مقاتلون سوريون وفلسطينيون يسعون لطرد «داعش» من مخيم اليرموك

اتهامات لفصائل فلسطينية قريبة من النظام بـ«تسهيل» دخول التنظيم

مقاتلون سوريون وفلسطينيون يسعون لطرد «داعش» من مخيم اليرموك
TT

مقاتلون سوريون وفلسطينيون يسعون لطرد «داعش» من مخيم اليرموك

مقاتلون سوريون وفلسطينيون يسعون لطرد «داعش» من مخيم اليرموك

تضاربت المعلومات حول الوضع داخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق، بعد سيطرة عناصر «داعش» عليه يوم الأربعاء الماضي. ففيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مسلحين فلسطينيين ومقاتلين من المعارضة السورية استعادوا السيطرة الخميس على أقسام كبيرة من المخيم، قال ممثل حركة فتح في سوريا سمير الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات لا تزال محتدمة في اليرموك، لافتا إلى أن الأمور تتجه لصالح تنظيمي داعش وجبهة النصرة.
وشدّد الرفاعي على أن الأطراف الذين يقاتلون عناصر «داعش» داخل المخيم هم من المعارضة السورية مع بعض العناصر الفلسطينية، نافيا أن تكون الفصائل الفلسطينية هي التي تخوض المواجهات، باعتبار أنها توجد في محيط اليرموك وليس بداخله. ورجّح الرفاعي أن يكون «(داعش) قرر دخول المخيم الذي يُعتبر حيا من أحياء دمشق، لاستثمار الموضوع سياسيا والقول إنه بات موجودا في خاصرة العاصمة السورية».
وأشار الرفاعي إلى أن كل المدنيين في اليرموك يلتزمون منازلهم كون الوضع غير آمن على الإطلاق والمقاتلين والقناصة ينتشرون في أرجائه، لافتا إلى أن «الوضع المستجد سينعكس سلبا على الأمن الغذائي للسكان الذين يعانون أصلا نقص المواد الغذائية منذ سنوات». وأضاف: «الفصائل الفلسطينية في سوريا والقيادة الفلسطينية وبالتعاون مع الجهات الرسمية السورية قد تبحث إجلاء المدنيين من اليرموك في حال استمر تدهور الأوضاع».
وأفادت مواقع مقربة من «داعش» و«النصرة» بأن التنظيمين «نجحا في إفشال مخطط تسليم مخيم اليرموك للنظام، وسيطرا على 90 في المائة منه»، لافتة إلى «عناصر من (داعش) أعلنوا من مكبرات الصوت في جامع فلسطين أن كل من قاتل التنظيم هو آمن إذا قام بتسليم نفسه وسلاحه من الآن وحتى أذان المغرب».
وأشار رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق أنور عبد الهادي إلى أنه «تم صد تنظيم داعش إلى أطراف المخيم»، لافتا إلى أن «كتائب أكناف بيت المقدس التابعة لحركة حماس، اشتبكت مع عناصر (داعش) خلال الليل». وأضاف أن 6 أشخاص قتلوا وأصيب 17 آخرون بجروح.
وأهاب «جيش الإسلام» بقيادة زهران علوش بـ«(جبهة النصرة)، الوقوف مع الحق في محاربة (داعش)»، مطالبا عناصر «النصرة» في بيان أن لا يقفوا «حاجزا بيننا وبين الدواعش الذين يرهبون أهلنا في المخيم ويقتلونهم».
من جهتها، أعربت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» عن «قلقها الشديد» إزاء سلامة المدنيين في مخيم اليرموك. وقال المتحدث باسم الأونروا كريس غانيس بأن الوكالة «تُقدر وجود 3500 طفل من أصل 18 ألف مدني يقيمون في مخيم اليرموك»، لافتا إلى أن «المواجهات المسلحة العنيفة تعرّض الأطفال لخطر الإصابة بجروح خطيرة أو الموت».
وأدانت منظمة التحرير الفلسطينية هجوم تنظيم داعش على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا ووصفته بـ«الإرهابي». وقالت أمانة سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، في بيان، إن الهجوم «بمثابة محاولة لإعادة تحويل مخيم اليرموك إلى ساحة حرب يدفع ثمنها أبناء الشعب الفلسطيني لإعادة تهجير أبناء المخيم وتدمير ما تبقى من المخيم».
وفي يونيو (حزيران) 2014، تم التوصل إلى هدنة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة داخل المخيم، ما سمح بتراجع وتيرة المعارك في محيط المخيم، وتخفيف إجراءات الحصار.
واتّهم ناشطون وسكان فلسطينيون من مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق «فصائل فلسطينية موالية للنظام وقوات النظام» بتسهيل مرور مقاتلين من تنظيم داعش.
وقال الناشط الإعلامي علي الولي من داخل المخيم لوكالة «آكي» الإيطالية: «بعد أن فرّ مقاتلو التنظيم، وهم مجموعة صغيرة جدا، من بلدتي يلدا وببيلا جنوب دمشق، تمت محاصرتهم من قبل الثوار في منطقة الحجر الأسود المتاخمة لمخيم اليرموك، وكانوا على وشك الاستسلام، فاضطروا لعقد اتفاق مع الثوار على أن يتم فك الحصار عنهم مقابل عدم غدرهم بالثوار، لكنّ مقاتلي التنظيم قرروا نقض الاتفاقية وبشكل مفاجئ، وحاولوا دخول المخيم، لكن الثوار كانوا لهم بالمرصاد، وأجبروهم على الخروج والتراجع».
ووجه الولي اتهامات لقوات النظام السوري بـ«تسهيل تحرك ودخول مقاتلي التنظيم المتشدد». وأوضح أنه «وفق جغرافية المنطقة في الحجر الأسود والمخيم، من السهولة بمكان التأكد من أن مقاتلي التنظيم مرّوا من مناطق تقع تحت نيران قوات النظام، وتحت نيران ومراقبة قوات فصائل فلسطينية تعمل بالتنسيق مع قوات النظام وبإمرتها، ولم يعترضوهم، خاصة أن تسللهم لم يتم بالليل، ومن السهولة بمكان معرفة من أين يأتي الدعم لهؤلاء المقاتلين».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.