واشنطن تحذر الأسد بعد إسقاط «درون» ودمشق تفرض «خطوطها الحمراء»

كيري «منزعج بشدة» من التقارير عن أسلحة كيماوية في سوريا

واشنطن تحذر الأسد بعد إسقاط «درون» ودمشق تفرض «خطوطها الحمراء»
TT

واشنطن تحذر الأسد بعد إسقاط «درون» ودمشق تفرض «خطوطها الحمراء»

واشنطن تحذر الأسد بعد إسقاط «درون» ودمشق تفرض «خطوطها الحمراء»

بينما يلتزم البنتاغون الصمت بعد إسقاط طائرة «درون» (من دون طيار) فوق سوريا، حذرت الخارجية الأميركية سوريا من عرقلة الحرب ضد تنظيم داعش، وسط أخبار بأن البنتاغون ينتظر تفسيرات من سوريا. إلا أن محللين يقولون، إنه بعد أن سمحت سوريا للولايات المتحدة باستخدام مجالها الجوي في قصف مقاتلي تنظيم داعش، على مدار 6 أشهر، وتساهلت مع الخطوط الحمراء التي فرضها الرئيس الأميركي باراك أوباما، يبدو أن الجيش السوري يفرض خطا أحمر بإسقاط طائرة أميركية دون طيار فوق أراض تعتبرها دمشق ذات أهمية بالغة.
وقالت جين بساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، مساء الأربعاء: «أؤكد، كما قال البنتاغون، أن وحدات التحكم في القوات الأميركية المسلحة فقدت الاتصال مع طائرة غير مسلحة من دون طيار كانت تعمل في شمال غربي سوريا. وأن وزارة الدفاع تبحث في الحادث. وأنها ستقدم مزيدا من التفاصيل عندما تكون متاحة».
وأضافت المتحدثة: «نحن، بالطبع، نكرر تحذيرنا لنظام الأسد بألا يتدخل في عمليات القوات الأميركية الجوية فوق سوريا».
وبينما يلتزم البنتاغون الصمت بعد بيان مقتضب عن «اختفاء» طائرة «درون» (من دون طيار) فوق سوريا، قالت مصادر صحافية أميركية إن الولايات المتحدة تجرى اتصالات مع الحكومة السورية، بعضها عن طريق روسيا، للحصول على مزيد من المعلومات عن ظروف إسقاط الطائرة. وأن واشنطن، بعد تصريحات جون كيري، وزير الخارجية، في الأسبوع الماضي عن التفاوض مع الرئيس السور بشار الأسد، لا تريد أن يكون إسقاط الطائرة موضوع مشكلة جديدة في العلاقات بين البلدين. وأن واشنطن حريصة على محاربة تنظيم داعش.
وأشارت المصادر إلى أن سوريا كانت سمحت للولايات المتحدة باستخدام مجالها الجوي في قصف «داعش». واستبعدت أن يكون نظام الأسد يرفض الدعم الأميركي ضد «داعش»، ويتعمد توترا جديدا في علاقته مع الولايات المتحدة، وخاصة في هذا الوقت.
وكان البنتاغون قال، يوم الأربعاء، تعليقا على تصريحات سوريا بأنها أسقطت طائرة أميركية «درون» بالقرب من اللاذقية، إنه فقد الاتصال بطائرة «درون» في شمال غربي سوريا. من دون أن يؤكد إن كانت الطائرة قد أسقطت. وقالت مصادر أميركية إن هذه أول مرة تسقط فيها سوريا طائرة أميركية. وإن الولايات المتحدة لا تنسق ضرباتها الجوية مع سوريا. لكن، سوريا تتلقى معلومات عنها عن طريق دول تشترك في التحالف ضد «داعش».
وأضافت المصادر أن اللاذقية، التي أسقطت الطائرة بالقرب منها، تقع على البحر المتوسط، وبعيدة من المناطق الشمالية والشرقية من سوريا التي تشن فيها طائرات التحالف غارات شبه يومية على مواقع «داعش». واستبعدت المصادر أن يكون لإسقاط الطائرة الأميركية صلة بوجود قاعدة بحرية عسكرية روسية في اللاذقية. وأضافت المصادر أن الطائرة أسقطت وهي في طريقها إلى سوريا، ربما من حاملة طائرات أميركية في البحر الأبيض المتوسط. وكان مسؤولون عسكريون أميركيون وصفوا الدفاعات الجوية السورية بأنها «سلبية»، أي إنها لا تشتبك مع طائرات التحالف التي تشن غاراتها على «داعش».
وبعد أن سمحت سوريا للولايات المتحدة باستخدام مجالها الجوي في قصف مقاتلي التنظيم المتطرف على مدار 6 أشهر، يبدو أن الجيش السوري يفرض خطا أحمر بإسقاط طائرة أميركية من دون طيار فوق أراض تعتبرها دمشق ذات أهمية بالغة.
وبعد مرور 4 سنوات على تفجر الحرب الأهلية السورية ما زالت واشنطن تقول إنه لا مستقبل للرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، رغم أنها تقود حملة جوية على جماعات متشددة تعد ألد خصومه على الأرض.
وتعمل دمشق على تشديد قبضتها على غرب سوريا بما في ذلك منطقة الساحل السوري على البحر المتوسط، بعد أن فقدت سيطرتها على مناطق الشمال والشرق. وتقع في المنطقة الساحلية قاعدة بحرية روسية في طرطوس.
وقال المحلل الاستراتيجي سليم حربا في دمشق، إنه إذا أرادت الولايات المتحدة أن ترسل رسالة سواء لأغراض التجسس أو استكشاف نقاط القوة أو الضعف في الدفاعات السورية، فهو يرى أن الرد السوري أكد أن انتهاك المجال الجوي السوري ممنوع.
والى جانب استهداف الطائرات الأميركية لمواقع «داعش» فقد استهدفت أيضا من وقت لآخر جماعة متشددة أخرى، هي جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في شمال غربي سوريا، وهي منطقة أقرب إلى موقع الحادث الذي وقع يوم الثلاثاء.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الطائرة الأميركية ربما كانت تستطلع أنشطة المتشددين المرتبطين بـ«القاعدة». وأضاف أن المعارك تزايدت في منطقة اللاذقية.
من جهة أخرى, قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بيان أمس (الخميس)، إن الولايات المتحدة منزعجة بشدة من التقارير التي تتحدث عن أن سوريا هاجمت بلدة سرمين باستخدام غاز الكلور كسلاح يوم 16 مارس (آذار) الحالي. وأضاف: «نحن نمعن النظر في هذه المسألة وندرس الخطوات التالية». وتابع: «رغم أنه لا يمكننا تأكيد التفاصيل بعد، فسيكون ذلك - إذا صح - أحدث مثال مأساوي لفظائع نظام الأسد ضد الشعب السوري التي يجب أن يدينها المجتمع الدولي بالكامل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.