تأجيل الانتخابات البرلمانية بمصر يمنح الأحزاب فرصة لإعادة هيكلة قوائمها من جديد

قيادات حزبية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن عمليات «فك وتركيب» تطال أغلب القوائم المعلنة

تأجيل الانتخابات البرلمانية بمصر يمنح الأحزاب فرصة لإعادة هيكلة قوائمها من جديد
TT

تأجيل الانتخابات البرلمانية بمصر يمنح الأحزاب فرصة لإعادة هيكلة قوائمها من جديد

تأجيل الانتخابات البرلمانية بمصر يمنح الأحزاب فرصة لإعادة هيكلة قوائمها من جديد

تتجه الأحزاب المصرية إلى إعادة هيكلة قوائمها من جديد خلال الفترة الحالية، قبل فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية من جديد، وقالت قيادات حزبية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن أغلب القوائم تجري بها عمليات «فك وتركيب» لاستقطاب عناصر أكثر تأثيرا في الشارع المصري، لافتة إلى أن «أغلب القوائم لجأت قبل غلق باب التقديم للانتخابات البرلمانية المرة السابقة (قبل تأجيلها)، لتسجيل شخصيات لمجرد إكمال القائمة».
وكانت محكمة القضاء الإداري قد قضت أواخر فبراير (شباط) الماضي، بوقف قرار اللجنة العليا للانتخابات بدعوة الناخبين إلى الاقتراع، بعد حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا ببطلان قوانين الانتخابات. وكان مقررا أن تبدأ الانتخابات في 21 مارس (آذار) الحالي.
في غضون ذلك، أكد وزير العدالة الانتقالية، المستشار إبراهيم الهنيدي أمس، أن «لجنة تقسيم الدوائر ستعقد اجتماعا موسعا الأسبوع المقبل بحضور مستشار الرئيس المصري السابق للشؤون الدستورية على عوض، للاتفاق على التصور النهائي لتعديل قانون تقسيم الدوائر.. وهل ستتم زيادة عدد مقاعد مجلس النواب، أم ستقوم اللجنة بتوسيع الدوائر دون زيادة المقاعد».
ويبلغ عدد المقاعد المنتخبة في مجلس النواب بحسب القانون الحالي 540 مقعدا، مقسمة بين النظام الفردي بواقع 420 مقعدا، ونظام القائمة المطلقة بواقع 120 مقعدا. وتنوعت المقاعد في الدوائر المخصصة للنظام الفردي بين مقعد واحد ومقعدين و3 مقاعد بحسب الكثافة السكانية في كل دائرة.
وينتظر أن تجرى الانتخابات البرلمانية، وهي آخر مقررات خريطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع القوى السياسية في البلاد، بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، منتصف العام قبل الماضي، خلال الأشهر القليلة المقبلة، عقب تعديل قوانين الانتخابات.
وأكد هشام الهرم، عضو تحالف قائمة «الجبهة المصرية»، أن «معظم القوائم سيجري بها فك وتركيب للبحث عن عناصر قوية مرتبطة أكثر بالشارع المصري»، متوقعا أن ينضم للتحالف آخرون لم يعلن عنهم، بقوله: «سوف نتشاور الأحد المقبل في اجتماع للتحالف بحقهم». وقال الهرم لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «تأجيل الانتخابات أعطى للقوائم فرصة كبيرة لإعادة الهيكلة والتطوير»، كاشفا عن أن «معظم القوائم قد لجأت إلى تسجيل بعض الأسماء قبل غلق باب الترشح لانتخابات البرلمان في المرحلة الأولى، لمجرد إكمال القائمة».
من جانبه، قال المتحدث باسم قائمة «صحوة مصر»، رامي جلال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التعديلات في القائمة واردة؛ لكن لن تشمل الهيكل الأساسي في القائمة»، لافتا إلى أن قانون الانتخابات قد يأتي بما هو جديد يتطلب التعديل في القائمة. فيما كشف مصدر داخل «صحوة مصر» وجود نية بالفعل لتعزيز القوائم الثلاث لـ«صحوة مصر» بأسماء وشخصيات أكبر وزنا وكفاءة، وتفادي أي ضعف أصاب القائمة في المرحلة الأولى للانتخابات، مشيرا إلى أن «صحوة مصر» ستلتزم بالمعايير التي حددتها في المرة الأولى، وهى عدم ضم المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين أو الحزب الوطني (الذي كان يرأسه الرئيس الأسبق حسني مبارك)، وعدم ضم أي من المتورطين في جرائم دماء وجرائم فساد مالي.
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في وقت سابق أن القوائم النهائية الرسمية التي تقدمت للانتخابات بالفعل هي: «صحوة مصر»، و«في حب مصر»، و«ائتلاف الجبهة الوطنية المصرية»، وتيار الاستقلال «القائمة الوطنية»، و«نداء مصر»، وحزب النور، أحد الأحزاب المحسوبة على التيار الديني، إلى جانب «التحالف الجمهوري للقوي الاجتماعية».
في السياق نفسه، أكد جمال محمود، القيادي في حزب الوفد المصري، أن «(الوفد) لن ينسحب من قائمة في (حب مصر) كما ردد البعض»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «من ردد ذلك بعض القيادات في الحزب التي لها خلاف مع رئيس (الوفد) السيد البدوي»، لافتا إلى أن «المقاعد العشرة التي حصل عليها الوفد في قائمة (في حب مصر) مناسبة له».
وأكدت آمنة نصير، عضو قائمة «في حب مصر»، أن «القائمة مستمرة بكل أعضائها، ما لم يقرر حزب الوفد الانسحاب من القائمة»؛ لكنها أكدت في الوقت نفسه، أن حدوث بعض التغيرات بالتحالفات الانتخابية والقوائم التي تكونت في وقت سابق، أمر وارد وقانوني، مرجحة لـ«الشرق الأوسط» احتمال وجود اندماجات بين التحالفات والقوائم في خطوة نحو تقوية جبهتها.
من جهة أخرى، قرر بعض الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها انتخابات البرلمان، خوضها الانتخابات، وأعلنت أحزاب «تحالف التيار الديمقراطي» وهي: «الدستور، والكرامة، والتيار الشعبي، والتحالف الشعبي، ومصر الحرية»، بشكل غير رسمي خوضها الانتخابات البرلمانية، وقال رامي جلال، إن «التيار الديمقراطي لم يعلن رسميا ذلك؛ لكن كل المؤشرات تؤكد خوضه الانتخابات في القائمة الرابعة وهي: الإسكندرية ومطروح والبحيرة»، لافتا إلى أن قائمة «صحوة مصر» تتجه لتشكيل القائمة الرابعة التي لم تقدمها في المرة الأولى، وذلك لتفويت الفرصة على حزب النور، الذي يخوض الانتخابات هناك بقوة. وسبق أن أعلن التيار الديمقراطي عدم خوض الانتخابات، وربط ذلك بعدم إقالة السلطات وزير الداخلية السباق محمد إبراهيم.
وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قبلت طعنا على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، وانصب الحكم على عدم وفائه بتمثيل عادل للناخبين، وفي أعقاب حكم الدستورية طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي من لجنة تعديل القوانين المتعلقة بالانتخابات إنجاز تلك التعديلات خلال شهر.
وأشار وزير العدالة الانتقالية، المستشار الهنيدي في تصريحات له أمس، إلى أنه «سيتم عرض قانون تقسيم الدوائر لحوار مجتمعي؛ ولكن بعد أن تضع اللجنة الخطوط الرئيسية للقانون»، منوها بأن اللجنة تلقت كما هائلا من المقترحات على القانون من الأحزاب والقوى السياسية المختلفة والمواطنين، وجميعها قيد الدراسة باللجنة المخصصة لدراسة المقترحات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».