الحوثيون يقلدون نموذج «السيد» و«الزعيم» يقلد الإيرانيين

«موضة» يتباهون بها.. محاكاة لعبد الملك الحوثي في اللباس والسلوك

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي
TT

الحوثيون يقلدون نموذج «السيد» و«الزعيم» يقلد الإيرانيين

عبد الملك الحوثي
عبد الملك الحوثي

في كثير من البلدان يمثل الفنانون ونجوم الرياضة نموذجا لعشاقهم ومحبيهم الذين يقلدونهم في أشياء كثيرة، منها ما هو معمول به، هذه الأيام، وهو تقليد قصات الشعر أو ارتداء الفانيلات التي تحمل أرقام اللاعبين، أو تقليد اللاعبين بطريقة اللعب، بالنسبة للرياضيين أو طريقة اللبس والكلام بالنسبة لنجوم الفن والسينما والتلفزيون، لكن الأمر يختلف كثيرا في بلد كاليمن، فـ«الموضة» السائدة، هذه الأيام، هي تقليد «السيد»، وهو عبد الملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثيين التي تسيطر على الأوضاع في شمال اليمن، بعد انقلابها على نظام الرئيس عبد ربه منصور هادي.
أنصار الحوثي يقلدونه بقصة الشعر وارتداء النظارة والجاكيت وطريقة وضع الشال (الغترة) فوق الكتف، طريقة حلاقة الذقن، وتجد هؤلاء، الآن، منتشرون بكثرة وبالأخص في العاصمة صنعاء، حيث لم يعد الكثير من أنصارهم ممن يرتدون البدلات الإفرنجية، يرتدون معها ربطات العنق «الكرافتة».
وبطبيعة الحال، فإن المراقبين يعتقدون أن هذه «الموضة» السائدة لدى الحوثيين، هي محاكاة وتقليد للإيرانيين، حيث يقول الخبراء، إن عبد الملك الحوثي، نفسه يحاكي النموذج الإيراني في كل شيء، بما في ذلك الملبس، وإن حرص على ارتداء الزي اليمني التقليدي، أيضا يحاكيهم في المذهب، كما يقلد الحوثي، زعيم «حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله في طريقة أدائه للخطابات، وبالنسبة لمقاتلي الحوثي، فهم يقلدون، في ملابسهم وغير ذلك، مقاتلي «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني.
وحالة التقليد في الأوساط السياسية والعسكرية والاجتماعية اليمنية، ليست جديدة، ففي العقود الماضية كان القضاة والحكام والعمال «المأمورين»، يقلدون الإمام يحيى حميد الدين (ملك اليمن)، ونجله أحمد (الحوثيون ينتمون لنفس الأسرة سلاليا)، وذلك بالملابس ووضعية الخنجر اليمني وطريقة المشي والكلام والأمر والنهي: «احبسوا أبوه»، أي احبسوه، وتقال بتعالٍ واستعلاء.
وقلد الكثير من الضباط وما زال البعض يقلد الرئيس السابق علي عبد الله صالح في طريقة تربيته لشاربيه، قبل عقود، وطريقة لبسه للبزة العسكرية والنظارات وغيرها من المحاكاة لشخصية مسيطرة ويراها المواطن ليل نهار عبر وسائل الإعلام كافة، وانتقل التقليد إلى المشايخ وكبار الضباط بالمواكب والحراسات والاستعلاء على العامة من الشعب.. «وأيضا نهب الأراضي وإقامة المنازل الفخمة وتقليد السفريات والتزاوج، وغيرها من القضايا الاجتماعية والأمنية والسياسية»، حسبما يقول أحد اليساريين اليمنيين السابقين لـ«الشرق الأوسط».
ويقول أحد السياسيين اليمنيين لـ«الشرق الأوسط»، إن التقليد «أمر متعارف عليه في كثير من البلدان والأزمنة، ولكنه، في الغالب، يكون لشيء حسن ولحالات أو أشخاص قريبين من محيطك وتحتك بهم يوميا أو تشاهدهم بأي وسيلة، ولكن في حالة الحوثيين هناك اختلاف كبير، فهم يقلدون إيران والإيرانيين في كل شيء ويذهبون إلى أكثر من ذلك بالسعي الحثيث إلى نقل التجربة الإيرانية بكل مساؤها إلى اليمن». ويردف السياسي اليمني الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن «اليمنيين لا يقلدون مواطني دول الخليج المجاورين لهم في الزي الشعبي وكذلك الخليجيون لا يقومون بالشيء نفسه، رغم التقارب الجغرافي والعلاقات القبلية المتداخلة في عرب شبه الجزيرة العربية»، ثم يقول إن «الحوثيين يسعون إلى إيجاد أنموذج إيراني في اليمن، وفي نهاية المطاف، أي شيء مقلد يظل مقلدا وسيأتي اليوم الذي سيتلاشى فيه وربما في وقت أسرع مما يتوقع البعض في اليمن، فلا السيد يظل سيدا ولا العبد يظل عبدا، وصنعاء ليست طهران مهما طال بقاء الحوثيين»، حسب تعبيره.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».