تراجع اليورو يفتح فرص العقار الأوروبي

القيمة الشرائية المضافة للأجانب تقدر بنحو 20 %

القطاع العقاري يشهد ارتفاعات غير مسبوقة في برلين
القطاع العقاري يشهد ارتفاعات غير مسبوقة في برلين
TT

تراجع اليورو يفتح فرص العقار الأوروبي

القطاع العقاري يشهد ارتفاعات غير مسبوقة في برلين
القطاع العقاري يشهد ارتفاعات غير مسبوقة في برلين

تعود العقارات الأوروبية إلى الواجهة كاستثمار جيد بعد التراجع الأخير في قيمة اليورو وأيضا تراجع فوائد القروض العقارية في أوروبا. ونتج هذا التراجع المفاجئ من قرار البنك المركزي الأوروبي باتباع خطوة سبقه إليها كل من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك إنجلترا وهي «التيسير الكمي». وتعني هذه الخطوة طرح مبالغ نقدية هائلة في السوق لشراء السندات الحكومية وتوفير السيولة المالية وتشجيع الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار بدلا من سياسة الانكماش التي كانت سائدة سابقا. ولكن أهم الأعراض الجانبية لهذه السياسة الجديدة كان انخفاض قيمة اليورو أمام الدولار والإسترليني.
وتعد أسعار العملات حاليا، أو بالأحرى تغيرها، مثل البارومتر الذي يحدد قيم العقارات الدولية. وظلت أوروبا طوال السنوات الماضية منذ عام 2008 تعاني من سياسة نقدية متقشفة مع ارتفاع قيمة اليورو، وهو الأمر الذي أدى إلى أزمات اقتصادية واجتماعية في دول مثل اليونان وإسبانيا. ولكنها الآن على ما يبدو غيرت هذه السياسة من أجل دفع الاقتصادات الأوروبية نحو الانتعاش. وإذا ما نجحت هذه السياسة فإن انعكاساتها سوف تكون إيجابية على قطاعات الاقتصاد الأوروبي ومنها القطاع العقاري، مما يجعل فرصة الشراء الاستثماري الآن مجدية.
ومن فرنسا، تؤكد شركة «فرنش برايفت فاينانس» المتخصصة في تمويل القروض العقارية أن انخفاض قيمة اليورو إزاء العملات الأخرى بالإضافة إلى تراجع تكاليف فوائد القروض العقارية يعني أن المشتري الأجنبي في وضع شرائي أفضل بنسبة 20 في المائة عما كان عليه منذ 10 أشهر فقط.
وفي مجال الشراء الاستثماري للعقارات الأوروبية تشير شركات إلى أن قيمة الإيجارات في أوقات غياب المشتري يمكنها أن تغطي أقساط القرض العقاري أو توفر دخلا من هذه العقارات.
ولكن مع زيادة جاذبية العقارات الأوروبية هناك أيضا بعض المخاطر التي يجب أن تؤخذ في الحسبان وهي تتعلق بالاستقرار السياسي، مثلما الحال الآن في اليونان، أو التغييرات الضريبية المحتملة في إسبانيا وفرنسا. أحد المخاطر التي ظهرت في قبرص مثلا قبل عدة سنوات كان تجميد الأصول المصرفية لكبار المودعين بعد شبهة غسل أموال من بعض المغتربين الروس. وأصيب المقيمون الأجانب ببعض القلق عندما طلبت منهم الحكومة الإسبانية تسجيل أصولهم الاستثمارية في الخارج، ولم تفصح الحكومة الإسبانية بعد عن دوافع هذا الطلب غير العادي.
ويقول خبراء إن على المستثمر أن يقيّم أيضا الوضع الاقتصادي العام في الدول الأوروبية التي يريد الاستثمار فيها من حيث حجم الديون الخارجية وحالة الاقتصاد. والدولة الأفضل للاستثمار قد تكون تلك التي لا دوافع لديها لرفع الضرائب. وتبدو ألمانيا في وضع جيد من حيث جدوى الاستثمار العقاري فيها.
ومن يرد أن يتوجه إلى الاستثمار غير العادي فعليه التوجه شمالا إلى النرويج وهي خارج منطقة اليورو ولكن عملتها الوطنية، الكورونا، تراجعت في قيمتها بنحو 30 في المائة خلال العامين الأخيرين. وهي لذلك تقدم فرصة استثمارية جيدة.
وتقول مؤشرات شركة «رايت موف» البريطانية إن نسبة البريطانيين الذين يبحثون عن عقارات في الخارج للاستثمار فيها زادت في العام الأخير بنحو 48 في المائة وأن معظم هذا الاهتمام يتوجه إلى أوروبا، وبنسبة أقل إلى الولايات المتحدة. ودعمت إحصاءات شركة «إتش إف إكس» للصرف الأجنبي إحصاءات «رايت موف» بالقول إن استفسارات تغيير العملة بالجملة زادت من بريطانيا أيضا في الآونة الأخيرة بنسبة 27 في المائة.
ويبدو أن المشترين من بريطانيا يريدون انتهاز الفرصة السانحة الآن قبل أن تحدث مفاجآت غير سارة لسعر الجنيه الإسترليني ناتجة عن الانتخابات في حالة فوز حزب العمال أو تشكيل حكومة ائتلافية غير مستقرة. ويزيد سعر الإسترليني أيضا عن عملات الزلوتي في بولندا والكورونا في كرواتيا. والاستثناء الوحيد هو الفرنك السويسري الذي فكت الحكومة السويسرية ارتباطه باليورو مما أدى إلى ارتفاع قيمته.
ويعني هذا أن من يملك استثمارا عقاريا في سويسرا بالفعل فقد زادت قيمة هذا الاستثمار بفعل قوة الفرنك السويسري. أما دخول السوق السويسرية حاليا فهو باهظ التكاليف. ولا تقل قيمة أي شاليه فاخر في جبال الألب حاليا عن 3 ملايين فرنك سويسري، وهي تخص قطاع القمة فقط من المستثمرين العقاريين في الخارج. وفي أوروبا، تصل معدلات الفائدة على القروض العقارية إلى أدنى قيمة لها في فرنسا التي تصل فيها النسبة إلى اثنين في المائة فقط. ولكن بالمقابل فإن أسعار العقارات في فرنسا ما زالت تمر باتجاه سلبي حيث فقدت نسبة 1.2 في المائة من قيمتها في العام الأخير. وما زالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية تعتبر أن أسعار العقار في فرنسا مقومة بأكثر من قيمتها. وهي الاستثناء الوحيد في أوروبا، حيث بقية الدول تعتبر عقاراتها الآن تباع بأقل من قيمتها الحقيقية.
في إسبانيا تصل نسبة الفائدة على الإقراض العقاري إلى 2.75 في المائة، وتبدو أسعار العقار فيها مستقرة حيث كانت نسبة الزيادة في العام الأخير 0.3 في المائة فقط. وهي السوق الوحيدة التي تتوازن فيها القيم العقارية الحالية مع القيم الحقيقية.
وتزيد الفائدة العقارية في إيطاليا إلى 3 في المائة ولكن العقارات فقدت نسبة 3.8 في المائة من قيمتها في العام الأخير، وهي أيضا سوق مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية. ويبدو الوضع في اليونان حرجا؛ حيث من الصعب الحصول على قروض عقارية ولا توجد إحصاءات عن التغير في الأسعار ولكن السوق بالتأكيد مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.
وتبدو البرتغال حالة جيدة للاستثمار العقاري حيث زادت قيمة العقارات فيها في العام الأخير بنسبة 4.9 في المائة ومع ذلك فهي ما زالت أقل من قيمتها الحقيقية. وتصل فوائد الإقراض العقاري في البرتغال إلى 5 في المائة. وفيما يتعلق بتوقعات ارتفاع الأسعار يقدر الخبراء أن المناطق الريفية في أيرلندا مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية بنحو 60 في المائة، ولذلك فهي توفر أفضل فرص الاستثمار. تلي تلك سوق العقار البرتغالية التي زادت في العام الأخير بنسبة 4.9 في المائة. وفي إسبانيا شهدت السوق أول ارتفاع في الأسعار منذ عام 2011 في الربع الثاني من عام 2014، وبنسبة 0.8 في المائة. وكانت مدينة مرسيا القريبة من الساحل المغربي هي أكثر المناطق نموا. ويقبل البريطانيون على إسبانيا أكثر من غيرهم وهم يشترون في القطاع الواقع بين نصف مليون إلى 750 ألف دولار.
ولكن عدم الاهتمام من المستثمرين الأجانب، خصوصا من روسيا، بالسوقين الفرنسية والإيطالية، أدى إلى تراجع الأسعار خلال العامين الماضيين. ويتوقع رودي اريس من شركة نايت فرانك أن تستمر الأسعار في القطاع الفاخر في التراجع خلال عام 2015.
وفي مجال الاستثمار للمدى الطويل فإن أسواق كل من أيرلندا واليونان والبرتغال وألمانيا تبدو مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية. ويتوجه الاهتمام السياحي حاليا إلى جنوب إسبانيا حيث يمكن الاقتراض بفوائد لا تزيد على 2.75 في المائة مع ضرورة توفير مقدم يصل إلى 40 في المائة من ثمن العقار.
وفي إيطاليا يتركز الاهتمام بمناطق امبريا وتوسكاني، بينما تنتظر الأسواق خروج سوق اليونان من كبوتها الحالية. وخارج أوروبا يمكن الاقتراض العقاري بنسب تصل إلى 3 في المائة في أميركا و4.5 في المائة في أستراليا.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».