«القائمة المشتركة» تطالب رئيس الحكومة الإسرائيلية بالاعتذار للمواطنين العرب

ريفلين يباشر التشاور مع رؤساء الكتل والاتجاه نحو تكليف نتنياهو تشكيل حكومة

«القائمة المشتركة» تطالب رئيس الحكومة الإسرائيلية بالاعتذار للمواطنين العرب
TT

«القائمة المشتركة» تطالب رئيس الحكومة الإسرائيلية بالاعتذار للمواطنين العرب

«القائمة المشتركة» تطالب رئيس الحكومة الإسرائيلية بالاعتذار للمواطنين العرب

توجه نواب «القائمة المشتركة»، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية في إسرائيل، إلى رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، الذي اجتمع بهم أمس، طالبين البحث في التصريحات العنصرية المعادية للعرب، التي كان قد أدلى بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قبل يوم الانتخابات وخلالها، وطالبوه بالعمل على كبح جماح نتنياهو، قبل أن تستفحل لهجته تلك وتحظى بالشرعية في السياسة الإسرائيلية. وقالوا إن أقل ما يفعله الآن في الموضوع هو الإعراب عن الاعتذار، وطلبوا منه أن لا يكلف نتنياهو بتشكيل الحكومة المقبلة قبل أن يوجه هذا الاعتذار.
وأعرب النواب العرب عن تخوفهم من أن تعمل الحكومة المقبلة بروح تصريحات نتنياهو العنصرية، فتعمق سياسة التمييز المستمرة منذ إقامة إسرائيل تجاه المواطنين العرب فيها (فلسطينيي 48)، وتمس بحقوقهم أكثر، وتواصل التحريض وسن القوانين العنصرية. وكان نتنياهو قد تحدث خلال الأسبوع الأخير قبل الانتخابات الأخيرة، عن «مؤامرة دولية - عربية ممولة بعشرات ملايين الدولارات، هدفها تشجيع المواطنين العرب في إسرائيل على التصويت من أجل إسقاط حكومة اليمين». وفي يوم الانتخابات نفسه، 17 مارس (آذار) الحالي، خرج نتنياهو بتصريحات تثير الفزع قال فيها إن المواطنين العرب يتوجهون بنسب كبيرة إلى صناديق الاقتراع، ووجه نداء عاجلا إلى الناخبين اليهود للتوجه إلى صناديق الاقتراع ومنح صوتهم لليمين. وحذّر نتنياهو، قبيل ساعات من إقفال صناديق الاقتراع، أنه من دون حصوله على عدد كبير من المقاعد في الكنيست، فإن اليسار «المدعوم من الأموال الأجنبية والعرب» سيشكل الحكومة المقبلة. وبالتالي ارتفعت فعلا نسبة المصوتين (من 56 في المائة في الانتخابات السابقة إلى 68 في المائة هذه المرة)، ولكنها بقيت أقل من نسبة اليهود (التي ارتفعت من 70 في المائة إلى 73 في المائة هذه المرة).
وقد ووجهت هذه التصريحات يومها بصمت، وهاجمتها الإدارة الأميركية بشدة، ولكن بعد الانتخابات. واعتبرتها «مساسا بالقيم الديمقراطية التي قامت عليها إسرائيل». وقال الرئيس باراك أوباما، في لقاء مع موقع «هابينغتون بوست»، أول من أمس، إنه «رغم أن إسرائيل أقيمت على أساس كونها الوطن التاريخي للشعب اليهودي والحاجة إلى دولة يهودية، فإن الديمقراطية الإسرائيلية تقوم على أنه يحق لكل مواطن في الدولة تلقي معاملة متساوية وعادلة. وأعتقد أن هذا هو الأمر الجيد في الديمقراطية الإسرائيلية».
كما خرج رئيس المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هيرتسوغ، أيضا عن صمته وهاجم تصريحات نتنياهو، وعدّ، خلال لقاءات تلفزيونية، ليلة السبت - الأحد، تصريحات نتنياهو كاذبة وعنصرية. وقال: «عندما وصف العرب في إسرائيل بالأسراب، فقد أهان نتنياهو ومس بمشاعر 20 في المائة من سكان دولة إسرائيل لأجل مصلحة حملته الانتخابية وحسب. أول عملية يجب أن تتخذ هي تصحيح وترميم الشرخ العميق الذي تسبب به، عبر الأفعال وليس بالأقوال الفارغة. عليه أن يفعل كل ما بوسعه كي يحوّلهم (العرب) إلى مواطنين متساوي الحقوق». وقال هيرتسوغ إن «نتنياهو مس أيضا بالديانة اليهودية التي عرفت دوما كيف تحترم وتكرّم الأغيار، وبأقوال نتنياهو تجاه خمس سكان دولة إسرائيل، فقد مسّ بالأخلاق اليهودية، ويواصل تمزيق وتفكيك الفسيفساء الإنساني الذي يركب المجتمع الإسرائيلي».
وشجبت لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب في إسرائيل، خلال اجتماعها أول من أمس، بمشاركة نواب القائمة المشتركة، تصريحات نتنياهو العنصرية، واعتبرتها تحريضا ودليلا على التطرف الخطير ضد الجمهور العربي في إسرائيل. وقال النائب د. يوسف جبارين، الخبير القانوني في مجال حقوق الإنسان، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن على نتنياهو الاعتذار للجمهور العربي. وأضاف: «في دولة طبيعية كان رئيس الحكومة سيشجع المواطنين على الخروج والتصويت. هل يمكن لأحد تخيل زعيم أوروبي يقول في شريط مصور إنه يشعر بالقلق إزاء ارتفاع نسبة التصويت لدى اليهود في بلاده؟ مثل هذا السياسي ما كان سيبقى لساعة واحدة في منصبه فعلا. لكن يبدو أن كل شيء متاح في إسرائيل، ولا حدود للخطاب العنصري».
الجدير ذكره أن ريفلين بدأ لقاءاته، أمس، مع قادة الكتل البرلمانية المنتخبة في إسرائيل، بغرض سماع آرائهم حول شخصية رئيس الحكومة المقبل. ويبدو أن الاتجاه السائد هو التوصية بنتنياهو من طرف ممثلي الأغلبية. وقد حاول رئيس وفد الليكود غلعاد أردان، الالتفاف على تصريحات نتنياهو العنصرية، فقال إن الليكود يريد إقامة حكومة تمثل جميع المواطنين اليهود والعرب. فيما قال ريفلين إن العرب هم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي لإسرائيل، ويحظر التعامل معهم بتمييز، ويحظر المساس بهم بأي شكل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».