الرئيس الأفغاني أمام الكونغرس: ممتنون كثيرًا للشعب الأميركي

المشرعون صفقوا له مطولاً لدى حديثه عن التحاق 3 ملايين فتاة بالمدارس في فترة ما بعد 11 سبتمبر

غني يشير بيديه أثناء خطابه أمام الكونغرس فيما كان رئيس مجلس النواب جون بينر ونائب الرئيس جو بايدن يصفقان له أمس (ا.ب.ا)
غني يشير بيديه أثناء خطابه أمام الكونغرس فيما كان رئيس مجلس النواب جون بينر ونائب الرئيس جو بايدن يصفقان له أمس (ا.ب.ا)
TT

الرئيس الأفغاني أمام الكونغرس: ممتنون كثيرًا للشعب الأميركي

غني يشير بيديه أثناء خطابه أمام الكونغرس فيما كان رئيس مجلس النواب جون بينر ونائب الرئيس جو بايدن يصفقان له أمس (ا.ب.ا)
غني يشير بيديه أثناء خطابه أمام الكونغرس فيما كان رئيس مجلس النواب جون بينر ونائب الرئيس جو بايدن يصفقان له أمس (ا.ب.ا)

ألقى الرئيس الأفغاني أشرف غني أمس خطابا أمام الكونغرس توجه فيه بالشكر إلى «الشعب الأميركي» عن تضحياته وخدماته على مدى عقد من الحرب في أفغانستان. وقال غني بعد أن رحب به بحرارة أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب: «نشعر بامتنان كبير للرجال والنساء الـ2315 الذين قتلوا والجرحى الذين يزيد عددهم عن 20 ألفا الذين سقطوا لخدمة بلدكم وبلدنا».
ويعتبر موقف غني مغايرا تماما لموقف سلفه حميد كرزاي الذي توترت العلاقات بينه وبين الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة من ولايته الرئاسية. وقال غني: «قبل كل شيء أود أن أبدأ بشكر الشعب الأميركي الذي كان لدعمه السخي لبلادي أهمية كبرى من أجل الدفع بالحرية قدما».
وكرر الرئيس الأفغاني توجيه شكره للكونغرس والرئيس الأميركي باراك أوباما على التدخل الأميركي الذي كان الأطول مدة للجيش في تاريخه. وقال غني: «نحن ممتنون لعمق المساهمة الأميركية حيال شعبنا والتي لا يمكن قياسها بالكلمات فقط، بل عبر عدد الأفغان الذين تغير مستقبلهم بفضل أميركا وحلفائها».
ووقف أعضاء الكونغرس وصفقوا مطولا للرئيس الأفغاني حين قال إن أكثر من 3 ملايين فتاة أصبحن الآن يرتدن المدارس، فيما لم تكن الحال كذلك قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) والتدخل الأميركي. وقال الرئيس الأفغاني إن «أهاليهن يشكرونكم. خدمة الرجال والنساء الأميركيين المدنيين والعسكريين في بلادنا أصبحت ممكنة بفضل دعم الحزبين في الكونغرس الأميركي». وتابع: «باسم برلماننا وشعبنا أوجه لكم كلمة شكر».
كما دعا غني باقي العالم إلى اتخاذ تدابير للتصدي للمجموعات المتطرفة، خصوصا تنظيم داعش قائلا: «من الأهمية بمكان أن يدرك العالم التهديد الخطير الذي يشكلونه على الدول الغربية وآسيا الوسطى». وأضاف: «إننا في الخط الأول في هذه المعركة».
ووصل غني منذ نهاية الأسبوع الماضي إلى واشنطن مع رئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله في زيارة قدمت على أنها بداية فصل جديد في العلاقات بين البلدين. وتعد هذه المرة الثانية التي يتوجه فيها رئيس أفغاني إلى الكونغرس بعد كرزاي في يونيو (حزيران) 2004 في السنوات الأولى من الحرب في أفغانستان. وتوترت منذ تلك الفترة العلاقات مع الرئيس كرزاي، خصوصا بعد أن رفض توقيع اتفاق أمني بين البلدين تم توقيعه بالأحرف الأولى في سبتمبر الماضي غداة تنصيب سلفه رئيسا.
وأشاد الرئيس الأفغاني الذي استقبله باراك أوباما في البيت الأبيض أول من أمس، بتضحية الأميركيين في النزاع الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، الذي قتل نتيجته أكثر من 2300 جندي أميركي وأصيب عشرات الآلاف بجروح. والكونغرس هو صاحب القرار في الموازنة وسيتخذ قرارا بشأن طلب أوباما الاستمرار في تمويل قوات الجيش والشرطة الأفغانية بالمستوى الحالي بـ352 ألف عنصر حتى نهاية 2017، وهي تكلفة مهمة بالنسبة إلى الميزانية الأميركية. وقال غني أول من أمس: «بقيتم إلى جانبنا وأود أن أشكركم. أود أن أشكر أيضا دافعي الضرائب الأميركيين للدولارات التي قدمت إلى أفغانستان». وقال النائب الديمقراطي آدم سميث من لجنة الدفاع إنه موقف يسجل «تغيرًا مُرحبًا به».
والإعلان الرئيسي خلال الزيارة يتعلق بالجدول الزمني للانسحاب العسكري الأميركي. وانتهت العمليات القتالية في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي وبقي نحو 10 آلاف جندي أميركي في البلاد في مهمة دعم لوجيستي ولمكافحة الإرهاب.
وأكد أوباما انسحاب كل القوات الأميركية تقريبا من أفغانستان بحلول نهاية ولايته الرئاسية في نهاية 2016 أو مطلع 2017 باستثناء ألف عنصر لحماية الموظفين في السفارة الأميركية. لكن بدلا من خفض العدد إلى 5500 عسكري في نهاية 2015 سيبقى عددهم 9800 بحلول هذا التاريخ بناء على طلب أشرف غني. والإبقاء على قوة كبيرة يؤكد على أن الوضع لم يستتب بعد على الأرض في مواجهة طالبان التي تحاول كابل إطلاق مفاوضات معها.
وفي وقت سابق أمس، هزت عملية انتحارية وسط كابل ما أوقع 7 قتلى على الأقل. وتوعدت حركة طالبان بمواصلة معركتها «حتى رحيل آخر جندي أميركي». وقال المتحدث الرسمي لطالبان أفغانستان ذبيح الله مجاهد إن «إعلان أوباما الإبقاء على قوات في أفغانستان رد على عملية السلام. سيؤثر ذلك على كل الاحتمالات».
وفي الولايات المتحدة رحب خصوم أوباما من الجمهوريين بتباطؤ الانسحاب الأميركي، لكنهم طلبوا أيضا من الرئيس الأميركي التحلي بمرونة بشأن الانسحاب التام المقرر في نهاية ولايته الرئاسية. ويقيم كثيرون مقارنة مع العراق، حيث يعتبرون أن تدهور الوضع الأمني وتصاعد قوة تنظيم داعش، جاء نتيجة الفراغ الناجم عن الانسحاب الذي تم في ديسمبر 2011. وفي مقال أسفت صحيفة «واشنطن بوست» أمس لإصرار أوباما على سحب كل الجنود بحلول نهاية 2016 في قرار ترى «أنه على علاقة بجدول أوباما الزمني أكثر من الظروف في أفغانستان»، وقد يشجع ذلك طالبان على الانتظار بدلا من التفاوض مع كابل.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».