السنيورة أمام المحكمة الدولية: الحريري بكى على كتفي وقال إنه لن ينسى إهانة الأسد له

النظام السوري سعى للتضييق على رئيس الحكومة الراحل من خلال لحود

فؤاد السنيورة يُدلي بشهادته أمام المحكمة الدولية (صورة مأخوذة من موقع {يوتيوب})
فؤاد السنيورة يُدلي بشهادته أمام المحكمة الدولية (صورة مأخوذة من موقع {يوتيوب})
TT

السنيورة أمام المحكمة الدولية: الحريري بكى على كتفي وقال إنه لن ينسى إهانة الأسد له

فؤاد السنيورة يُدلي بشهادته أمام المحكمة الدولية (صورة مأخوذة من موقع {يوتيوب})
فؤاد السنيورة يُدلي بشهادته أمام المحكمة الدولية (صورة مأخوذة من موقع {يوتيوب})

كشف رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة أن رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، بكى على كتفه، وقال له: «لن أنسى في حياتي الإهانة التي وجهها لي (الرئيس السوري) بشار الأسد»، في ديسمبر (كانون الأول) 2003، بعد اللقاء الشهير الذي جمع الحريري بالأسد، مشيرًا إلى أنه علم باللقاء من الحريري شخصيًا في بدايات عام 2004.
وأكد السنيورة أن الحريري «كان يتجهم ويظهر عليه مقدار من الغضب وشعور عميق من الإهانة، عندما كان يذكر هذا اللقاء»، مضيفا: «وكنت أتجنب تحريك ذلك السكين في جرحه وكان جرحا عميقا».
وجاءت تصريحات السنيورة في اليوم الأول من الإدلاء بشهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، وقال: «كنت أتفهم عدم رغبة الحريري بإعادة العبارات التي سمعها بالنص، لكنه قال (بهدلني وشتمني وأهانني) وهذه العبارات كافية، ولست مضطراً لأن أسأله ما هي العبارات الحرفية التي قالها الأسد».
وأوضح السنيورة أن «النظام السوري كان يلجأ لأسلوب التهديد والشتم والتهويل بنسب مختلفة مع السياسيين والمسؤولين اللبنانيين»، مؤكدًا أن «طريقة النظام السوري كانت مسفة بالتهويل على المسؤولين اللبنانيين، كي ينصاعوا لما كان يريده النظام». كما لفت إلى أنه بعد مؤتمر باريس 2 «ازدادت العراقيل بوجه الحريري ومشاريعه الحيوية، ووصل إلى الحد الذي بدأ معه يرى أن ثمة استحالة بتحقيق اختراق»، وأكد أن الحريري «وصل إلى مرحلة بدأ يعد فيها الجلسات المتبقية من عهد لحود». واعتبر أنه «حتى المرونة لم تنفع مع لحود، لكن الحريري كان يأمل بالاحتكام إلى الدستور والسير بأي رئيس آخر».
وأشار السنيورة، في الجولة الثانية من شهادته أمس، إلى أن «عرقلة (الرئيس اللبناني الأسبق) إميل لحود للإصلاحات ما كانت لتتم لولا غض النظر السوري»، لافتا إلى أنه «هناك من حاول لجم إصلاحات الحريري كي يبقى لبنان تابعا للنظام السوري». وأضاف: «بالنسبة للنظام السوري، فإن كل عملية إصلاح تؤدي إلى مزيد من الكفاءة والجدارة، وكان له عمل مستمر من التضييق ومنع إصلاحات الحريري. كان هناك مسعى للتضييق على الحريري من خلال لحود».
وأعلن السنيورة «أن الحريري نجح بإطلاق ورشة عمل أساسية في قطاعات عدة، لكن هناك مبالغة كبيرة في الحديث عن إطلاق يده في الإعمار». وأوضح: «من النماذج عن التضييق على الحريري، مسألة الوقوف ضد إنشاء مدارس، وبعد عام 2000 واجه الحريري تعقيدات جديدة بسبب مضايقات لحود»، مؤكدًا أن «الحريري حمل انفتاح لبنان على اقتصادات العالم على عكس اقتصاد سوريا الذي كان مغلقا».
وتابع: «الحريري قال لي إن ثمة من يبحث عن أي وسيلة لإجهاض النجاح الذي تحقق في مؤتمري باريس الاقتصاديين»، مضيفًا: «كانت هناك خشية دائمة من تحقيق الحريري نجاحات مهمة في الخارج، وكان ثمة (حساسية) سوريا من ذلك، وشهدنا مساعي لتشويه صورته لدى الناس».
وكشف السنيورة أن «الحريري تحدث لي أكثر من مرة عن أسماء سورية متورطة في الفساد، وكانت على مستويات عالية»، مشيرا إلى عدد من «مواضيع الفساد التي تورط بها مسؤولون سوريون في لبنان، مثل: التلزيمات والجمارك وقطاعات الهاتف، وغيرها من الأمور التي كنا نسمع بها وندرك ماذا يجري فيها».
وكشف السنيورة أنه «وصل كلام للحريري أنه لم يكن ثمة رأي ثابت للأسد من مسألة التمديد للحود» وأضاف: «أذكر أن عبد الحليم خدام أخبره أنه اجتمع مع الأسد الذي قال له إنه لن يسير بفكرة التمديد» لرئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود.
وكان السنيورة بدأ شهادته بالإعلان عن ظروف معرفته بالرئيس الراحل رفيق الحريري حين كان تلميذا، مشيرًا إلى أن «العلاقة كانت محدودة أيام الدراسة الابتدائية والثانوية»، لافتًا إلى أن هذه «العلاقة توطدت مع الحريري فترة الستينات».
وقال السنيورة: «الحريري كان يؤمن بقضية لبنان ويحرص على التعاون معي ومع كثيرين آخرين. كان مؤمنا بسيادة لبنان واستقلاله وانتمائه للعالم العربي، وكانت علاقتي به علاقة صديقين يؤمنان بنفس المبادئ».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.