احتجت «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين» على التدابير الجديدة التي أدخلتها الحكومة على قانون العقوبات، والتي تشدد العقوبة على «الرجال الذين يمارسون العنف ضد المرأة»، وقالت إن ذلك «يزرع الفتنة والبلبلة والشقاق بين الأفراد داخل الأسرة الواحدة».
وأوضحت «الجمعية» في بيان أمس، أن من بين أكبر أزمات الجزائر «ما تتعرض له الأسرة الجزائرية المسلمة من سن قوانين جائرة، تشجع المرأة على العصيان ضد أبيها أو أخيها أو زوجها، وعلى النشوز باسم حقوق المرأة المزعومة».
وكان «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، قد صادق خلال الأسبوع الماضي على تعديلات في قانون العقوبات، اقترحها وزير العدل الطيب لوح، تقضي بسجن الزوج لمدة سنة في حال ضرب زوجته دون أن يخلف عجزا عن العمل. أما إذا أفضى الضرب إلى عجز عن العمل لمدة تزيد على 15 يوما، فإن عقوبة السجن قد تصل إلى 3 سنوات. كما نصت تدابير القانون أيضا على أن «يعاقب بالحبس من سنة إلى 3 سنوات كل من ارتكب ضد زوجته أي شكل من أشكال التعدّي، أو العنف اللفظي أو النفسي المتكرر الذي يجعل الضحية في حالة تمسّ بكرامتها، أو تؤثر على سلامتها البدنية أو النفسية».
وتتناول العقوبات أيضا التحرّش الجنسي، و«العنف الاقتصادي» الذي يتعلق بأخذ أموال المرأة بالإكراه والضغط، و«مضايقة المرأة بما يخدش حياءها».
وأبدى رئيس «العلماء المسلمين» عبد الرزاق قسوم في بيانه استغرابا لـ«محاولة بناء الأسرة على أساس الانتقام والمعاداة بين الرجل والمرأة، مما يمثل عاملا خطيرا في إذكاء نار الفتنة، وما تفضي إليه من شقاق وطلاق. لذلك فإننا ندين في جمعيات العلماء كل إجراء تعسفي من شأنه أن يخل باستقرار الأسرة مهما تكن المبررات».
وتعد «جمعية العلماء» التنظيم الوحيد في المجتمع المدني، الذي لم يصطف في «طابور الولاء» لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. فبينما دعمت مئات الجمعيات والنقابات التي تعيش على إعانات الدولة، ترشح بوتفليقة للولايات الأربع خلال الحملات الانتخابية التي خاضها، وروَجت لكل مشاريعه السياسية منذ وصوله إلى الحكم عام 1999. نأى «العلماء» بأنفسهم عن هذا الأمر. ويقول مسؤولوه بأن عدم انخراطهم في حملة الولاء الكبيرة، كان سببا في وقف مساعدات الدولة التي كانت تمنح لهم قبل تولي بوتفليقة الرئاسة.
وذكر البيان أن «مبنى الأسرة مشيد في شرعنا الإسلامي على أسس تراحمية، هي السكينة والمودة والرحمة. وهي الأسس الفطرية التي لا ترتقي إليها العقود المدنية إلا إذا كانت محققة لمعانيها التربوية والاجتماعية». وأهاب البيان بالجميع أن «يعمل على إبطال محاولات الزجَ بالمرأة والأسرة إلى أن تكون عاكسة لواقع غربي متردي، اجتماعيا وأخلاقيا، ويقتلع جذور أسرتنا من أصولها، ويقضي على أسس وجودها».
من جهتهم، طالب برلمانيو «تكتل الجزائر الخضراء»، الذي يضم الأحزاب الإسلامية «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة» و«حركة الإصلاح الوطني»، بإلغاء مشروع الحكومة، بحجة أنه «يعارض الدستور الذي ينص على أن الإسلام دين الدّولة، ويمنع التمييز على أساس الجنس».
وقال ناصر حمدادوش، برلماني «مجتمع السلم»، لصحافيين أثناء جلسة التصويت على التعديلات بالبرلمان، إن مشروع الحكومة «يكرس الصراع بين الزوجين، وينتهك حرمة البيوت عند إثبات هذه الأفعال والأقوال، ويهدد تماسك الأسرة الجزائرية والسكينة العامة في المجتمع، مع أن الأصل هو أن العلاقة الزوجية مبنية على التكامل وعلى قوله تعالى (لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، وليس على العقلية الغربية بالندية والصدام والمساواة المطلقة رغم طبيعة كلّ جنس وخصوصياته».
وأوضح حمدادوش أن المواد التي تشدد على العقوبة في القانون «ستفتح الباب واسعا لزعزعة الثقة بين الزوجين، والانتقام المتبادل بينهما لأبسط أنواع الخلاف العادي والطبيعي في حياة كلّ أسرة». وعد مشروع الحكومة «التفافا على قانون الأسرة (الأحوال الشخصية)، وإرادة في تفتيته وتجزئته بقوانين فرعية، مثل هذا المشروع وقانون النفقة للمطلقة وقانون الطفل».
علماء الجزائر يحتجون على تشديد العقوبات في حق ممارسي العنف ضد المرأة
قالوا إنه يهدد تماسك الأسرة والسكينة العامة داخل المجتمع
علماء الجزائر يحتجون على تشديد العقوبات في حق ممارسي العنف ضد المرأة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة