تدابير أمنية مشددة قبل الانتخابات العامة في نيجيريا

المرشحان الرئيسيان طلبا من أنصارهما الحفاظ على الهدوء خشية تكرار أعمال العنف

تدابير أمنية مشددة قبل الانتخابات العامة في نيجيريا
TT

تدابير أمنية مشددة قبل الانتخابات العامة في نيجيريا

تدابير أمنية مشددة قبل الانتخابات العامة في نيجيريا

فرضت تدابير أمنية مشددة في نيجيريا أمس مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والنيابية غدا، إذ تتخوف أجهزة الاستخبارات من أن تتخللها اعتداءات انتحارية يشنها مسلحو حركة بوكو حرام الذين هددوا بعرقلتها.
وقالت الحكومة النيجيرية إن المرشحين الرئيسيين لانتخابات الرئاسة وقعا اتفاق سلام قبل الانتخابات العامة يعدان فيه بإجراء الانتخابات سلميا وعدم التحريض على التوتر الديني أو العرقي.
وجاء في الاتفاق الذي وقعه المرشحان وأرسلت نسخة منه بالبريد الإلكتروني: «الآن وقد وصلت الحملات الانتخابية إلى نهايتها نجتمع (اليوم) لتجديد تعهدنا بانتخابات سلمية. ندعو جميع المواطنين في بلدنا الحبيب وأنصار حزبينا إلى الابتعاد عن العنف».
ويخوض الرئيس غودلاك جوناثان، من حزب الشعب الديمقراطي، الانتخابات ضد محمد بخاري، من حزب المؤتمر التقدمي. ووقع اتفاق السلام الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، كما ذكرت حملتا المرشحين الصحافيين بالاتفاق أمس.
وقد أقفلت الحدود البحرية والبرية منتصف ليلة أول من أمس، وأعلنت قوات الأمن أنها اتخذت تدابير خاصة للحفاظ على سلامة الانتخابات التي كانت مقررة في 14 فبراير (شباط) الماضي، لكنها أرجئت بسبب حشد كبير من الجنود لمواجهة بوكو حرام (شمال شرقي البلاد).
ويؤكد الجنود النيجيريون الذين تساعدهم جيوش النيجر وتشاد والكاميرون المجاورة، أنهم تمكنوا في الأسابيع الأخيرة من طرد أعضاء الحركة من معظم مدن هذه المنطقة التي استولى عليها المتمردون في الأشهر الأخيرة.
ولكن جماعة بوكو حرام التي توعدت بعرقلة الانتخابات، أكدت أنها ما «زالت قادرة على زيادة الاعتداءات الانتحارية ضد أهداف سهلة مثل الأسواق ومحطات السفر في الشمال»، ويمكن أن تقرر شن هجمات على مراكز الاقتراع.
ودعت مديرية وكالة الاستخبارات النيجيرية إلى مزيد من اليقظة والحذر غدا في الأماكن المكتظة، قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها.
وقالت المتحدثة باسم «مديرية أجهزة أمن الدولة» مارليلين أوغار في بيان: «نطلب من الناخبين أن يحذروا الأشخاص الذين يرتدون ملابس فضفاضة على مستوى البطن». وأضافت: «فتشوا الأكياس المتروكة والأغراض وسلال المهملات والمحتويات الغريبة وأي شيء مشبوه». وأوصت مديرية أجهزة أمن الدولة بعدم توقيف السيارات والدراجات النارية والدراجات الثلاثية العجلات أمام مراكز الاقتراع، كما أوصت المتاجر والأسواق بالإقفال غدا. وشددت أوغار على «ضرورة الإسراع في إبلاغ عناصر أجهزة الأمن بكل شخص ونشاط وتحرك مشبوه».
وأمر قائد الشرطة النيجيرية في بداية الأسبوع بـ«المنع التام» لجميع السيارات من التنقل السبت باستثناء تلك المستخدمة لـ«مهمات بالغة الأهمية» بين الساعة الثامنة صباحا والخامسة مساء بالتوقيت المحلي. وغالبا ما تشهد المواسم الانتخابية أعمال عنف شديدة في نيجيريا.
وخلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2011، قتل نحو ألف شخص بعد الإعلان عن فوز الرئيس جوناثان على الجنرال السابق بخاري الذي ينافسه هذه السنة أيضا. وتتزايد المخاوف من حصول مواجهات بعد الانتخابات بين أنصار الحزب الديمقراطي الشعبي الحاكم والمؤتمر التقدمي بزعامة بخاري؛ لأن النتائج التي قد يحصل عليها كل منهما تبدو متقاربة.
وذكرت اللجنة النيجيرية لحقوق الإنسان أن «أعمال العنف أسفرت حتى الآن عن نحو 60 قتيلا خلال الحملة، رغم الاتفاق الذي وقعه جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية للمحافظة على الهدوء».
وتعهد أمس أبرز المرشحين، جوناثان وبخاري، من جديد بحمل أنصارهما على الحفاظ على الهدوء، وذلك خلال احتفال شارك فيه رئيس الأساقفة الكاثوليكي في أبوجا جون أوناييكان وسلطان سوكوتو، أعلى سلطة في نيجيريا، في بلد غالبا ما تؤجج فيه الانشقاقات السياسية التوترات الدينية.
ومن جهته، حذر الجنرال كينيث مينيما قائد القوات المسلحة النيجيرية، في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة، من أن «كل من سيحاول التذرع والتسبب في أعمال عنف ستواجهه» قوات الأمن بعنف.
وأكد قائد الشرطة سليمان أبا هذا الأسبوع أن «عناصر الشرطة الذين يخدمون خلال الانتخابات قد تلقوا تدريبات وإرشادات وتعليمات». وسيتم تشديد التدابير الأمنية حول أقلام الاقتراع والأهداف التي تعتبر «سهلة»، كالمصارف والمستشفيات والمباني الرسمية، خشية شن اعتداءات بالقنابل. وفي شمال البلاد، ستجري عمليات تفتيش دقيقة للمخيمات التي يقيم فيها النازحون بسبب أعمال العنف التي تقوم بها بوكو حرام.
وقالت اللجنة الانتخابية إنها أقامت أقلام اقتراع قرب هذه المخيمات وداخلها حتى يتمكن هؤلاء النازحون من الإدلاء بأصواتهم. ولكن العثور في منتصف مارس (آذار) الحالي على متفجرات في مخيم مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، أثار المخاوف من حضور متشددين متسللين يمكن أن يتحركوا يوم الانتخابات.



قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)

يعقد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الأحد، قمة «عادية» تشارك فيها 12 دولة من أصل 15، هم أعضاء المنظمة الإقليمية، فيما يغيب قادة كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي قررت الانسحاب من المنظمة، بسبب موقف الأخيرة من الأنظمة العسكرية التي تحكم هذه الدول، والمحسوبة على روسيا.

ورغم أن هذه القمة «عادية»، فإنها توصف من طرف المراقبين بأنها «استثنائية»؛ بسبب حساسية الملفات التي سيناقشها قادة دول غرب أفريقيا، التي في مقدمتها الملفات الأمنية بسبب تصاعد وتيرة الإرهاب في المنطقة، وملف العلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، والسعي لإقناعها بالتفاوض والتراجع عن قرار الانسحاب.

قرار نهائي

وفيما يسعى قادة المنظمة الإقليمية التي ترفع شعار الاندماج الاقتصادي، لإقناع دول الساحل الثلاث بالبقاء في المنظمة، إلا أن الأخيرة أعلنت، الجمعة، أن قرارها «لا رجعة فيه»، وجدّدت اتهامها للمنظمة الإقليمية بأنها «أداة» تتحكم فيها فرنسا. وتمسّكت الدول الثلاث بالمضي قدماً في تشكيل منظمتها الخاصة، حيث أعلنت قبل أشهر إقامة «تحالف دول الساحل»، وبدأت التحضير لتحويله إلى «كونفيدرالية» تلغي الحدود بين الدول الثلاث، وتوحد عملتها وجواز سفرها، بالإضافة إلى قدراتها العسكرية والأمنية لمحاربة الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة.

قرار انسحاب دول الساحل من منظمة «إيكواس»، يدخل حيز التنفيذ يوم 29 يناير (كانون الثاني) المقبل (2025)، فيما يسعى قادة المنظمة إلى إقناع هذه الدول بالتراجع عنه أو تأجيله على الأقل، بسبب تداعياته الاقتصادية والأمنية على المنطقة.

إلغاء التأشيرة

جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

وقبل انعقاد قمة دول «الإيكواس» بعدة ساعات، أصدرت دول الساحل بياناً قالت فيه إنها قرّرت إلغاء التأشيرة عن مواطني جميع دول غرب أفريقيا، في خطوة لتأكيد موقفها المتمسك بقرار مغادرة المنظمة الإقليمية.

وقالت الدول الثلاث المنخرطة في كونفدرالية دول الساحل، إنها أصبحت «منطقة خالية من التأشيرات لجميع مواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)». البيان الذي قرأه وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، عبر التلفزيون الحكومي المالي، مساء السبت، أكّد أن «لرعايا دول (إيكواس) الحق في الدخول والتنقل والإقامة والاستقرار والخروج من أراضي البلدان الأعضاء في كونفيدراليّة دول الساحل وفقاً للقوانين الوطنية السارية».

ولا يغير القرار أي شيء، حيث إن قوانين منظمة «إيكواس» كانت تنص على الشيء نفسه، وتتيح حرية التنقل والتملك لمواطني الدول الأعضاء في فضاء المجموعة الاقتصادية الممتد من السنغال إلى نيجيريا، وكان يضم 15 دولة قبل انسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

توتر ثم قطيعة

وبدأت القطيعة بين تحالف دول الساحل ومنظمة «إيكواس» عقب الانقلاب في النيجر في يوليو (تموز) 2023، وهو الانقلاب السادس في المنطقة خلال ثلاث سنوات (انقلابان في مالي، انقلابان في بوركينا فاسو، وانقلاب في غينيا)، بالإضافة إلى عدة محاولات انقلابية في دول أخرى.

وحاولت المنظمة الإقليمية الوقوف في وجه موجة الانقلابات، وفرضت عقوبات على مالي وبوركينا فاسو، وهدّدت بالتدخل العسكري في النيجر بعد أن فرضت عليها عقوبات اقتصادية قاسية، قبل أن تُرفع تلك العقوبات لاحقاً.

وتضامنت مالي وبوركينا فاسو مع النيجر، وأعلنت أن أي تدخل عسكري في النيجر يُعدّ انتهاكاً لسيادتها وسيجعلها تتدخل لدعم المجلس العسكري الحاكم في نيامي، لتبدأ مرحلة جديدة من التوتر انتهت بقرار الانسحاب يوم 28 يناير 2024.

قمة لم الشمل

قوات «إيكواس» خلال تأدية مهامها العسكرية في مالي (أرشيفية - رويترز)

من المنتظر أن يُخصّص قادة دول غرب أفريقيا حيزاً كبيراً من نقاشهم للعلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، حيث لا تزالُ المنظمة الإقليمية متمسكة بالطرق الدبلوماسية لإقناع الدول الثلاث بالتراجع عن قرار الانسحاب.

ذلك ما أكده رئيس نيجيريا، بولا تينيبو، وهو الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، حيث أكد الأربعاء أن «الدبلوماسية والحكمة هي السبيل الوحيد لإعادة دمج هذه الدول في المنظمة الإقليمية».

وأشار الرئيس النيجيري إلى أن المجالس العسكرية التي تحكم الدول الثلاث «لا تزالُ مترددة في وضع برامج واضحة لمرحلة انتقالية محددة من أجل تسليم السلطة إلى المدنيين والعودة إلى الوضع الدستوري»، ورغم ذلك، قال تينيبو: «ستستمر علاقة الاحترام المتبادل، بينما نعيد تقييم الوضع في الدول الثلاث». وأضاف في السياق ذاته أن منظمة «إيكواس» ستترك الباب مفتوحاً أمام عودة الديمقراطية إلى البلدان المعنية، مشدداً على أن احترام المؤسسات الدستورية وتعزيز الديمقراطية «هو ما تدافع عنه المنظمة».

مفترق طرق

أما رئيس مفوضية «إيكواس»، أليو عمر توري، وهو الشخصية الأهم في المنظمة الإقليمية، فقد أكّد أن «منطقة غرب أفريقيا تقف عند مفترق طرق غير مسبوق في تاريخها كمجتمع».

وقال توري في تصريحات صحافية، الخميس، إنه «في الوقت الذي تستعد الدول الأعضاء في (الإيكواس) للاحتفال باليوبيل الذهبي لجهود التكامل الإقليمي العام المقبل، تواجه أيضاً احتمالية انسحاب بعض الدول الأعضاء»، وأضاف أنه «من الضروري التأمل في الإنجازات الكبيرة التي حققتها (إيكواس) على مدى العقود الماضية، وكذلك التفكير في مستقبل المجتمع في ظل التحديات السياسية التي تواجه شعوبنا».

وفيما يرفعُ قادة المنظمة الإقليمية خطاباً تصالحياً تجاه دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تواصل الأخيرة في خطاب حاد يتهم «إيكواس» بالتبعية إلى القوة الاستعمارية السابقة (فرنسا).