تسببت تصريحات إعلامية أدلى بها المتحدث الرسمي باسم الطب الشرعي في مصر، حول قضايا رأي عام «شائكة»، في الإطاحة به من منصبه أمس، وذلك على خلفية ما أثارته تلك التصريحات من جدل واسع في الشارع المصري، إضافة إلى اعتبارها في جزء منها تتخطى حدود عمله.
وأصدر الدكتور محمود علي، رئيس مصلحة الطب الشرعي، قرارا أمس بإعفاء الدكتور هشام عبد الحميد، مدير عام دار التشريح، من منصبه كمتحدث رسمي باسم المصلحة، متضمنا أيضا حظر الإدلاء بأي بيانات أو معلومات فنية لأي من وسائل الإعلام، سواء المسموعة أو المقروءة أو المرئية أو المواقع الإخبارية، على جميع الأطباء وموظفي المصلحة. وجاء قرار رئيس المصلحة على خلفية تصريحات إعلامية أدلى بها الدكتور عبد الحميد في برنامج على إحدى الفضائيات المصرية الخاصة، تتعلق بعدد من القضايا محل اهتمام الرأي العام.
وكان رئيس المصلحة تقدم بشكوى إلى المستشار الدكتور عبد الرحيم الصغير، مساعد وزير العدل لشؤون قطاعي الخبراء والطب الشرعي، بشأن ما ورد على لسان الدكتور عبد الحميد من وقائع تتعلق بأداء المصلحة، وأن هناك عناصر إخوانية بها تباشر التشريح وإعداد التقارير الطبية في بعض القضايا، وهو الأمر الذي قرر معه المستشار الصغير إحالة الشكوى للتحقيق.
وتناول الدكتور عبد الحميد في تصريحاته أيضا جوانب فنية في عدد من أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام على مدار السنوات السابقة، ومن بينها قضية خالد سعيد، وقضية الشاب محمد الجندي الذي توفي في مطلع شهر فبراير (شباط) من عام 2013، واتهم ناشطون قوات الأمن بتعذيبه مما أدى إلى مقتله، فيما أكدت التقارير الشرعية بالقضية وفاته جراء حادث سيارة. وأعلن النائب العام المصري الأسبوع الماضي حفظ التحقيقات في قضية مقتله، بينما قدمت والدته تظلما تطالب فيه إعادة فتح التحقيق. وهدد الدكتور عبد الحميد خلال حديثه المثير للجدل بإظهار صور وتقارير الطب الشرعي في قضية الجندي إلى الإعلام، في حال استمرار الضغوط على النيابة، وهو ما اعتبرته مصادر قانونية من وزارة العدل تجاوزا مهنيا، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «ذلك من حق النيابة العامة وحدها، وإظهار الأدلة الجنائية له أصول قانونية؛ وتعد تلك التقارير والمعلومات سرية ولا يصح إفشاؤها. والمتحدث (عبد الحميد) تخطى دوره المنوط به، ولا يحق له قانونا التلويح بإظهار الأدلة إعلاميا إلا من خلال القنوات القانونية المخصصة لذلك، وبعد استئذان الجهات المختصة».
وبينما يرى مراقبون أن الإعلام يجب أن يمارس دوره في كشف الحقائق، وأنه من حق المواطنين معرفة تفاصيل ما يشغل الرأي العام، أشارت مصادر وزارة العدل إلى أن «الرأي العام من حقه معرفة الحقائق في ما يشغله، وهناك مسالك وأصول قانونية لذلك من بينها بيانات النيابة العامة والجهات القضائية، لكن ليس من بينها ما فعله المتحدث الرسمي (السابق)»، موضحة أن عبد الحميد سبق أن قام بذلك السلوك في عدد من القضايا الشائكة، مثل قضية فض اعتصامي أنصار «الإخوان» في ميداني رابعة العدوية والنهضة في أغسطس (آب) عام 2013، وكذلك قضية مقتل عدد من المحتجزين اختناقا بالغاز المسيل للدموع في سيارة ترحيلات تابعة للشرطة المصرية بعدها بأيام، ناسبة إلى عبد الحميد «التسبب في إثارة الرأي العام وبث البلبلة بلا طائل»، وعدت تلك التصرفات بمثابة «إخلال وظيفي وإفشاء لأسرار العمل؛ إن صحت المعلومات الواردة به.. فيما يعد الأمر تدليسا في حال عدم صحة المعلومات أو التأكد من دقتها».
كما تناول عبد الحميد قضية مقتل الناشطة شيماء الصباغ بطلق من سلاح خرطوش بالقرب من ميدان التحرير في 24 يناير الماضي، وهي القضية التي أحيل فيها ضابط كبير إلى المحاكمة بتهمة الضرب المفضي إلى الموت. وقال عبد الحميد إن الصباغ ماتت لأنها «نحيفة للغاية» مما أسفر عن نفاذ الخرطوش إلى قلبها؛ وهو ما أثار استياء كبيرا، وحملة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بايقافه عن العمل بتهمة «تبرير القتل».
وكان آخر المسائل الشائكة التي تناولها الدكتور عبد الحميد في تصريحاته المثيرة إشارته إلى أن مصلحة الطب الشرعي «مخترقة» من جماعة الإخوان، وأن عددا منهم يتولون مناصب حساسة ويصدرون تقارير تتعلق بقضايا مهمة؛ وهو الأمر الذي أحالته وزارة العدل إلى التحقيق لبيان مدى مصداقيته.
«قضايا الرأي العام» في مصر تطيح المتحدث باسم الطب الشرعي من منصبه
مصادر بوزارة العدل لـ {الشرق الأوسط}: تسبب في بلبلة الشارع وتجاوز دوره
«قضايا الرأي العام» في مصر تطيح المتحدث باسم الطب الشرعي من منصبه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة