فابيوس يرد على كيري: فرنسا دولة مستقلة ولن نغير موقفنا من الأسد

الاتحاد الأوروبي: نعمل على حل دائم للأزمة ونتفاوض مع ممثلين للنظام السوري

سكان بلدة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق يواسون بعضهم البعض وسط الدمار الذي خلفه قصف طائرات النظام أول من أمس (رويترز)
سكان بلدة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق يواسون بعضهم البعض وسط الدمار الذي خلفه قصف طائرات النظام أول من أمس (رويترز)
TT

فابيوس يرد على كيري: فرنسا دولة مستقلة ولن نغير موقفنا من الأسد

سكان بلدة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق يواسون بعضهم البعض وسط الدمار الذي خلفه قصف طائرات النظام أول من أمس (رويترز)
سكان بلدة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق يواسون بعضهم البعض وسط الدمار الذي خلفه قصف طائرات النظام أول من أمس (رويترز)

رفضت باريس وبقوة الانفتاح الأميركي على الرئيس السوري بشار الأسد وفق ما أشار إليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري أول من أمس. ورد الوزير لوران فابيوس من بروكسل بلهجة حادة على نظيره الأميركي، عقب اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، حيث أكد أن الحل للنزاع في سوريا يمر عبر «عملية الانتقال السياسي التي يفترض بها أن تحافظ على مؤسسات النظام، ولكن ليس على بشار الأسد». وأضاف فابيوس أن «أي حل آخر يمكن الأسد من البقاء في السلطة سيكون بمثابة هدية فاضحة وضخمة لإرهابيي (داعش)»، بمعنى أن بقاء الأسد سيدفع كثيرين إلى حضن تنظيم داعش. وبحسب ما نقلته وكالات الأنباء عن الوزير الفرنسي، فإن تصريحات كيري لن تغير موقف فرنسا من الأسد، التي هي «بلد مستقل، وسياستها إزاء المأساة الرهيبة في سوريا لم تتغير».
بيد أن فابيوس حرص في الوقت عينه على الإشارة إلى أنه تحادث صباح أمس مع نظيره الأميركي، وأن الأخير أكد له أن «لا جديد» في الموقف الأميركي من سوريا، وهو ما حرص الناطقون باسم الخارجية الأميركية على التشديد عليه منذ أن أدلى كيري بتصريحاته.
من جانبها، سعت ممثلة السياسة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني إلى التخفيف من أهمية ما أدلى به كيري؛ إذ اعتبرت في السياق عينه أن الاتحاد الأوروبي يعمل على حل دائم في سوريا، وهو يمر بالتفاوض مع ممثلين للنظام السوري «وفي نظري، كيري تحدث بهذا المعنى ولم يكن يشير إلى الأسد نفسه».
يؤكد هذا اللغط حول محتوى وانعكاسات تصريحات كيري الحاجة إلى توضيح المواقف، وهو ما دعت إليه مصادر فرنسية رسمية اعتبرت أن أقوال كيري «يلفها الغموض». وقالت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إنه «ليست فرنسا وحدها بحاجة لتوضيح أقوال كيري، بل هناك حاجة مماثلة داخل الإدارة الأميركية» لكي يتبين الخط الذي تسير عليه واشنطن اليوم بشأن مستقبل سوريا والوضع العسكري والسياسي فيها.
على المستوى الفرنسي الرسمي، اكتفت أمس الخارجية الفرنسية، على لسان الناطق باسمها، بتكرار الموقف المعروف وهو أن «هدف باريس» يتمثل في «التوصل إلى حل سياسي يتم التفاوض حوله بين الأطراف السورية ويفضي إلى قيام حكومة وحدة» وطنية تضم «بعض بنى النظام القائم والائتلاف الوطني (المعارض) ومكونات أخرى تجمع بينها رؤية معتدلة وجامعة لسوريا وتحترم كل طوائفها». وترى باريس أنه «من الواضح أن بشار الأسد لا يندرج في مثل هذا الإطار» مما يعني عمليا أنه لا يمكن أن يمثل «مستقبل سوريا». وبما أن باريس تريد حلا سياسيا، فإنها تدعم الجهود التي يقوم بها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.
الواقع أن الخارجية استرجعت ما سبق للوزير فابيوس أن قاله نهاية الشهر الماضي في مقال مشترك مع نظيره البريطاني فيليب هاموند. والثابت أن فرنسا ما زالت على موقفها المتشدد من الانفتاح على الرئيس السوري، الأمر الذي عكسته ردود الفعل العنيفة على زيارة البرلمانيين الفرنسيين الأربعة إلى دمشق قبل أسبوعين؛ إذ نددت بها أعلى السلطات ووصفها رئيس الحكومة مانويل فالس بـ«الغلطة الأخلاقية». لكن ثمة تيار يتنامى في الوسطين السياسي والأمني الفرنسي «خصوصا داخل اليمين» يدعو للخروج من «الطريق المسدود» الذي وصلت إليه الدبلوماسية الفرنسية ويدعوها للسير على هدي «البراغماتية السياسية» باعتبار أن الأسد، من جهة، ما زال في منصبه ولا يبدو أنه سيتخلى عنه، ومن الجهة الأخرى الحاجة لمحاربة التنظيمات الإرهابية التي هي «العدو المشترك» للنظام ولفرنسا.
تقول المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس إنه إذا كان كيري يعني الاستعداد للتفاوض مع الأسد من أجل ترتيب العملية الانتقالية وفق بيان جنيف لصيف عام 2012 ومن غير الرئيس السوري، فإن باريس «لا ترى غضاضة» في التفاوض معه وهي لا تلحظ في ذلك «التفافا» على التفاهم القائم بين الجانبين. أما إذا كان كيري «يعني أن يكون الأسد جزءا من العملية الانتقالية، فهذا لا يتوافق مع مواقفنا ويشكل خروجا عما عهدناه في الموقف الأميركي». لذا تتلمس باريس «حاجة ماسة» للتشاور مع واشنطن لتفهم حقيقة ما آل إليه التفكير الاستراتيجي والسياسي الأميركي في المرحلة الحالية، خاصة بعد ما جاء به مدير المخابرات الأميركية جون برينان يوم الجمعة الماضي؛ إذ أعلن الجمعة في محاضرة له أمام مجلس العلاقات الخارجية أن «لا أحد منا، لا روسيا ولا الولايات المتحدة الأميركية ولا التحالف، يريد انهيار الحكومة والمؤسسات السياسية في سوريا»، وأردف برينان أن «آخر ما نريده هو السماح لـ(العناصر المتطرفة) بوضع اليد على دمشق».
وترى المصادر الفرنسية أنه يتعين فهم تصريحات كيري على ضوء المحادثات «الحساسة» الجارية حاليا بينه وبين وزير الخارجية الإيراني للتوصل إلى اتفاق إطار حول الملف النووي لطهران مع نهاية الشهر الحالي. ويعتبر الفرنسيون أن الإدارة الأميركية الراهنة بحاجة إلى «إنجاز دبلوماسي ما» في الشرق الأوسط، قد يكون الوحيد الذي سيحققه الرئيس أوباما خلال ولايتين رئاسيتين. وليس سرا أن باريس تلزم موقفا متشددا مما يجري بين كيري وظريف ولا تتردد في التعبير عن «تحفظها» إزاء التسرع الأميركي وتؤكد الحاجة لاتفاق «صلب» يوفر كل الضمانات لجهة سلمية البرنامج النووي الإيراني. كذلك فإنها الأكثر تشددا إزاء الملف السوري ونظام الأسد. وفي خريف عام 2013، انتقدت باريس بشدة تراجع الرئيس أوباما في اللحظة الأخيرة عن توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري بعد استخدام السلاح الكيماوي على نطاق واسع في 21 أغسطس (آب) من العام المذكور في الغوطتين الشرقية والغربية. وأكثر من مرة، عبر كبار المسؤولين الفرنسيين عن تذمرهم من «تذبذب» المواقف الأميركية، ومنها على سبيل المثال رفض واشنطن السير في إيجاد مناطق آمنة داخل سوريا أو مناطق حظر الطيران لحماية المدنيين أو المعارضة، لا بل إن الوزير فابيوس لم يتردد في القول إنه «لو لم يتراجع الأميركيون لما كان الوضع في سوريا على ما هو عليه اليوم».
في حديثه إلى شبكة «سي بي إس نيوز» يوم الجمعة الماضي، قال كيري إن «ما نحاول القيام به هو الدفع بالأسد للتفاوض، وقد يتطلب ذلك زيادة الضغط عليه بشتى الصور». وأضاف الوزير الأميركي أن واشنطن «تبحث في الخطوات» التي من شأنها توفير الضغط المطلوب ودفع الرئيس السوري إلى «تغيير حساباته». والسؤال يتناول طبيعة «الضغوط» التي يمكن أن تلجأ إليها واشنطن وأطراف أخرى؟
وتعرب المصادر الفرنسية عن «تشكيكها» في ما يقوله الوزير الأميركي في هذا الخصوص.. فمن جهة، تخضع سوريا لعزلة سياسية ودبلوماسية، ومن جهة ثانية يخضع النظام لعقوبات اقتصادية ومالية شديد الصرامة. لذا، فإنها لا ترى ما يمكن زيادته على هذه الإجراءات. ولهذه الأسباب، فإن باريس تفهم كلام كيري على أنه «رسائل ضمنية» موجهة إلى روسيا وإيران وفيها تعرب عن استعدادها «للانفتاح» على مطالبهما في سوريا وغيرها، «شرط أن يقوم البلدان بما يتوجب عليهما، أي جلب الأسد إلى طاولة المفاوضات للعمل جديا من أجل حل سياسي».
ومن الواضح أن الوزير كيري رمى حجرا في بركة وفي وقت بالغ الحساسية، والجميع له عين عليها وعين أخرى على ما يجري خارجها من محادثات تتناول بالطبع الملف النووي الإيراني، ولكن كذلك كيفية إعادة ترتيب أوراق الشرق الأوسط، وأولها موقع إيران ودورها في المنطقة في المنظومة الإقليمية الجديدة التي تشكل سوريا أحد أحجارها.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.