المؤتمر العام الـ13 لحركة أمل يجدد انتخاب نبيه بري رئيسًا لها

تقاسم أدوار لدى شيعة لبنان: السياسة لـ«أمل».. والعسكرة لـ«حزب الله»

المؤتمر العام الـ13 لحركة أمل يجدد انتخاب نبيه بري رئيسًا لها
TT

المؤتمر العام الـ13 لحركة أمل يجدد انتخاب نبيه بري رئيسًا لها

المؤتمر العام الـ13 لحركة أمل يجدد انتخاب نبيه بري رئيسًا لها

تطوي «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، 41 عاما على تأسيسها، في لحظة إقليمية حرجة تعزز فيها الانقسام حول دور الشيعة لبنانيا وإقليميا، وسط انخراط تيارات شيعية في الأزمات الإقليمية، بينها، توأمه حزب الله، الذي يتشارك مع «أمل» الاعتراف بـ«أبوية» الإمام موسى الصدر، وهو مؤسس الحركة، للتيارين الشيعيين في المشهد السياسي اللبناني، كما يقول الوزير اللبناني الأسبق كريم بقرادوني لـ«الشرق الأوسط».
لكن الحركة بدت، في مؤتمرها العام الـ13 الذي جددت فيه قياداتها انتخاب بري رئيسا لها، في موقع متمايز إلى حد ما عن موقف حزب الله، لجهة التعاطي مع الأزمة اليمنية. وفي ظل الجدل اللبناني حول هذه الأزمة، نأى بري بنفسه عن الدخول في سجال حول الأزمة، واكتفى بالدعوة إلى «ضرورة إطلاق مبادرة (عُمانية) لجمع الأطياف اليمينية، وحل المسألة سياسيا».
كما جدد بري الذي يتزعم الحركة منذ 35 سنة، إصراره على ثقافة الحوار بين الأطراف المتنازعة لبنانيا وعربيا وإقليميا، «استكمالا لموقفه الداعي منذ بداية الأزمة السورية إلى حلول سياسية»، كما يقول المسؤول الإعلامي في الحركة طلال حاطوم لـ«الشرق الأوسط». وأشار التقرير الصادر عن المؤتمر إلى «الإرهاب التهجيري الذي تمارسه عصابات القتل والإرهاب التكفيري وإلى اجتياحاتها وحروبها ضد الأقطار العربية، وحذر التقرير من أن المخطط المتواصل يهدف إلى تقسيم المقسم في أقطارنا».
وتبدو حركة أمل، في المعادلة اللبنانية، الحالة السياسية الشيعية الموازية لحزب الله الذي تصدر المشهد السياسي منذ حرب 2006، وانخراطه، لاحقا في أزمات المنطقة، على الرغم من أن مسؤول الإعلام المركزي في الحركة طلال حاطوم، يرفض إطلاق وصف «الحالة الشيعية» على «أمل»، قائلا إنها «حالة وطنية»، معتبرا أن مؤسسها، الإمام موسى الصدر، «كان لكل اللبنانيين، وكذلك رئيسها الحالي» نبيه بري.
ويرى بقرادوني، وهو قيادي سابق في حزب الكتائب اللبنانية، وباحث في شؤون الأحزاب اللبنانية، إن «أمل» وحزب الله، «يلتقيان حول الصدر، ويتكاملان عبر توزيع الأدوار فيما بينهما»، موضحا أن الحركة «تمثل اليوم الوجه السياسي للطائفة الشيعية، عبر مكافحة الحرمان الذي يمثله رئيسها، ومتابعته في مشروع الدولة». أما حزب الله «فيمثل الوجه العسكري الذي أخذ على عاتقه دور المقاومة في وجه إسرائيل»، ويقول: «الصورة بينهما، متكاملة، وتكمن في توزيع أدوار متفق عليها، مما يشير إلى عمق التحالف بينهما، ولا يمكن النظر إلى الاثنين في هذه اللحظة، إلا أنهما ولدان لأب واحد، تخاصما طويلا وتفاهما بالعمق، وكل منهما أخذ دوره الطبيعي».
ويقدم رئيس الحركة نبيه بري نفسه، منذ بدء التوتر السياسي في لبنان في عام 2005، إثر اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري، عرّاباً للحوار بين الأطراف، منذ دعوته إلى إطلاق طاولة الحوار في البرلمان في مارس (آذار) 2006، قبل أن تتوقف إثر حرب 2006 بين لبنان وإسرائيل، ليُعاد استكمالها برعاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان عام 2008. ويقول حاطوم: «اليوم يسعى بري لتمكين أواصر الحوار في لبنان لأن تكلفته أقل بكثير من تكلفة القتال».
وتمثل المسعى الأخير لبري في جمع حزب الله وتيار المستقبل الذي يرأسه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، على طاولة حوار واحدة. ويقول بقرادوني إن حزب الله و«أمل»، «كانا عندهما همّ واحد، هو إعادة ربط الحوار مع المستقبل، حتى بروز أزمة اليمن، الذي فرض معادلة جديدة هي الصراع بين إيران والعرب في اليمن»، مشيرا إلى أن هذا التمايز «ينسحب على عدد من اللبنانيين».
ويوضح كريم بقرادوني أن بري، بدعوته لإطلاق مبادرة عمانية للحل في اليمن، «يعني عمليا أنه لازم الصمت»، مؤكدا في الوقت نفسه أن «هناك حوارا يجري خارج الإعلام بين الحزب والحركة في موضوع اليمن، وقد تكون هناك نقاط ووجهات نظر مختلفة حيال القضية، لكن قوة التحالف، تتمثل في أنهم يعلنون ما يتفقون عليه، ويعالجون بالصمت ما يختلفون حوله، وقلما يبرزون خلافاتهم»، معربا عن اعتقاده أن «موضوع اليمن حاليا هو من النقاط التي تعالج بالصمت بينهما، حفاظا على وحدة التحالف».
محلياً، يرى مراقبون أن التفاهم بين «أمل» وحزب الله، عزز موقع الشيعة في المعادلة السياسية اللبنانية منذ الثمانينات. يقول بقرادوني إن بري «استطاع منع تفكك الحركة بعد تغيب مؤسسها، وحولها من حركة شعبية إلى حركة مؤثرة سياسيا»، موضحا أن المعادلة السياسية المحلية اليوم «يعد بري أحد أركانها ولا يمكن أن يمر أي شيء في لبنان من دون المرور عبره». ويوضح أن بري «استطاع أن يفرض الشيعة على كل العهود منذ 1984، وخلق توازنا داخل التفاهمات اللبنانية، وأعطاه التحالف مع توأمه حزب الله، الشيعة، قوة لا يمكن إغفالها ولا يمكن القفز فوقها لا في الحكم المحلي ولا خارجه».
ويشير حاطوم إلى أن التحديات التي تواجه حركة أمل، بعد 41 عاما على التأسيس، لا تزال كما هي، ويضيف: «ربما هناك خصومات سياسية مع أطراف لبنان، لكن العداء محصور للعدو الأوحد وهو إسرائيل»، مشدداً على «ضرورة نبذ الطائفية لأنها بذار يولد إسرائيليات»، كما قال بري في تصريحات سابقة، ولأنها «نقيض للديمقراطية». ويؤكد أن الحركة «على أهبة الاستعداد لحماية عناصر قوتنا والدفاع عن المكونات لأن الشرق غني بالتنوع».
يذكر أنه تولى مؤسس «حركة أمل» الإمام موسى الصدر رئاستها في عام 1974، حتى اختفائه في ليبيا في أغسطس (آب) عام 1978. بعدها، انتخبت قيادات «أمل» رئيس البرلمان اللبناني السابق حسين الحسيني أمينا عاما للحركة، قبل أن تنتخب القيادات بري رئيسا للحركة في 4 أبريل (نيسان) 1980، وما زال حتى اليوم يتجدد انتخابه رئيسا في كل مؤتمر تعقده الحركة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».