محافظ صلاح الدين لـ {الشرق الأوسط}: سنعيد إعمار تكريت والأولوية لتنظيفها من الألغام

مركز المحافظة بدا مهدما وغير آمن بعد تحريرها من «داعش»

مسجد وسط مدينة تكريت وقد قام مسلحو «داعش» بتدميره إضافة إلى الخراب في المدينة كما بدا أمس (رويترز)
مسجد وسط مدينة تكريت وقد قام مسلحو «داعش» بتدميره إضافة إلى الخراب في المدينة كما بدا أمس (رويترز)
TT

محافظ صلاح الدين لـ {الشرق الأوسط}: سنعيد إعمار تكريت والأولوية لتنظيفها من الألغام

مسجد وسط مدينة تكريت وقد قام مسلحو «داعش» بتدميره إضافة إلى الخراب في المدينة كما بدا أمس (رويترز)
مسجد وسط مدينة تكريت وقد قام مسلحو «داعش» بتدميره إضافة إلى الخراب في المدينة كما بدا أمس (رويترز)

تقع مدينة تكريت (بغداد الشمال) كما يحلو لأهلها تسميتها تيمنا بالعاصمة العراقية، على ضفاف دجلة، دخلها تنظيم داعش في يونيو (حزيران) الماضي وخرج منها قبل 3 أيام ليتركها عبارة عن حطام وخراب ودمار.
«الشرق الأوسط» دخلت إلى المدينة المحررة من سطوة مسلحي تنظيم داعش، المشهد هنا كأنه نسخة مكررة لما جرى لمدينة عين العرب (كوباني): البنايات مهدمة، والجسور محطمة، والشوارع والأحياء السكنية أتت عليها النار والدمار، والأرض مزروعة بالعبوات الناسفة والألغام، والأعلام العراقية تراها في كل مكان ولكنها نصبت فوق أسطح بنايات طالها الدمار بشكل كبير.
رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي النائب حاكم الزاملي الموجود في تكريت قال لـ«الشرق الأوسط» بعد أن «تمكنت قواتنا المسلحة من طرد عصابات تنظيم داعش الإرهابي من تكريت وتحرير المدينة بالكامل من دنس المسلحين تقوم الآن (قوات مشتركة) من الجيش والشرطة ومقاتلي الحشد الشعبي والعشائر العراقية بوضع سيطرات في كل أرجاء المدينة حفاظا على أرواح المواطنين وممتلكاتهم».
وأضاف الزاملي: «هناك جهود مكثفة لفرق الجهد الهندسي في تمشيط أحياء المدينة السكنية وتأمين خلوها من العبوات الناسفة التي خلّفها مسلحو (داعش) قبل هروبهم، حيث تم زرع عشرات الآلاف من العبوات الناسفة والألغام في مناطق متعددة من المدينة، وسنوجه الدعوة للأهالي للعودة إلى منازلهم حال تمشيطها بالكامل». وأشار الزاملي إلى وجود بعض القناصة من مسلحي (داعش) في الجهة الشمالية للمدينة ما زالوا يختبئون في منازل المواطنين «وتقوم قواتنا الآن بمعالجة الأمر والقضاء عليهم بالكامل».
من جهته قال رائد الجبوري محافظ صلاح الدين في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وجهنا الدعوة لكل أعضاء الحكومة المحلية ومجلس محافظة صلاح الدين لعقد الاجتماع الأول في مدينة تكريت ومن بعدها سنبدأ حملة الإعمار وإعداد خطة طوارئ لإعادة بناء المدينة والإسراع في إعادة الأسر النازحة ومسك الأرض».
وأضاف الجبوري أن «رئيس الوزراء حيدر العبادي أكد لنا خلال زيارته لمدينة تكريت فور تحريرها من تنظيم داعش أن هناك خطة مستقبلية للحكومة المركزية بالتنسيق مع الحكومات المحلية للمحافظات المحررة لإعادة إعمار ما دمره (داعش)»، مشيرا إلى أنه «سيتم تسليم الملف الأمني لقوات الشرطة المحلية في محافظة صلاح الدين حيث تمت دعوة كافة المنتسبين للالتحاق بمؤسساتهم الأمنية وستوجد القوات المشتركة التي قامت بتحرير المدينة لفترة معينة فقط إلى أن يتمكن جهاز الشرطة في محافظة صلاح الدين من مسك الأمور الأمنية بشكل تام».
من جهته قال نائب رئيس مجلس محافظة صلاح الدين جاسم محمد العطية لـ«الشرق الأوسط» إن «مدينة تكريت تحتاج إلى حملة إعمار واسعة؛ فقد لحق الدمار والخراب في المدينة ما نسبته 80 في المائة من بنيتها التحتية؛ فجميع المباني الحكومية طالها التدمير والخراب، وهناك دمار هائل وأرقام مخيفة في إحصائيات تم إعدادها لحجم الدمار الذي لحق بالمدينة؛ فشبكات المياه والكهرباء دمرت بالكامل إضافة إلى الضرر الكبير الذي شمل الأحياء السكنية والمرافق الخدمية والجسور والطرقات»، مضيفا أن «مدينة تكريت ستشهد خلال الأيام القليلة المقبلة عودة العوائل النازحة بعد استتباب الأمن فيها ورفع جميع العبوات ومعالجة المنازل المفخخة»، مبينا أن «الحكومة المحلية والشرطة ستكونان في استقبال هذه العوائل بعد توفير كافة المستلزمات الضرورية لتأمين عودة الأهالي».
في غضون ذلك بدأ النازحون من مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، بالفعل العودة إليها بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش.
وتوجهت عشرات العائلات التكريتية الموجودة في محافظة كركوك إلى مناطق سكناها الأصلية في مدينة تكريت بعد غياب عن الدار والجار مدة تجاوزت 10 أشهر. وأعربت تلك الأسر عن فرحتها بالعودة إلى تكريت بينما فوجئ البعض بالدمار الذي لحق بمدينتهم ومنازلهم. أبو ثامر (54 عاما)، أحد النازحين العائدين للمدينة، قال لـ«الشرق الأوسط» والدموع تملأ عينيه: «ما رأيناه من عذاب ونحن في مخيمات النزوح اضطرنا للعودة السريعة لرؤية مدينتنا وبيتنا». وأضاف: «أنا مستعد للسكن في خيمة بأرضي وبمدينتي إن وجدت بيتي محطما. يكفيني أن أكون في تكريت فقط وبين أهلي وجيراني».
وطالب الكثير من المواطنين الحكومة العراقية بالإسراع في استكمال وتهيئة المدينة وسد النقص الذي خلفه الدمار الهائل وتعويض المتضررين من المواطنين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.