«عدنا إلى حضن مصر وكفى». بهذه الكلمات عبرت الروائية العراقية إنعام كجه جي، عن مشاركتها في افتتاح مؤتمر الرواية العربية السادس بدار الأوبرا المصرية، أول من أمس، وشارك فيه أكثر من 200 أديب وناقد عربي. وقالت صاحبة رواية «طشاري» عن عودة المؤتمر بعد غياب 4 سنوات: «لم أشعر سوى بدموعي تنهمر أثناء عزف النشيد الوطني المصري، سعيدة بمشاركتي وأتمنى نجاح المؤتمر».
وأعرب الروائي السوداني أمير تاج السر عن سعادته بمشاركته الثانية في دورات هذا المؤتمر، حيث كانت الأولى في عام 2010، واعتبر المؤتمر، ملتقى هاما لكل الأدباء والمتخصصين، وفرصة للاطلاع على التجارب الأدبية المختلفة من أنحاء الوطن العربي.
وأشار الأديب المصري محمد المنسي قنديل إلى أن مصر على الرغم من كل الظروف، هي بوتقة الثقافة العربية، والثقافة هي وسيلة من الوسائل التي تمكّن مصر من الحفاظ على تماسك العالم العربي في الوقت الراهن.
وقال الناقد المصري إيهاب الملاح: «أهمية المؤتمر تكمن في كونه جمع نخبة كبيرة من كبار الأدباء من أجيال مختلفة ومن 20 دولة، والذين سوف يدلون بشهاداتهم حول فن الرواية، والتي سوف تخرج في مجلد عقب المؤتمر، وهو أمر نافع جدا للمتخصصين وللمهتمين بالتطورات التي تشهدها الرواية العربية، كما أنه أعاد حالة التوهج الثقافي لمصر».
وفي كلمته الافتتاحية، قال رئيس المؤتمر الناقد صلاح فضل: «تتميز هذه الدورة بخصائص عدة، أهمها أنها شهدت في رعايتها 3 وزراء ثقافة. وثانيتها أنها تضم الشباب إلى جانب الأجيال الأخرى. وثالثتها تزامن افتتاح هذه الدورة مع نجاح المؤتمر الاقتصادي»، مؤكدا أن «هذه الدورة دليل على أن الثقافة تسمو بثوابتها وهي التي تقود السياسة، وهو ما يدل على أن مصر تعرف دورها وتتخلص من عثراتها».
بينما اعتذر دكتور محمد عفيفي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، في افتتاح المؤتمر، عن عدم حضور وزير الثقافة المصري لانشغاله في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، مشيرا إلى أنه يرى في مؤتمر الرواية عودة مصر لمجدها الذي تذكره بمقولة ابن خلدون «مصر ديوان العالم».
وممثلا عن المشاركين العرب، قال الكاتب المغربي محمد برادة، إن «فن الرواية يحاول تفسير الحاضر العربي الملتبس حتى لو اختار الروائيون اللجوء إلى التاريخ، فإنهم يظلون يبحثون ضمنيا عن أجوبة تساعدهم على أن يعيشوا في صيرورة الحاضر واحتمالات المستقبل»، لافتا إلى أن جميع المشاركين في المؤتمر تشغلهم أيضا أسئلة بشأن مصير المجتمعات العربية.
وأضاف: «عاشت مجتمعاتنا عقودا من القهر والتجمد ومصادرة الآراء والأرواح، وبالتوازي مع هذا المسار السياسي، كان الأدب العربي والرواية تحديدا ومنذ بدايتها المتعثرة في أواخر القرن التاسع عشر، بمثابة محاولة للحفر في التربة (الماضوية المتكلسة)، وأصبحت متنفسا للحديث عن المسكوت عنه، وأضحت فسحة للقول الجريء، وتم من خلالها استعادة إنسانية الإنسان، ومنذ ستينات القرن الماضي اتخذت شكلا من أشكال الطلائعية العالمية، وقدمت صفة كونية بجمالياتها».
واستطرد: «على امتداد أكثر من مائة سنة، قدمت الرواية العربية خطابا يحمل هموم الفرد وأوجاع المجتمع، من منجزات الرواية العربية أنها خلقت الوعي بعناصر الشكل والدلالة، وأصبحت تطرح أسئلة حول الواقع المأزوم.. فالرواية هي وثيقة للهوية وبحث وتطلع إلى ما كان يمكن أن يوجد لكنه لم يوجد».
ويحتفي المؤتمر في دورته السادسة بالأديب المصري الكبير فتحي غانم، صاحب «الرجل الذي فقد ظله»، و«تلك الأيام»، والذي تحل ذكرى ميلاده الـ91 بعد أيام قليلة، فقد ولد في 24 مارس (آذار) 1924. وألقت زوجته دكتورة زبيدة عطا، كلمة أمام الحضور قالت فيها: «هو لم يغب عن قرائه، فأعماله ما زالت حاضرة، فهو فنان وأديب عشق الأدب والفن، ورغم أن الصحافة سرقته من الأدب فإن الأدب ظل عشقه الأول، واستطاع من خلاله أن يعبر عن الإنسان المصري، وظهر ذلك جليا منذ روايته الأولى (الجبل) التي استوحاها من واقع حقيقي بين ساكني الجبل والمهندس المثقف». وأكدت أنه «أخذ على عاتقه فكرة الرواية الحق، والتي تعالج الحاضر وتحاول تحليله وتقديم المعالجات اللائقة له».
وبمناسبة المؤتمر، أصدر المجلس الأعلى للثقافة كتاب «وجوه أخرى لفتحي غانم» وهو من إعداد وتقديم الشاعر شعبان يوسف، خرج الكتاب في 155 صفحة من القطع الصغير، ويحمل مختارات من النصوص (الحزن الغامض، والمرأة، وحرية الكرافتة، والحوت، والتمساح)، ومختارات من الذكريات والبورتريهات (شذرات من السيرة الذاتية)، ومختارات من «للفن فقط» التي تضم مقالات له عن مختلف أنواع الفنون، ومنها الموسيقى والغناء والسينما والمسرح والفنون الشعبية والبالية وعمالقتها.
وفي مقدمة الكتاب ذكر شعبان يوسف المعارك الأدبية الكبرى التي خاضها فتحي غانم مع يوسف السباعي وعبد الرحمن الخميسي ومحمود أمين العالم. وقال: «هذه الوقائع تثير أشكالا من الجدل، وهناك جهد كبير ينتظر الباحثين للكشف عن كل مخبوءات هذا الكاتب الكبير، ومهما كتبت فلن أستطيع أن أضع النقاط الحاسمة على حروف فتحي غانم المبهمة والغامضة.. ومن المخجل حقا أن فتحي غانم تعيش كتاباته كل هذا الاستبعاد والتجاهل والتهميش، وربما تكون بعض هذه المختارات المجهولة، بقعة ضوء صغيرة، على جزء من عالمه الغائب».
أدباء ونقاد عرب سعداء بالعودة إلى حضن مصر
كتاب «وجوه أخرى لفتحي غانم» على هامش مؤتمر الرواية السادس
أدباء ونقاد عرب سعداء بالعودة إلى حضن مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة