حصلت الأحزاب العربية الإسرائيلية في الانتخابات التشريعية على 13 مقعدا في الكنيست، بحسب استطلاعات الرأي، وذلك في أكبر حصة يحصل عليها عرب إسرائيل في تاريخهم، مما يضعهم أمام امتحان كيفية استثمار هذه القوة البرلمانية الوازنة.
وكانت القائمة المشتركة توقعت أن تصبح القوة الثالثة في الكنيست المقبل، وأن يكون لها الدور المؤثر في الحياة السياسية، إلا أنها أكدت رفضها المشاركة في أي حكومة مقبلة، بسبب التعارض الكبير بين برنامجها وبرامج اللوائح الأخرى. لكن إذا كانت القائمة قد نجحت في أن تصبح القوة الثالثة في الكنيست، إلا أن وعدها بإسقاط نتنياهو قد لا يتحقق على أرض الواقع لأن نتائج الانتخابات أظهرت أن رئيس الوزراء المنتهية ولايته هي الأوفر حظا لتشكيل الحكومة المقبلة.
وكان أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، قد تقدم بمشروع قانون أقره الكنيست بزيادة نسبة الأصوات المطلوبة لدخول الكنيست، مما يعرقل وصول القوائم الصغيرة. وخوفا من تراجع عدد النواب العرب مع القانون الجديد اتفقت الأحزاب العربية على المشاركة في الانتخابات في قائمة واحدة «كمطلب للجمهور العربي، ولشعور العرب بالخطر على وجودهم»، بحسب ما أعلن عنه قادة القائمة العربية.
ويترأس القائمة العربية المشتركة المحامي أيمن عودة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التي يعتبر الحزب الشيوعي عمودها الفقري. كما تضم حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وهو حزب قومي، والحركة الإسلامية الجنوبية، والحركة العربية للتغيير.
وردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية حول سبب رفض القائمة العربية الدخول في ائتلاف حكومي مع الاتحاد الصهيوني برئاسة إسحق هرتزوغ، قال المحامي أسامة السعدي، المرشح على القائمة، «إن برنامج القائمة المشتركة لا يتوافق مع برنامج الاتحاد الصهيوني، فنحن ندعو لإحلال سلام عادل وإلى حل الدولتين، ولدولة تكون لكل مواطنيها وللعدالة الاجتماعية.. لكن أن نشارك في ائتلاف وندخل في حكومة مع هرتزوغ فمعنى ذلك أننا سنكون ملتزمين بالتصويت على أي قرار تتخذه هذه الحكومة، فماذا سنفعل إذا قررت هذه الحكومة شن عدوان جديد على غزة؟».
وتابع، موضحا موقف القائمة الموحدة خلال المرحلة المقبلة: «نحن لسنا في جيب أحد، ولن نفعل أي شيء دون مقابل، ولن نكرر تجربتنا مع إيهود باراك عندما صوت له العرب بنسبة 95 في المائة لرئاسة الحكومة ولدعم عملية السلام (...) وبعدها انهار كل شيء». ومن جانبه، قال عودة أول من أمس ساعات قليلة قبل إعلان فوز قائمته بـ13 مقعدا: «هذا يوم تاريخي للجماهير العربية. سنرد على العنصرية وعلى من أراد إقصاءنا وإخراجنا بأن نكون القوة الثالثة في الكنيست (...) سنهزم اليمين وسنحصل على 15 مقعدا، وسنؤثر على القرار السياسي في إسرائيل».
ورفض عودة أن يوضح خطط القائمة العربية في دعم رئيس حزب العمل إسحق هرتزوغ في تشكيل حكومة بقوله: «لقد تعلمنا من تجربتنا عام 1999 عندما منح العرب أصواتهم لسلفه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك ألا نكرر التجربة، وعلينا الحذر». وأضاف، مؤكدا أنه «بعد الانتخابات سنجلس مع هرتزوغ وسنسمع منه، ونرى ما في برنامجه وما في برنامجنا وعندها نقرر ماذا نفعل».
وسيستدعي الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ممثلي الأحزاب التي نجحت في دخول البرلمان لكي يعرف منهم من هو مرشح كل كتلة لرئاسة الوزراء. وفي هذا الصدد قد تعمد القائمة العربية إلى تسمية هرتزوغ، ولا تعرقل مسيرته لتشكيل حكومة، ولكن من دون أن تشارك في الحكومة. وهذا «الدعم الخارجي» سبق أن قدمه النواب العرب لرئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين في تسعينات القرن الماضي. ولكن عودة لم يحسم الأمر بعد، وقال في هذا الصدد «سنسمع أولا إلى ما سيعرضه علينا».
وبعد صدور نتائج استطلاعات الرأي قال عودة لأنصاره: «نحن مستعدون ولكن أشك في أن يكون هرتزوغ بمثل شجاعة رابين».
والسبب في تشكيك عودة هو أن حصول هرتزوغ على دعم العرب يعتبر سيفا ذا حدين، خصوصا وأن اليمين يتهمه أصلا بأنه «حزب الخارج المعتمد على العرب». وفي هذا الإطار يذكر مرشحو القائمة العربية المشتركة بما جرى للناخبين العرب حين دعموا رئيس الوزراء العمالي الأسبق إيهود باراك في 1999، ولكن دعمهم هذا لم يحل دون أن تقمع إسرائيل بالحديد والنار الانتفاضة الثانية، ودون مقتل 13 عربيا إسرائيليا على أيدي الشرطة الإسرائيلية في 2001.
وأوضح عودة مساء أول من أمس أن الخط الأحمر للقائمة العربية لا يزال على حاله، وهو عدم التحالف مع من يريد حربا ضد الفلسطينيين أو يدعم الاحتلال.
وبالمقابل فإن بقاء النواب العرب في المعارضة يضمن لهم ترؤس لجان برلمانية، حسب رأي عودة، الذي قال للإذاعة العامة: «لا يمكننا أن نحصل على لجنتي الدفاع والخارجية، ولكن نريد المالية أو الشؤون الاجتماعية»، ولا سيما أن نصف العرب الإسرائيليين يعيشون تحت خط الفقر.
أما إذا شكل نتنياهو وهرتزوغ حكومة وحدة وطنية فعندها سيدخل عودة التاريخ لأنه سيصبح زعيم المعارضة، كما يقول، وبالتالي سيتعين على رئيس الوزراء أن يستشيره في القرارات الكبرى. وكزعيم للمعارضة سيحق لعودة أيضا أن يتكلم بعد رئيس الوزراء حين يخاطب الأخير الكنيست أو في الاحتفالات الرسمية.
لأول مرة.. عرب إسرائيل يفرضون أنفسهم قوة وازنة في الكنيست
إذا شكل نتنياهو حكومة وحدة وطنية سيدخل عودة التاريخ لأنه سيصبح أول زعيم عربي للمعارضة
لأول مرة.. عرب إسرائيل يفرضون أنفسهم قوة وازنة في الكنيست
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة