بطء حركة التكتلات الاقتصادية يهدد المنافسة في السوق السعودية

مواجهة تحديات الانفتاح الاقتصادي العالمي بالاندماج بين المنشآت

عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية («الشرق الأوسط»)
عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية («الشرق الأوسط»)
TT

بطء حركة التكتلات الاقتصادية يهدد المنافسة في السوق السعودية

عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية («الشرق الأوسط»)
عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية («الشرق الأوسط»)

قاد بطء حركة التكتلات والاندماجات بين الشركات العاملة في السوق السعودية إلى تهديد مستوى المنافسة في السوق المحلية، وسط نداءات متكررة للمضي قدما نحو بناء كيانات اقتصادية كبرى قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من قطاعات الاقتصاد السعودي.
وخلصت دار «الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية» التي مقرها الرياض إلى أن عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية. وفي هذا الخصوص، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور توفيق عبد العزيز السويلم، مدير دار «الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية»، إن عدم التحرك بنفس السرعة التي تتحرك بها الاقتصادات العالمية سيؤدي إلى تراجع مستوى المنافسة في الخدمات والمنتجات الاقتصادية على السواء. ودعا إلى تنفيذ حملة من كل الجهات المختصة للتوعية بأهمية الاندماجات وعمل التكتلات الاقتصادية، خاصة أن الاقتصاد الوطني يعيش تغيرات كثيرة نظرا للانفتاح العالمي وظهور الاندماجات والتكتلات الاقتصادية واستحواذ الشركات الكبيرة على الصغيرة في ظل المنافسة الشديدة الناتجة عن بروز العولمة وانضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية، وما صاحب ذلك من تحديات عديدة فرضت نفسها على القطاعات الاقتصادية المختلفة ليصبح التكتل والاندماج بين المنشآت ضرورة اقتصادية.
وفي السياق ذاته، أبدى المحلل الاقتصادي عبد العزيز الفهاد رأيا منسجما مع ما ذهب إليه السويلم، بقوله إن تأخر بناء التكتلات من شأنه التأثير سلبا على عجلة النمو الاقتصادي على المديين المتوسط والطويل، وذلك في ظل ارتفاع وتيرة الانفتاح الاقتصادي على المستوى العالمي. وشدد على أهمية العمل على تنفيذ منهج واضح وخطة عمل قابلة للتطبيق في عمليات بناء التكتلات الاقتصادية، وتوحيد الإدارات من ناحية، وتبادل الأفكار من ناحية أخرى، وصولا إلى مرحلة العمل بروح الفريق الواحد الذي سيفضي إلى بناء تكتلات عملاقة، وبالتالي بناء اقتصاد عملاق ومنتج.
وهنا عاد الدكتور توفيق السويلم للتأكيد على ضرورة بناء الاقتصادات الكبرى في كثير من دول العالم وبالذات العربي، مركزا على أن اجتماع رؤوس الأموال، وتوحد الإدارات، وتبادل الأفكار، والعمل بروح الفريق الواحد، وتوحيد الجهود، من شأنها بناء كيانات اقتصادية قادرة في هذه المرحلة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات عدة. وذهب إلى أن بناء الكيانات القوية سيعالج مشكلات البطالة، على اعتبار أنه سيفتح العديد من فرص العمل بشكل تلقائي، مما يساعد في تنمية مواردها البشرية، والتغلب على مشاكلها الاجتماعية، ويمكّنها في مراحل تالية من الحضور والمنافسة.
وبحسب السويلم فإنه في ظل مؤثرات السوق لا بد أن يتنبه رجال الأعمال إلى خطورة الانفتاح الاقتصادي العالمي والمرحلة المقبلة التي تتطلب تكوين وبناء التكتلات والاندماجات، فالمرحلة المقبلة تبين أنه لا بد من الانتشار الأفقي لهذه الشركات والاستفادة من خدمات توحيد الشراء أو الشراء الموحد، فضلا عن أنه لا بد من الاستفادة من إمكانيات الموارد البشرية. وركز على إمكانية إقامة تكتلات بين الشركات العاملة في القطاع الواحد، بما يساعد على تضافر الجهود وتوحيد الإمكانيات والاستفادة من الخبرات والعلاقات ومواجهة المنافسة الكبيرة الحادثة في السوق المحلية والإقليمية والدولية نتيجة للتغيرات التي تشهدها الساحة الاقتصادية، وذلك لنشر ثقافة تكوين تكتلات وعمل اندماجات بين المؤسسات أو الشركات العامة في القطاعات المختلفة.
وخلص مدير دار «الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية» إلى أن الراصد للمتغيرات الاقتصادية الحادثة على الساحة العالمية يجد أن اندماج وتكتل المنشآت أصبح ظاهرة واضحة، حيث تتجه تلك المنشآت لاتخاذ استراتيجية قائمة على البحث عن القوة والفعالية حتى تجد لها مكانا في الأسواق على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وذلك إيمانا منها بأن بقاءها بمفردها سيؤدي بها إلى التلاشي عن الخريطة الاقتصادية.
من جهة أخرى، رأى المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أنه من الممكن تسريع عمليات الاندماجات من خلال ثلاثة جوانب رئيسة.. أولا: الجوانب التشريعية الداعمة للاندماجات بهدف تشكيل كيانات كبرى قادرة على مواجهة التحديات؛ وتحقيق الأهداف الكبرى؛ ومن ضمنها تسهيل الإجراءات وتوفير الدعم الحكومي، والمحافظة على المحفزات المتاحة لأطراف الاندماج؛ على أساس أن سحب بعض المحفزات الحكومية تحت عذر الاندماج الكلي قد يعوق عمليات الاندماج.
وبين أن ثاني الجوانب الرئيسية يتمثل في ثقافة رجال المال والأعمال المسيطرين على الشركات المساهمة، حيث إن ثقافة الاندماجات قد لا تكون متاحة للغالبية إلا للاستراتيجيين الأكفاء القادرين على وضع رؤية مستقبلية تعظم الربحية وتدعم المنشأة وتحقق أهدافها التوسعية، وأن غياب ثقافة الاندماجات والتكتلات تحت ضغط الملكية الفردية والسيطرة يضيع الفرص الكبرى على القطاع الخاص.
وبحسب البوعينين فإن ثالث الجوانب الرئيسية يتمثل في انتهاج مبدأ الاندماج كعلاج حتمي لمشكلات بعض الشركات من قبل الجهات المنظمة. فعلى سبيل المثال غالبية شركات قطاع التأمين عانت من خسائر متراكمة؛ ويمكن لمؤسسة النقد أن تفرض على تلك الشركات خيار الاندماج لتكوين كيانات ضخمة ولمعالجة مشكلاتها المالية. والأمر نفسه يمكن تطبيقه على الشركات الزراعية وباقي القطاعات.
وذهب إلى أن التكتلات وتوحيد الإدارات يؤثران في بناء كيانات اقتصادية قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من القطاعات الاقتصادية من خلال إسهامهما في خفض التكاليف من جهة؛ وتعظيم الربحية من جهة أخرى؛ كما أنهما يسهمان في تحقيق الأهداف الإنتاجية الضخمة التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التكتلات الكبرى.
وحذر من تأثير تأخر بناء التكتلات مع ارتفاع سرعة وتيرة الانفتاح الاقتصادي العالمي على عجلة نمو الاقتصاد المحلي مستقبلا، مبينا أن «غياب التكتلات الكبرى جعل شركاتنا المحلية منكشفة أمام الشركات الكبرى، وأنه حين فتح الأسواق كليا أمام الشركات العالمية ستكون التنافسية أساس البقاء، ولا يمكن تحقيق التنافسية من قبل الشركات الضعيفة، بل يجب العمل على خلق تكتلات كبرى تحقق التنافسية محليا وخارجيا. كما أن التكتلات الكبرى هي القادرة على قيادة الاقتصاد وخلق الفرص المتنوعة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة».



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.