«المحكمة الدولية» عرضت تسجيلات للقاء جمع الحريري برستم غزالة

التسجيلات أثبتت تدخل النظام السوري في تفاصيل الانتخابات النيابية

«المحكمة الدولية» عرضت تسجيلات للقاء جمع الحريري برستم غزالة
TT

«المحكمة الدولية» عرضت تسجيلات للقاء جمع الحريري برستم غزالة

«المحكمة الدولية» عرضت تسجيلات للقاء جمع الحريري برستم غزالة

عرضت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يوم أمس الأربعاء تسجيلات صوتية قدمتها جهة الادعاء، للقاء جمع رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري بالرئيس السابق للاستخبارات العسكرية السورية في لبنان رستم غزالة والصحافي شارل أيوب، في يناير (كانون الثاني) 2005، تم التطرق فيها لموضوع الانتخابات النيابية وأثبتت تدخل النظام السوري في تفاصيلها. وامتنع أيوب في اتصال مع «الشرق الأوسط» عن التعليق على محتوى التسجيلات، باعتبار أنه ممنوع من الإدلاء بتصاريح صحافية قبل الإدلاء بشهادته أمام المحكمة الدولية.
وكانت المحكمة استكملت جلساتها بالاستماع إلى شهادة النائب غازي يوسف، الذي تحدث عن الانتخابات النيابية ومشروع القانون الانتخابي الجديد الذي عرف وقتها بقانون غازي كنعان. وأشار يوسف إلى أن «الحريري حاول التعديل في هذا المشروع الذي كان أكثر إجحافا بحقه وبتطلعاته لخوض الانتخابات النيابية في عام 2005»، لافتا إلى أن «الحريري كان يعلم أن مشروع القانون هذا محضر ومعلب ومبرمج بالقرار والتنفيذ عند رستم غزالة والنظام الأمني السوري اللبناني». واعتبر يوسف أن «حزب الله حل عسكريا، إلى حد ما، مكان الوجود السوري بعيد انسحاب الجيش السوري من لبنان»، مؤكدا أن «التكامل والتعاون التام بين أمن حزب الله والمخابرات السورية كان معروفا».
وقال يوسف إنه كان يعلم بعد لقائه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنه لن يوافق على تعيينه وزيرا للخارجية اللبنانية. وأضاف «الحريري كان يعلم أن ثمة 4 نواب يقدمون محضر اجتماع الكتلة النيابية إلى القيمين عليهم، رستم غزالة أو غازي كنعان أو جميل السيد، أي الجهاز الأمني السوري - اللبناني، بل حتى إلى أشخاص يعملون لدى الرئيس السابق إميل لحود، وكان يرسل أيضا رسائل عن طريقهم». وأوضح يوسف أن «الحريري كان قد قرر إعادة (النواب الودائع)، حيث كان اتفق مع المعارضة آنذاك على خوض انتخابات 2005 على أساس معارضة الوجود السوري في لبنان». وأضاف «أنا متأكد من أنه تم إبلاغ النواب الودائع الـ4 بأنهم لن يكونوا على لوائحه في الانتخابات المقبلة، وأصبحوا قبل وبعد ذلك الأبواق التي تستخدم للهجوم الشخصي على الحريري».
وكان يوسف، في جلسة يوم الثلاثاء، تحدث عن معلومات نقلها الوزير السابق غسان سلامة، وكان في حينه مستشارا للأمين العام للأمم المتحدة، إلى الحريري، وتتعلّق بمخطط سوري لاغتياله. وروى يوسف عن هذا اللقاء الذي حصل في دارة الحريري في باريس بحضوره وبحضور مستشار الحريري هاني حمود أن غسان سلامة قال «ما أسمعه هو تهديد جدي.. إذا عدت إلى بيروت سيتم تحضير قانون انتخاب لاغتيالك السياسي من خلال فرض مرشحين عليك كي يقزموك، وإذا أردت أن تقاوم فسيغتالونك جسديا».
وكانت المحكمة استمعت في جلسات سابقة لشهادتي النائب مروان حمادة والنائب السابق سليم دياب وعبد اللطيف الشماع صديق الحريري وغيرهم. وقررت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة في وقت سابق قبول طلب الادعاء بإضافة النائب وليد جنبلاط والصحافي علي حمادة إلى قائمة شهودها الـ16 من السياسيين والصحافيين اللبنانيين الذين كانوا مقربين من الحريري، بعد رفض طلب فريق الدفاع لمنع الاستماع إليهم بحجة أن شهاداتهم ستكون «سياسية» وبالتالي لا يجوز الأخذ بها.
وبدأت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهي محكمة جنائية ذات طابع دولي أقرها مجلس الأمن عام 2007، عملها رسميا مطلع مارس (آذار) 2009 لمحاكمة المتهمين بتنفيذ اعتداء 14 فبراير (شباط) 2005 الذي أدى إلى مقتل الحريري و23 شخصا آخرين بينهم مرافقوه. وأصدرت المحكمة في عام 2011 قرار اتّهام بحقّ أربعة أفراد ينتمون لحزب الله؛ لدورهم المزعوم في اغتيال الحريري، وهم سليم عيّاش ومصطفى بدر الدين وحسين عنيسي وأسد صبرا. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلنت المحكمة أن قاضي الإجراءات التمهيدية فيها صدّق على قرار اتّهام جديد بحق اللبناني حسن حبيب مرعي، المتهم أيضا بالمشاركة في اغتيال الحريري.
وأعلن حسن نصر الله، في 4 يوليو (تموز) 2011، رفضه قرار المحكمة وكل ما يصدر عنها، واصفا إياها بأنها «أميركية - إسرائيلية ذات أحكام باطلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.