تنضم فلسطين اليوم، بشكل رسمي، إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتحصل على عضوية كاملة، وفق ما أعلن سابقا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مما يتيح للفلسطينيين محاكمة مسؤولين إسرائيليين وملاحقتهم، بتهم ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية.
ويحضّر الفلسطينيون ملفين كبيرين، هما ملف الاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المستمر منذ عام 1967، وملف الحرب الأخيرة على قطاع غزة، صيف العام الماضي، والتي انتهت بقتل وجرح آلاف الفلسطينيين.
وقال الدكتور غسان الخطيب، وهو عضو اللجنة الوطنية العليا المكلفة بإعداد الملفات والتواصل مع «الجنائية الدولية»، لـ«الشرق الأوسط»: «غدا (اليوم) نصبح عضوا كاملا في محكمة لاهاي، وعليه يحق لفلسطين تقديم شكاوى ضد إسرائيل.. يحق ذلك للسلطة ولأي مؤسسة أخرى حكومية أو غير حكومية، كما يمكن للمحكمة نفسها فتح تحقيق من دون تقديمنا شكاوى». وأَضاف الخطيب «اللجنة الفنية التابعة للجنة العليا تحضر الآن ملفات الاستيطان والحرب الأخيرة.. القانونيون الفلسطينيون ماضون في إعداد الملفات الكبيرة، وثمة اتفاق على التعاقد مع قانونيين دوليين لإجراء الاستشارات».
وعلى الرغم من أن الخطيب شدد على أن «الأمر أصبح غير قابل للعودة إلى الوراء». لكنه لم يحدد موعدا لتقديم هذه الملفات.
وكانت السلطة الفلسطينية وقّعت على اتفاق «روما» الذي يؤهلها للانضمام إلى المحكمة، بعد فشل تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967 بداية يناير (كانون الثاني) المنصرم، واعترفت باختصاص المحكمة بالنظر في الجرائم التي ارتكبت بدءا من 13 يونيو (حزيران) الماضي، ويسمح ذلك بمعالجة قضية الحرب على غزة التي بدأت بعد ذلك، والاستيطان بوصفه جريمة آثارها مستمرة.
ويفترض أن يمثل وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، فلسطين اليوم، في احتفال خاص يتسلم فيه رسالة الانضمام إلى «الجنائية الدولية»، ويعقد بعده اجتماعا مع المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا. وقال الخطيب إن بنسودا تخطط لزيارة فلسطين والالتقاء مع شرائح واسعة من المجتمع الفلسطيني، لشرح كيفية عمل المحكمة الجنائية وما يترتب على الانضمام إليها.
وتعد المحكمة الجنائية الدولية «هيئة قضائية دائمة ومستقلة تحاكم الأشخاص المتهمين بارتكاب أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، وهي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب». ومع انضمام فلسطين، فإن 123 دولة تكون قد وقعت على معاهدة روما التي لا تضم إسرائيل.
ولا يمنع عدم انضمام إسرائيل إلى المحكمة ملاحقة مسؤولين إسرائيليين عسكريين ومدنيين حاليين وسابقين. لكن الفلسطينيين يواجهون ضغوطا كبيرة لعدم تقديم أي ملف للجنائية الدولية، ضمنها تهديدات أميركية بقطع المساعدات عن السلطة. ويرغب الأميركيون ودول أخرى في منع تصعيد المواجهة السياسية مع إسرائيل التي اختارت الإفراج عن أموال الضرائب هذا الشهر بعد احتجازها لـ3 شهور متتالية، ردا على انضمام فلسطين للجنائية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن القرار الإسرائيلي بالإفراج عن الأموال هذا الشهر أراد توجيه رسالتين «بادرة حسن نية تجاه الفلسطينيين تتزامن مع وصول العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى مرحلة حساسة للغاية، وبادرة حسن نية تجاه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي». وتحدثت صحف إسرائيلية عدة، عن احتمال أن تكون الحكومة الإسرائيلية أفرجت عن الأموال التي جمدت تحويلها للفلسطينيين، مقابل قبول الفلسطينيين عدم تقديم أولى الشكاوى ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية (اليوم). وقال خافيير أبو عيد، وهو متحدث باسم منظمة التحرير «هذه كذبة كبيرة»، مؤكدا «هذه الضرائب لا علاقة لها بمسعانا في المحكمة الجنائية الدولية». وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، أمس، إن فلسطين «ستواصل استخدام كل الوسائل المشروعة الممكنة، من أجل الدفاع عن نفسها ضد الاستيطان الإسرائيلي وغيره من انتهاكات القانون الدولي».
ويعتقد أن يواجه الفلسطينيون كذلك قضايا ضدهم إذا ما تقدموا بشكاوى ضد إسرائيل، إذ يتهم الإسرائيليون حماس ومنظمات فلسطينية باستهداف مدنيين أيضا. والعام الماضي، قال مسؤولو أحزاب إسرائيلية إنهم سيستخدمون قانونيين لإعداد قضايا ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام محكمة لاهاي الدولية، بتهم دعم الإرهاب وتقديم المساعدات للمنظمات الإرهابية التي تحارب إسرائيل.
وفي فبراير (شباط) الماضي أصدرت هيئة محلفين في محكمة في نيويورك قرارا يطلب من السلطة الفلسطينية دفع تعويضات بقيمة 218.5 مليون دولار لضحايا أميركيين، في ست هجمات منفصلة وقعت في إسرائيل بين عامي 2002 و2004. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن رفع مثل هذه القضايا إلى «الجنايات» وجر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى المحكمة، مسألة ممكنة كذلك.
فلسطين عضوًا رسميًّا في «الجنائية الدولية» اليوم
إعداد ملفي الاستيطان والحرب على غزة جارٍ.. ولا موعد محددًا لتقديم الشكوى
فلسطين عضوًا رسميًّا في «الجنائية الدولية» اليوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة