توقع معركة قريبة في إدلب بعد توحد «أحرار» و«صقور الشام»

12 فصيلا يشكلون جبهة الشام في ريفي إدلب وحماه

توقع معركة قريبة في إدلب بعد توحد «أحرار» و«صقور الشام»
TT

توقع معركة قريبة في إدلب بعد توحد «أحرار» و«صقور الشام»

توقع معركة قريبة في إدلب بعد توحد «أحرار» و«صقور الشام»

عكست حركات الاندماج بين الفصائل السورية المعارضة في شمال البلاد، جوا من التفاؤل في أوساط معارضين سوريين، نظرا إلى أن «أي توحد يعزز القوة العسكرية، ويمهد لفعالية ميدانية، ويخفف الاحتقان والتوتر بين الفصائل العسكرية»، فضلا عن أنه «يحمي الفصائل الصغيرة ويلغي التنافس بين الفصائل على القيادة في مناطق واسعة في البلاد». ويتوقع معارضون أن تكون معركة الهجوم على مدينة إدلب الخاضعة للنظام «أولى نتائج اندماج أحرار الشام وصقور الشام».
وساد هذا التفاؤل، عقب إعلان حركتي «أحرار الشام» و«صقور الشام» أمس، اندماجهما تحت مستوى «حركة أحرار الشام الإسلامية»، وتحضيراتهما لقتال القوات الحكومية في مدينة إدلب الخاضعة لسيطرتها، رغم أن معظم أرياف المحافظة باتت خاضعة لسيطرة المعارضة. ويلي هذا الاندماج، الإعلان عن تشكيل «جبهة الشام» في إدلب أول من أمس، وانضمام 12 فصيلا من الجيش الحر في شمال سوريا تحت مظلتها.
ويرى نائب رئيس مجلس محافظ حلب الحرة منذر سلال، أن «أي توحد هو شيء جيد، سواء أكان على مستوى القوى العسكرية أو المدنية، وينعكس إيجابا على الأداء السياسي والعسكري إذا تكلل بالنجاح وبالتنسيق»، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن اندماج فصيلي «أحرار الشام» و«صقور الشام»، من شأنه أن «يخلق توازنا بالقوة العسكرية مع قوات النظام، ويمهد للسيطرة على مدينة إدلب».
ويتمتع تنظيم «أحرار الشام» بنفوذ واسع في محافظة إدلب، وغرب حلب، حيث يوجد أيضا «صقور الشام»، وقد شاركا في عمليات مشتركة ضد القوات الحكومية في عملية السيطرة على معسكري «وادي الضيف» و«الحامدية» في ريف إدلب الجنوبي، أواخر العام الماضي، إلى جانب «جبهة النصرة» التي قادت الهجوم آنذاك.
ويتفق نائب رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب ياسر النجار، مع سلال على الإيجابية التي ستنعكس لقاء اندماج الفصائل. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الاندماج من شأنه أن ينعكس تغييرا في المشهد العسكري في شمال سوريا»، موضحا أنه «حين نختصر الأجسام العسكرية، نخفف من تعدد القيادات والتنافس فيما بينها». ويشير إلى أن خطوة الاتحاد تلك «ليست الأولى»، إذ «سبق للأحرار أن اتحدوا مع الصقور في ريف حمص الشمالي، واليوم يندمجون في إدلب، حيث يوجد الفصيلان»، مشيرا إلى أن الفصيلين اللذين ينضمان إلى «الجبهة الإسلامية»، «ينسقان مع بعضهما بشكل إيجابي، وخاضا معارك مشتركة في السابق، ويشاركان مع الجبهة الشامية في المعارك في حلب، عبر تقديم خبراتهما، كون صقور الشام، معروفين بخبرتهم في حفر الأنفاق».
أما «أحرار الشام»، فقد سبق أن حل نفسه في ريف دمشق، وانضم إلى «فيلق الغوطة» الذي يقاتل على الخطوط الأمامية ضد قوات النظام، كما يقول النجار. ويشير إلى أن اندماج الفصيلين «لا يعني اعتكافهما عن العمل تحت مظلة الجبهة الإسلامية، كونهما جزءا منها، وسيواصلان العمل تحت مظلتها».
وكان فصيلا «أحرار الشام» و«صقور الشام» الممثلين في المجلس العسكري التابع للجيش السوري الحر، أعلنا الاندماج أمس، إذ أكد لواء صقور الشام بقيادة «أبو عيسى الشيخ» أنه اندمج بشكل كامل مع حركة أحرار الشام، وهما الفصيلان المنضويان تحت «الجبهة الإسلامية».
ولمح الشيخ قبل قرابة الشهر إلى إمكانية انضمام فصيله الذي يعد من أبرز الفصائل في سوريا إلى فصيل آخر، قائلا في عدة تغريدات له على «تويتر»: «نداء للقادة المجاهدين والعلماء الربانيين والوجهاء الصادقين، أجمعوا أمركم على ما ينفع دينكم وها هي صقور الشام بعددها وعتادها رهن إشارتكم».
ويقول معارضون إن تنظيم أحرار الشام، أعلن قبل فترة تأييده للاندماج في المناطق مع فصائل أخرى «لقتال النظام وتنظيم داعش» بمعزل عن القيادة المركزية. ويقول النجار إن زعيم «أحرار الشام، وهو الشيخ أبو جابر، يعد رجلا واقعيا، ويكرر التصريح بأنه مؤيد للتوحد، ويعارض الاقتتال بين الفصائل المعارضة، بهدف قتال قوات النظام». وخاض التنظيم عدة تجارب في الاندماج، بينها التوحد مع فصائل «لواء الحق» في إدلب، قبيل الهجوم على معسكري الحامدية ووادي الضيف.
وأبو جابر، هو مهندس ميكانيك في مركز البحوث، من مواليد 1969، وتولى قيادة فصيل أحرار الشام الذي تشكل في بدايات الثورة السورية، بعد مقتل 50 قياديا من التنظيم هم قيادات الصف الأول والثاني، خلال اجتماعهم في ريف إدلب أواخر العام الماضي. وتعرضت أحرار الشام لضربة من قوات التحالف أيضا، أسفرت عن مقتل عناصر أجانب في التنظيم. ومن المعروف أن التنظيم، على تنسيق مستمر مع جبهة النصرة، لكن معارضين ينفون مشاركة التنظيم، بقرار صادر عن قيادته، بقتال فصائل جبهة ثوار سوريا التي هاجمها تنظيم جبهة النصرة في إدلب، وأقصاها عن المشهد الميداني السوري. ويقولون إن كتيبة من أحرار الشام شاركت بقرار فردي ضد التنظيم الذي يتزعمه جمال معروف، مما أدى إلى إقصائه من شمال سوريا. أما قيادة صقور الشام، فيتولاها عيسى الشيخ الذي ينحدر من مدينة أريحا في إدلب. وإذ لا يعتبر التنظيم كبيرا بقدر أحرار الشام، إلا أن معارضين يقولون إنه «فاعل على الأرض»، وسبق أن شارك في عمليات مشتركة مع أحرار الشام و«النصرة» في ريف إدلب. ويشارك الفصائل الثلاثة في عملية مشتركة أطلقت أول من أمس للسيطرة على الحواجز العائدة للقوات الحكومية في محيط مدينة إدلب، وتعد الفصائل الثلاث شريكة في القتال بريف إدلب الجنوبي وريف حماه الشمالي في وسط وشمال البلاد.
ويقول النجار إن «الاندماج يأتي بمثابة رسالة إلى الحاضنة الشعبية السورية، بأن التنظيمات لها هدف مشترك هو قتال قوات النظام في إدلب (حيث لا يتمتع تنظيم داعش بنفوذ كبير)»، لافتا إلى أن «الضغوط التي تتعرض لها الثورة في الداخل، من شأنها أن تخف نتيجة الاندماج، عبر تفعيل العمل العسكري وتعزيز الفكرة بأن أي تصريحات عن مبادرات مع النظام لا تعني المعارضين».
بموازاة ذلك، أعلن عن تشكيل جبهة الشام في ريفي إدلب وحماه، عبر اندماج 12 فصيلا معارضا، لا يتمتعون بنفوذ كبير، ليكون أكبر تجمع للفصائل التابعة للجيش الحر في إدلب، بعد نهاية «جبهة ثوار سوريا». ويقول سلال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الاندماج يعكس توازنا بالقوى وهو حماية للفصائل الصغيرة ومن شأن الاندماج أن يثمر وحدة في القرار العسكري».
وأفاد قائد جبهة الشام محمد الغابي، في بيان تلاه أثناء تجمع تلك الفصائل بإدلب، بأن أهم الفصائل المندمجة تحت لواء جبهة الشام، هي «كتائب فاروق حماه، وشهداء الغاب، وأويس القرني، وحماة السنة، وشهداء البركاوية، والشهيدين، والفرقة السادسة، والفرقة 21 مشاة، ولواء شهداء معرة حرمة، ولواء المأمون، ولواء الفتح في ريف حماه، ولواء نسور الغاب»، مشيرا إلى أن الجبهة تضم عدة مكاتب، وهي السياسي، والعسكري، والأمني، والشرعي، والإعلامي، والمالي، والإغاثي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».