تعود العقارات الأوروبية إلى الواجهة كاستثمار جيد بعد التراجع الأخير في قيمة اليورو وأيضا تراجع فوائد القروض العقارية في أوروبا. ونتج هذا التراجع المفاجئ من قرار البنك المركزي الأوروبي باتباع خطوة سبقه إليها كل من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك إنجلترا وهي «التيسير الكمي». وتعني هذه الخطوة طرح مبالغ نقدية هائلة في السوق لشراء السندات الحكومية وتوفير السيولة المالية وتشجيع الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار بدلا من سياسة الانكماش التي كانت سائدة سابقا. ولكن أهم الأعراض الجانبية لهذه السياسة الجديدة كان انخفاض قيمة اليورو أمام الدولار والإسترليني.
وتعد أسعار العملات حاليا، أو بالأحرى تغيرها، مثل البارومتر الذي يحدد قيم العقارات الدولية. وظلت أوروبا طوال السنوات الماضية منذ عام 2008 تعاني من سياسة نقدية متقشفة مع ارتفاع قيمة اليورو، وهو الأمر الذي أدى إلى أزمات اقتصادية واجتماعية في دول مثل اليونان وإسبانيا. ولكنها الآن على ما يبدو غيرت هذه السياسة من أجل دفع الاقتصادات الأوروبية نحو الانتعاش. وإذا ما نجحت هذه السياسة فإن انعكاساتها سوف تكون إيجابية على قطاعات الاقتصاد الأوروبي ومنها القطاع العقاري، مما يجعل فرصة الشراء الاستثماري الآن مجدية.
ومن فرنسا، تؤكد شركة «فرنش برايفت فاينانس» المتخصصة في تمويل القروض العقارية أن انخفاض قيمة اليورو إزاء العملات الأخرى بالإضافة إلى تراجع تكاليف فوائد القروض العقارية يعني أن المشتري الأجنبي في وضع شرائي أفضل بنسبة 20 في المائة عما كان عليه منذ 10 أشهر فقط.
وفي مجال الشراء الاستثماري للعقارات الأوروبية تشير شركات إلى أن قيمة الإيجارات في أوقات غياب المشتري يمكنها أن تغطي أقساط القرض العقاري أو توفر دخلا من هذه العقارات.
ولكن مع زيادة جاذبية العقارات الأوروبية هناك أيضا بعض المخاطر التي يجب أن تؤخذ في الحسبان وهي تتعلق بالاستقرار السياسي، مثلما الحال الآن في اليونان، أو التغييرات الضريبية المحتملة في إسبانيا وفرنسا. أحد المخاطر التي ظهرت في قبرص مثلا قبل عدة سنوات كان تجميد الأصول المصرفية لكبار المودعين بعد شبهة غسل أموال من بعض المغتربين الروس. وأصيب المقيمون الأجانب ببعض القلق عندما طلبت منهم الحكومة الإسبانية تسجيل أصولهم الاستثمارية في الخارج، ولم تفصح الحكومة الإسبانية بعد عن دوافع هذا الطلب غير العادي.
ويقول خبراء إن على المستثمر أن يقيّم أيضا الوضع الاقتصادي العام في الدول الأوروبية التي يريد الاستثمار فيها من حيث حجم الديون الخارجية وحالة الاقتصاد. والدولة الأفضل للاستثمار قد تكون تلك التي لا دوافع لديها لرفع الضرائب. وتبدو ألمانيا في وضع جيد من حيث جدوى الاستثمار العقاري فيها.
ومن يرد أن يتوجه إلى الاستثمار غير العادي فعليه التوجه شمالا إلى النرويج وهي خارج منطقة اليورو ولكن عملتها الوطنية، الكورونا، تراجعت في قيمتها بنحو 30 في المائة خلال العامين الأخيرين. وهي لذلك تقدم فرصة استثمارية جيدة.
وتقول مؤشرات شركة «رايت موف» البريطانية إن نسبة البريطانيين الذين يبحثون عن عقارات في الخارج للاستثمار فيها زادت في العام الأخير بنحو 48 في المائة وأن معظم هذا الاهتمام يتوجه إلى أوروبا، وبنسبة أقل إلى الولايات المتحدة. ودعمت إحصاءات شركة «إتش إف إكس» للصرف الأجنبي إحصاءات «رايت موف» بالقول إن استفسارات تغيير العملة بالجملة زادت من بريطانيا أيضا في الآونة الأخيرة بنسبة 27 في المائة.
ويبدو أن المشترين من بريطانيا يريدون انتهاز الفرصة السانحة الآن قبل أن تحدث مفاجآت غير سارة لسعر الجنيه الإسترليني ناتجة عن الانتخابات في حالة فوز حزب العمال أو تشكيل حكومة ائتلافية غير مستقرة. ويزيد سعر الإسترليني أيضا عن عملات الزلوتي في بولندا والكورونا في كرواتيا. والاستثناء الوحيد هو الفرنك السويسري الذي فكت الحكومة السويسرية ارتباطه باليورو مما أدى إلى ارتفاع قيمته.
ويعني هذا أن من يملك استثمارا عقاريا في سويسرا بالفعل فقد زادت قيمة هذا الاستثمار بفعل قوة الفرنك السويسري. أما دخول السوق السويسرية حاليا فهو باهظ التكاليف. ولا تقل قيمة أي شاليه فاخر في جبال الألب حاليا عن 3 ملايين فرنك سويسري، وهي تخص قطاع القمة فقط من المستثمرين العقاريين في الخارج. وفي أوروبا، تصل معدلات الفائدة على القروض العقارية إلى أدنى قيمة لها في فرنسا التي تصل فيها النسبة إلى اثنين في المائة فقط. ولكن بالمقابل فإن أسعار العقارات في فرنسا ما زالت تمر باتجاه سلبي حيث فقدت نسبة 1.2 في المائة من قيمتها في العام الأخير. وما زالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية تعتبر أن أسعار العقار في فرنسا مقومة بأكثر من قيمتها. وهي الاستثناء الوحيد في أوروبا، حيث بقية الدول تعتبر عقاراتها الآن تباع بأقل من قيمتها الحقيقية.
في إسبانيا تصل نسبة الفائدة على الإقراض العقاري إلى 2.75 في المائة، وتبدو أسعار العقار فيها مستقرة حيث كانت نسبة الزيادة في العام الأخير 0.3 في المائة فقط. وهي السوق الوحيدة التي تتوازن فيها القيم العقارية الحالية مع القيم الحقيقية.
وتزيد الفائدة العقارية في إيطاليا إلى 3 في المائة ولكن العقارات فقدت نسبة 3.8 في المائة من قيمتها في العام الأخير، وهي أيضا سوق مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية. ويبدو الوضع في اليونان حرجا؛ حيث من الصعب الحصول على قروض عقارية ولا توجد إحصاءات عن التغير في الأسعار ولكن السوق بالتأكيد مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.
وتبدو البرتغال حالة جيدة للاستثمار العقاري حيث زادت قيمة العقارات فيها في العام الأخير بنسبة 4.9 في المائة ومع ذلك فهي ما زالت أقل من قيمتها الحقيقية. وتصل فوائد الإقراض العقاري في البرتغال إلى 5 في المائة. وفيما يتعلق بتوقعات ارتفاع الأسعار يقدر الخبراء أن المناطق الريفية في أيرلندا مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية بنحو 60 في المائة، ولذلك فهي توفر أفضل فرص الاستثمار. تلي تلك سوق العقار البرتغالية التي زادت في العام الأخير بنسبة 4.9 في المائة. وفي إسبانيا شهدت السوق أول ارتفاع في الأسعار منذ عام 2011 في الربع الثاني من عام 2014، وبنسبة 0.8 في المائة. وكانت مدينة مرسيا القريبة من الساحل المغربي هي أكثر المناطق نموا. ويقبل البريطانيون على إسبانيا أكثر من غيرهم وهم يشترون في القطاع الواقع بين نصف مليون إلى 750 ألف دولار.
ولكن عدم الاهتمام من المستثمرين الأجانب، خصوصا من روسيا، بالسوقين الفرنسية والإيطالية، أدى إلى تراجع الأسعار خلال العامين الماضيين. ويتوقع رودي اريس من شركة نايت فرانك أن تستمر الأسعار في القطاع الفاخر في التراجع خلال عام 2015.
وفي مجال الاستثمار للمدى الطويل فإن أسواق كل من أيرلندا واليونان والبرتغال وألمانيا تبدو مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية. ويتوجه الاهتمام السياحي حاليا إلى جنوب إسبانيا حيث يمكن الاقتراض بفوائد لا تزيد على 2.75 في المائة مع ضرورة توفير مقدم يصل إلى 40 في المائة من ثمن العقار.
وفي إيطاليا يتركز الاهتمام بمناطق امبريا وتوسكاني، بينما تنتظر الأسواق خروج سوق اليونان من كبوتها الحالية. وخارج أوروبا يمكن الاقتراض العقاري بنسب تصل إلى 3 في المائة في أميركا و4.5 في المائة في أستراليا.
تراجع اليورو يفتح فرص العقار الأوروبي
القيمة الشرائية المضافة للأجانب تقدر بنحو 20 %
تراجع اليورو يفتح فرص العقار الأوروبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة