نتنياهو: الاتفاق المزمع توقيعه في لوزان أسوأ بكثير مما كنا نتوقع

الجيش الإسرائيلي يعلن عن تأهبه لوضع ما بعد إيران نووية

بنيامين نتنياهو في اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي أمس (إ.ب)
بنيامين نتنياهو في اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي أمس (إ.ب)
TT

نتنياهو: الاتفاق المزمع توقيعه في لوزان أسوأ بكثير مما كنا نتوقع

بنيامين نتنياهو في اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي أمس (إ.ب)
بنيامين نتنياهو في اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي أمس (إ.ب)

أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، وقائد أركان الجيش، غادي ايزنكوت، توجيهات لجميع الوحدات العسكرية وأجهزة المخابرات، «بالاستعداد لوضع تدخل فيه إيران، رسميا، إلى مجال يسمح لها بأن تكون دولة على عتبة التسلح النووي، ومحررة من غالبية قيود العقوبات». وجاء في تلك التوجيهات، أن «المكانة الجديدة التي ستتمتع بها إيران بعد هذا الاتفاق، سوف تزيل كل الموانع والعوائق أمام نشاطها التآمري العدواني في الشرق الأوسط».
وقال مصدر إسرائيلي عسكري كبير، في حديث نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أمس، إن «التوقيع على الاتفاق بين إيران والقوى العظمى ينطوي على تأثير كبير، مالي وعسكري، على خطة العمل متعددة السنوات التي يفترض بالجيش الإسرائيلي إعدادها حتى شهر يونيو (حزيران) المقبل. وسيحدد الجيش وأجهزة الاستخبارات، القدرات الاستخبارية والعسكرية بشكل يتفق مع احتمال صدور قرار بوقف هذا التهديد في كل وقت».
ورفض المصدر توضيح معنى هذه الخطة، لكنه فسرها قائلا: «لقد كان واضحا منذ الأسبوع الماضي، بعد خروج الوفد الإيراني للتشاور، إن الأميركيين باتوا مستعدين للتوقيع. لكن المشكلة الأساسية التي ظهرت في الأسبوع الأخير، كانت في الأساس، بين القوى العظمى: لقد وجدت الولايات المتحدة صعوبة في إقناع حلفائها، خصوصا فرنسا، باستكمال الصفقة. وعلى الرغم من الخلافات التي تبقت بينهما – مثلا حول قدرة إيران على مواصلة البحث والتطوير النووي – فإن أي مسؤول في إسرائيل، لا يشك في أن الفرنسيين سيوافقون على الاتفاق الذي سيوقع خلال أيام».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد صرح في مستهل جلسة الحكومة العادية، صباح أمس، بأن «الاتفاق فالمزمع توقيعه في لوزان، قد يكون – كما تبدو عليه الأمور حاليا – أخطر مما كنا نعرف ونتوقع». وقال: «وصلت إلى هنا بعد أن التقيت بزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور ماكونيل. وخلال نهاية الأسبوع تحدثت مع زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، السيناتور هاري ريد. وقد سمعت منهما، عن الدعم الراسخ والقوي والمتواصل لإسرائيل، الذي يبديه كل من الحزبين، وهذا بالطبع مهم للغاية. وقد أعربت في محادثاتي معهما عن قلقنا العميق إزاء التسوية المرتقبة مع إيران في إطار المحادثات حول ملفها النووي. وهذا الاتفاق، مثلما تبدو الأمور حاليا، يؤكد جميع مخاوفنا وحتى أكثر من ذلك».
وأضاف: «في موازاة الاتصالات التي تجرى من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق الخطير، يحتل وكلاء إيران في اليمن، أجزاء كبيرة من هذه الدولة، ويحاولون الاستيلاء على مضيق باب المندب الاستراتيجي، مما يغير توازن الملاحة وإمدادات النفط العالمية. وبعد المحور الذي ربط بين بيروت ودمشق وبغداد، تقوم إيران بعملية كماشة أيضا في الجنوب، من أجل الاستيلاء على الشرق الأوسط كله واحتلاله. المحور الذي يربط بين إيران ولوزان واليمن خطير جدا بالنسبة للبشرية ويجب التصدي له وإيقافه».
ووجهت مصادر سياسية وعسكرية في إسرائيل، أمس، انتقادات مباشرة للسياسة الأميركية. وذكرت هذه المصادر، أن «أهم إنجاز بالنسبة للإيرانيين في هذا الاتفاق، هو رفع العقوبات التي فرضت عليهم في مجلس الأمن. فعلى الرغم من أن بعض العقوبات الاقتصادية التي فرضها الكونغرس ستبقى سارية المفعول، إلا أن إلغاء العقوبات التي فرضها مجلس الأمن، يعتبر أهم من ذلك بكثير، فهو عمليا يعيد إيران إلى عائلة الشعوب ويعيد الازدهار إلى تجارة الأسلحة لديها.. اذهبوا واعثروا على المنطق الكامن في السياسة الخارجية الأميركية المنقطعة عن الواقع: إيران لم تتجاوب أبدا مع متطلبات مجلس الأمن، بعدم تزويد المتمردين في اليمن بالأسلحة، وتزويد حزب الله وسوريا والعراق أيضا، أو تزويد حماس – وهذه فقط مجرد قائمة جزئية في الأماكن التي تعمل فيها إيران ضد المصالح الأميركية».
وعددت المصادر نفسها سلبيات الاتفاق، وفقا للصحيفة المذكورة، فقالت: «اللامعقول في الشرق الأوسط يتفشى برعاية أوباما: من يمنع اليوم وصول السلاح الإيراني إلى المتمردين في اليمن؟ إنها ليست الولايات المتحدة أو أوروبا، وإنما الأسلحة الجوية لدول الخليج التي أغلقت المسارات الجوية بين البلدين». كما يبدو استسلمت الولايات المتحدة على جبهات عدة في المفاوضات مع إيران. فيما يتعلق بالأبحاث والتطوير النووي الذي تصر إيران على استمراريته، تستعد الولايات المتحدة للسماح لها بعمل ذلك خلال سنوات عدة. على الرغم من أنه سيتم تقييد عدد أجهزة الطرد المركزي التي سيسمح لإيران باستخدامها، وسيمنعها من استبدال أجهزة الطرد المركزي القديمة بأخرى جديدة، إلا أن إيران تواصل الإصرار على عدم كشف المعلومات حول حجم التطوير النووي العسكري. كما يبدو، فإن فترة الاتفاق ستكون بين 10 – 12 سنة. مع ذلك تم تحديد مواعيد مرحلية يتم خلالها التداول في تقديم تسهيلات أخرى في العقوبات. الاتفاق لا ينطوي على أي ذكر لتطوير الصواريخ الباليستية وتورط إيران في الإرهاب، وكلاهما قد يتواصل من دون أي عائق. وثيقة المبادئ التي ستفتح النقاش حول الاتفاق الدائم بين إيران والقوى العظمى، الذي يفترض توقيعه في يونيو (حزيران) المقبل، يمكن ألا يتم توقيعه بتاتا، وإنما يتم الاتفاق عليه شفويا حسب مطلب الإيرانيين. من جانبه يتحمس البيت الأبيض لطرح اتفاق خطي وموقع أمام الكونغرس، وعرضه كإنجاز يؤخر سباق التسلح الإيراني لمدة سنة – وإيران تستغل ذلك بشكل جيد. وتأمل إدارة أوباما أن تؤدي هذه الخطوة إلى صد القانون الذي يجري العمل على بلورته في الكونغرس، لتشديد العقوبات على إيران وتجميد محاولة المشرعين إجباره على طرح كل اتفاق مستقبلي مع إيران لمصادقتهم عليه. في السطر الأخير: الأميركيون يمسكون بين أيديهم باتفاق سيء لإسرائيل، يوفر الهدوء لإدارة أوباما حتى نهاية ولايته، ولكنه يترك الغيمة النووية تحلق في أجواء الشرق الأوسط لسنوات طويلة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.