السودان يشارك في التحالف.. ووزير الدفاع: السعودية والمناطق المقدسة خط أحمر

وزير الخارجية علي كرتي لـ«الشرق الأوسط»: القرار نبع من حرص الخرطوم على أمن الخليج والإقليم

السودان يشارك في التحالف.. ووزير الدفاع: السعودية والمناطق المقدسة خط أحمر
TT

السودان يشارك في التحالف.. ووزير الدفاع: السعودية والمناطق المقدسة خط أحمر

السودان يشارك في التحالف.. ووزير الدفاع: السعودية والمناطق المقدسة خط أحمر

فاجأ السودان المراقبين بإعلانه المشاركة بقوات برية وجوية في عملية «عاصفة الحزم» التي أطلقتها دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، في وقت أكد فيه وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين، أن القوات السودانية بدأت في التحرك لمناطق العمليات، مشيرا إلى أن السعودية والمناطق المقدسة في مكة والمدينة خط أحمر. وقال حسين، في مؤتمر صحافي عقد بالخرطوم، أمس، إن قواته شرعت في الترتيبات اللوجيستية للمشاركة في العمليات الحربية. وأضاف «سنشارك بقوات برية وبقوات جوية، وقواتنا بدأت الحركة نحو مواقعها في مناطق العمليات، لتكون بجانب القوات السعودية»، واستطرد «بدأنا استعداداتنا وإجراءاتنا، بعد أن بلغنا الأمر أمس - الأربعاء - ليلا، وبدأت العملية الميكانيكية بحركة قواتنا».
وفي إجابته عن سؤال لـ«الشرق الأوسط»، عما إن كان قرار المشاركة في «عاصفة الحزم» سيؤثر على العلاقة مع إيران المتهمة بدعم الحوثيين، في الوقت الذي يحتفظ السودان فيه بعلاقات جيدة معها، اكتفى الوزير حسين بالقول «من دون لف أو دوران، نحن لن نفرط في أمن واستقرار المملكة العربية السعودية، وهو بالنسبة لنا خط أحمر». وقال وزير الدفاع السوداني إنه اتصل على رئيس هيئة الأركان العامة السعودية الفريق أول عبد الرحمن بن صالح وبحث معه الأوضاع التي تمر الآن بالمملكة، وأبدى له استعداد قواته لما سماه «كل عمل يؤمن ويحقق الاستقرار في المملكة العربية السعودية».
وأوضح حسين أن الرئيس السوداني الموجود حاليا في المملكة العربية السعودية في زيارة وصفها بالناجحة، اتصل بهم ليبلغهم بأنه يريد مشاركة القوات المسلحة السودانية في الجهد المبذول لحفظ الأمن والاستقرار في المملكة. وأضاف «كلنا نشهد ما يحدث في العراق، سوريا، ليبيا، لذا نحن حريصون على ألاّ تمتد النيران إلى المملكة العربية مهبط الوحي والرسالة الخاتمة وقبلة المسلمين». وقطع حسين بأن حكومته لم تتردد مطلقا في إعلان موقفها لأنها تعلم شعور الشعب السوداني وموقفه من أشقائه في المملكة، وأن تجاوبها عبر عن نبض الأمة.
من جهته، أكد وزير الخارجية السوداني علي كرتي، لـ«الشرق الأوسط»، أن بلاده انخرطت فعليا في خط المواجهة وانضمت إلى تحالف دول مجلس التعاون الخليجي في حربه ضد الحوثيين، مشيرا إلى أن الطائرات الحربية السودانية بدأت منذ البارحة المشاركة في طلعات جوية ضمن التحالف الخليجي في مواجهة مباشرة مع الحوثيين. وقال وزير الخارجية السوداني «إن قرار السودان الذي يتخذه في هذا الإطار ينبع من حرصه على أمن المنطقة الخليجية عامة والسعودية بشكل خاص»، لافتا إلى أن عمل تحالف دول مجلس التعاون الخليجي ودوره في بسط أمن المنطقة بدأ يتسع تدريجيا، حيث إنه على مدار الساعة هناك طائرات حربية عديدة تمثل أساطيل حربية تنضم لهذا التحالف للعمل جنبا إلى جنب.
ونوّه كرتي بأن السودان انخرط في هذه المواجهة تضامنا مع السعودية والخليج عامة، بحكم القرب الجغرافي والعمق التاريخي للعلاقات الوثيقة بين بلاده ودول مجلس التعاون الخليجي، في ظل الخطر الذي يتهدد المنطقة عموما والسعودية على وجه التحديد. وقال كرتي «عندما اتخذ السودان هذا القرار كان يعلم علم اليقين أن مشاركته في هذه الحرب إنما هي مشاركة لتعزيز الدفاع عن أمن السعودية وأمن السودان وأمن المنطقة الخليجية عموما»، مشيرا إلى أن حكومته اتخذت هذا القرار واضعة في الحسبان كل هذه الحيثيات.
وشهدت الرياض أول من أمس جلسة مباحثات عقدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مع الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير، أكدت عمق العلاقات الثنائية الوثيقة بين البلدين وكيفية تعزيزها مستقبلا، وتحفيز العمل المشترك للم الشمل العربي. وبحث الجانبان خلال اللقاء مستجدات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية، فضلا عن العربية والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا، مؤكدين ضرورة العمل العربي المشترك، وتعزيز الأمن والسلام عربيا وإقليميا ودوليا.
كما التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع رئيس الديوان الملكي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، الرئيس عمر حسن البشير رئيس جمهورية السودان. وتناول اللقاء الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
وكانت زيارات البوارج الحربية الإيرانية لميناء بورتسودان - رست آخرها في ميناء بورتسودان في مايو (أيار) 2014 - واستقبال الجيش السوداني لها أثارا الكثير من التحفظات الإقليمية. وتوجه تقارير دولية اتهامات لإيران بتسليح الجيش السوداني، وبدعم المتطرفين، خصوصا حركة حماس في غزة، وبلغت هذه الاتهامات ذروتها بتدمير مصنع «اليرموك الحربي» بواسطة الطيران الإسرائيلي في أكتوبر (تشرين الأول) 2012.
وكانت السلطات السودانية قد فاجأت المراقبين في سبتمبر (أيلول) بطرد الملحق الثقافي الإيراني وإغلاق فروع المركز الثقافي الإيراني في البلاد. وقالت وقتها إنها تهدد «الأمن الفكري والاجتماعي في البلاد»، بيد أن التحليلات فسرت الأمر بأنه استجابة لضغوط إقليمية على حكومة الخرطوم. وأثارت عمليات رسو البوارج الحربية الإيرانية في الموانئ السودانية حالة من التنازع داخل دوائر الحكم، ففي الوقت الذي اعتبرها فيه الجيش السوداني مساعي لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل للمعلومات بين الجيشين، أبدت الخارجية امتعاضها من الأمر، ونقل وقتها عن الوزير علي كرتي تذمره من الأمر، وقوله إنه علم بدخول تلك البواخر للموانئ السودانية من وسائل الإعلام.
وترجح مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن يكون التنازع بين مؤيدي تمتين العلاقات مع إيران والمحافظة عليها، وأنصار تطوير العلاقات مع دول الإقليم والخليج العربي داخل الطاقم الحاكم، قد حسم لصالح الأخيرين، وهو ما لمح إليه وزير الدفاع في مؤتمره الصحافي الذي عقد أمس بقوله «لن نفرط في أمن واستقرار المملكة العربية السعودية، وهو بالنسبة لنا خط أحمر»، في إجابته عن سؤال الصحيفة على أثر مشاركة قواته في العمليات الحربية ضد الحوثيين.
وأعاد الخبير الأمني اللواء معاش محمد العبّاس، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تراجع العلاقات السودانية الإيرانية إلى نقطة البداية التي تتمثل حسب رأيه في طرد الملحق الثقافي الإيراني وإغلاق المركز، إلى عمل المركز على نشر «المذهب الشيعي»، مما جعل الموقف «السُّني» داخل السودان يربط بين العلاقة مع إيران وانتشار المذهب الشيعي. وأضاف اللواء العباس «السودان حساس جدا في ما يتعلق بالسنة والشيعة، وآل البيت والخلفاء الراشدين، مما خلق موقفا سودانيا عاما ضد إيران».
وقال اللواء العباس إن مزاعم العلاقات القوية بين الجيش السوداني والجيش الإيراني من نواحي التسليح والتدريب، تفندها طبيعة تدريب الجيش السوداني وتسليحه الغربيين، وأضاف «العلاقة التسليحية والتدريبية للجيش السوداني أقرب منها للجيوش الغربية وأعرق، فالجيش السوداني تدرب في كل أنحاء العالم، وأخذ خلاصة التجارب العسكرية لتجعل منه جيشا جيد التدريب».
بينما قال القيادي بحركة «الإصلاح الآن» المنشقة عن الحزب الحاكم في السودان د.أسامة توفيق، لـ«الشرق الأوسط»، إن الموقف السوداني من «عاصفة الحزم» يؤكد انتصار التيار المساند للسعودية والخليج على التيار الإيراني، والذي قال إنه برز بشكل واضح باحتجاج وزير الخارجية علي كرتي على زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للسودان دون علم الخارجية. وأوضح توفيق أن حكومة الإنقاذ أخطأت في حرب الخليج الأولى خطأ جسيما، مما يحتم أن يكون موقف السودان مبدئيا من «الانقلاب على الشرعية في اليمن».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.