحدث على أرض الواقع من معارك، والإشارات التي بعث بها المتحدث باسم التحالف، أول من أمس، قائلا: «إن الجيش اليمني النظامي يقاتل بوجود اللجان الشعبية داخل عدن، مع وجود أوفياء للجيش النظامي اليمني، وإن قوة التحالف تتعاون مع الجيش النظامي في اليمن من أجل حرمان الحوثيين من السيطرة على مدينة عدن، كما تعمل على منع الميليشيات الحوثية من الحصول على أي دعم يأتي من خارج عدن»، هي إشارة إلى نية التحالف لاستخدام القوات البرية.
وعن الأوضاع في اليمن يقول محمد الصبري عضو اللجنة المركزية للتنظيم الوحدوي: «إن الحالة الإنسانية مأساوية، إذ لا توجد في مدينة صنعاء والمدن الأخرى المواد الغذائية بشكل كبير يغطي احتياج المواطنين اليمنيين في الفترة المقبلة، إضافة إلى انقطاع تام للتيار الكهربائي بسبب استهداف المحطات الرئيسية»، داعيا الحوثيين وحلفاءهم من أفراد علي عبد الله صالح إلى تسليم السلاح فورا والانضمام إلى المسار السياسي من خلال الحوار مع الأطراف كافة حول مستقبل اليمن.
ولفت الصبري إلى أن الفرصة متاحة للحوثيين للعودة إلى الصواب وتسليم السلاح والجلوس إلى طاولة الحوار لحل القضايا كافة، وفق بنود واضحة تخدم جميع الأحزاب السياسية، مشددا على أهمية أن تكون هناك أجندة واضحة لكل الأحزاب لوقف هذه المعارك.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.