في وقت أقر فيه قائد عسكري عراقي كبير بالحاجة إلى الدعم الأميركي لحسم المعارك الدائرة في محافظة صلاح الدين ضد تنظيم داعش، تضاربت الأنباء بشأن التأخير في عملية اقتحام مدينة تكريت لليوم الرابع على التوالي، أمس.
وكان قائد عمليات صلاح الدين الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي أعلن أول من أمس أن طلبه بإسناد جوي من قبل الطيران الأميركي لم تتم تلبيته، عازيا ذلك لأسباب سياسية لم يفصح عنها. وعاد مسؤولان عراقيان كبيران، أمس، ليؤكدا مجددا على حاجة العراق لضربات جوية إضافية لطرد متشددي «داعش» من تكريت. ونقلت وكالة رويترز عن أمين سر وزارة الدفاع الفريق أول الركن إبراهيم اللامي قوله: «نحتاج إلى دعم جوي من أي قوة يمكنها أن تعمل معنا ضد (داعش)». ورفض اللامي قول ما إذا كان يعني دعما جويا من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أم إيران التي تلعب دورا في الهجوم.
بدوره، قال رافد الجبوري، المتحدث باسم رئيس الوزراء حيدر العبادي: «نقول إننا بحاجة إلى دعم جوي إضافي لكل العمليات.. نرحب بدعم جوي لكل عملياتنا ضد (داعش)».
من جهة ثانية، كشف مصدر عراقي مسؤول في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى واشنطن، والتي تم الإعلان عنها من قبل قناة الحرة الأميركية، كان مقررا لها أن تكون قبل أكثر من شهر طبقا للدعوة التي تلقاها العبادي من الرئيس الأميركي باراك أوباما».
وأضاف المصدر أن «العبادي لم يلب الدعوة، التي بدت مفتوحة من قبل الأميركيين، وقام بتأخيرها لأمور تتعلق بحسم قضايا داخلية قسم منها يتعلق بنزاعات داخل التحالف الوطني وحزب الدعوة الذي ينتمي إليه، وقسم آخر يتعلق بالاستعدادات الجارية لمعركة صلاح الدين التي بدا أن إيران دخلت على الخط فيها بقوة إلى الحد الذي أجبرت بغداد على عدم طلب الدعم الجوي». وأوضح أن «العبادي وافق على تلبية الدعوة لزيارة واشنطن خلال شهر أبريل (نيسان) لاقتراب التحضيرات الخاصة بمعركة الموصل التي سيكون للأميركيين دور حاسم فيها».
وحول وقف الهجوم في تكريت، يرى الخبير العسكري المتخصص الدكتور أحمد الشريفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عن المعركة في صلاح الدين يتطلب الالتفات إلى معادلتين، وهما تكريت والشرقاط، وبالتالي فإن عملية فك الاشتباك في رموز هذه المعادلة من شأنه أن يلقي الضوء على طبيعة الحرب بشكل عام». وأضاف الشريفي إن «مدينة تكريت هي الآن عبارة عن جيب محاصر لا يعرقل من الناحية العملية العمليات العسكرية فيما لو استمرت، لكن القضية الأهم الآن هي قضاء الشرقاط الذي هو المدخل لعملية الموصل، وحيث إن حسم معركة تكريت يعني التوجه إلى الشرقاط فقد بدأت الضغوط السياسية تفرض نفسها لأن أميركا وتركيا لا تريدان أن يكون هناك دور لإيران في تلك المعركة».
وأكد الشريفي أن «مهمة إيران بدت كما لو كانت انتهت عند حدود ماهو رمزي في صلاح الدين لجهة مدينتين مهمتين في هذه المحافظة تمثلان رمزية عالية، وهما مدينة الدور، التي هي مسقط رأس عزة الدوري، وتكريت التي هي مسقط رأس صدام حسين، غير أنه حتى هذه الرمزية تكاد تكون انتهت حين فوجئ الجميع سواء في القوات العسكرية أو الحشد الشعبي بأن عشائر تلك المناطق هم من شارك في القتال ضد تنظيم داعش وعمل على تغيير المعادلة».
ميدانيا، تضاربت الأنباء بشأن توقف العمليات، بما في ذلك عملية اقتحام مدينة تكريت. وقال وزير الداخلية محمد سالم الغبان في مؤتمر صحافي عقده أمام مقر الشرطة الاتحادية في مدينة سامراء أمس إن «توقف العمليات هو لإعطاء السكان الفرصة للخروج بعيدا عن مسرح العمليات»، مؤكدا: «نحن مسيطرون على الموقف وسنعين الوقت المناسب لمهاجمة العدو وتحرير مدينة تكريت». وأضاف أن «العدو خسر المعركة وانتهى وجوده في صلاح الدين بفضل القوات الأمنية والشرطة الاتحادية التي تقاتل جنبا إلى جنب مع الجيش من الحشد الشعبي وأبناء المناطق»، مشيرا إلى «أننا مستمرون في التقدم وهزيمة (داعش) في المحافظة».
في سياق ذلك، أكد نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين، خالد الخزرجي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «دخول مدينة تكريت يتطلب مضاعفة الجهد الهندسي، وهو ما يجري تعزيزه الآن، ولكن ليس بالدرجة التي تجعل العملية ممكنة، لا سيما إذا علمنا أن تنظيم داعش زرع أكثر من 6000 عبوة ناسفة ولغم أرضي فضلا عن عشرات الانتحاريين»، مبينا أن «تكريت محاصرة من كل الجهات، ولم يعد ممكنا اختراق هذا الحصار الذي بات الآن في عهدة الجهد الهندسي لا غيره».
وحتى الآن تمكنت القوات العراقية من استعادة السيطرة على ناحية العلم (15 كلم شمال تكريت)، وقضاء الدور جنوب شرقي تكريت، ومنطقة البوعجيل ومناطق أخرى، حيث تقدمت القوات العراقية من 4 محاور كان أهمها محور الفتحة الحيوي الذي يربط تكريت بمحافظة كركوك. وفي معركة الفتحة التي واكبتها «الشرق الأوسط» ميدانيا توقف تقدم القوات العراقية هناك بعد أن فجّر مسلحو تنظيم داعش الجسرين اللذين يربطان ناحية العلم بقضاء بيجي شمال تكريت.
وقال الفريق رائد شاكر جودت، قائد الشرطة الاتحادية العراقية، لـ«الشرق الأوسط»: «قواتنا توقفت عند منطقة الفتحة الحيوية حيث تم قطع طريق الإمدادات لمسلحي تنظيم داعش من جهة كركوك، ولولا تفجير الجسرين لكانت قواتنا الآن داخل مدينة تكريت». وأضاف: «عمليات القنص والهجمات بالسيارات والآليات المفخخة أعاقت تقدم قواتنا وعبور نهر دجلة باتجاه تكريت، ونحتاج الآن إلى إسناد جوي لتحقيق ذلك».
إيران تفشل في حسم معركة صلاح الدين.. وتضارب أنباء حول اقتحام تكريت
مصدر عراقي مسؤول: العبادي تعمد تأخير تلبية دعوة أوباما له لزيارة واشنطن
إيران تفشل في حسم معركة صلاح الدين.. وتضارب أنباء حول اقتحام تكريت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة