مساع أميركية لتقريب وجهات النظر بين الرئيس اليمني ووزير دفاعه

«الحراك» يلتقي هادي ويؤكد على مطلب «الاستقلال».. و«الأمنية العليا» تحذر العسكريين

عبد ربه منصور هادي أثناء اجتماعه بوزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي في عدن أمس (إ.ب.أ
عبد ربه منصور هادي أثناء اجتماعه بوزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي في عدن أمس (إ.ب.أ
TT

مساع أميركية لتقريب وجهات النظر بين الرئيس اليمني ووزير دفاعه

عبد ربه منصور هادي أثناء اجتماعه بوزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي في عدن أمس (إ.ب.أ
عبد ربه منصور هادي أثناء اجتماعه بوزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي في عدن أمس (إ.ب.أ

التقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، بوزير دفاعه اللواء محمود الصبيحي الذي تمكن من الفرار من صنعاء قبل عدة أيام من العاصمة صنعاء، إلى عدن، وذلك لمناقشة التطورات على الساحة وبالأخص فيما يتعلق بالجوانب العسكرية، في الوقت الذي دعت اللجنة الأمنية العليا، منتسبي القوات المسلحة والأمن إلى عدم الانحياز إلى أي قوة سياسية في الساحة اليمنية وإلى عدم تنفيذ أي أوامر تصدر لهم.
وتشير مصادر في عدن إلى أن اللقاء، الذي تأخر بضعة أيام، جرى بالتزامن مع لقاء أجراه الرئيس هادي بالسفير الأميركي لدى اليمن، ماثيو تولر، وتتحدث المصادر السياسية إلى أن نقاشات موسعة جرت في عدن من أجل تقريب وجهات النظر بين هادي والصبيحي إزاء جملة من القضايا المتعلقة بالمرحلتين الماضية والمقبلة، وبالأخص فيما يتعلق بموضوع ترتيب وضع ما تبقى من قوات الجيش التي ما زالت تؤيد الشرعية متمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، في هذه الأثناء، ما زال التوتر يخيم على مدينة عدن بعد اشتباكات متقطعة شهدها محيط مطار عدن الدولي بين قوات الأمن الخاصة ومسلحي اللجان الشعبية الموالية لهادي، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجان الشعبية تسعى إلى السيطرة على المطار الذي تحرسه قوات الأمن الخاصة والتي يديرها قائدها، العميد عبد الحافظ السقاف، الذي رفض قرارا رئاسيا بإقالته ويتحصن داخل معسكر قواته بمنطقة الصولبان في عدن»، وفي سياق الوضع المتوتر في عدن، قالت مصادر متطابقة إن «قوات اللجان الشعبية في محافظتي لحج وعدن تمكنت من ضبط عدد من الجنود والضباط المنتمين لقوات الأمن الخاصة في صنعاء والذين كانوا يحاولون التسلل إلى عدن، من أجل تعزيز القوى البشرية لفرع القوات هناك والمتمرد على هادي».
من ناحية ثانية، تتزامن المباحثات المكثفة التي يجريها الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن مع كل الأطراف المحلية والعربية والأجنبية، مع أنباء يتداولها الشارع اليمني وبعض الأوساط عن استعدادات في بعض الألوية العسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي في المناطق الجنوبية والشرقية من أجل تطويق جهود تجميع قوات الجيش الموالية لهادي، وتحت مبرر محاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة، تجري التحضيرات العسكرية من قبل اللواء عبد الرحمن الحليلي قائد المنطقة العسكرية الأولى ينفذ مخططا ضد محافظات حضرموت شبوة مأرب الجوف تحت ذريعة تطهير الإرهاب، وأشارت المصادر إلى أن «حركة واسعة في أوساط قبائل تلك المحافظات تراقب كل هذه التحركات»، التي يعدها البعض في إطار التحضير للحرب على الجنوب، حسب تعبير تلك المصادر.
على صعيد آخر، التقى الرئيس عبد ربه منصور هادي في مقر إقامته في قصر الرئاسة بمعاشيق في العاصمة المؤقتة عدن يوم أمس الأربعاء وفدا بارزا من قيادات الحراك الجنوبي المطالب باستقلال وتقرير مصير الجنوب من بينها أحمد با معلم وعلي محمد السعدي ومحسن بن فريد العولقي وعلي هيثم الغريب وعبد الكريم السعدي بالإضافة إلى أسماء أخرى، وخلال اللقاء الذي استمر قرابة ساعتين تمت مناقشة عدد من القضايا والتطورات السياسية الحاصلة على المستويين الوطني والدولي.
الرئيس هادي أكد للحاضرين أن القضية الجنوبية انتقلت من إطارها الوطني إلى طور أوسع وأشمل تمثل باعتراف إقليمي ودولي، منوها بهذا الصدد إلى أن مؤتمر الحوار الوطني ومضامينه منحت الجنوب والجنوبيين حقهم العادل والمنصف وفي إطار دولة يمنية اتحادية قائمة على العدالة في توزيع الثروة، وعلى والشراكة السياسية والاقتصادية.
وقال القيادي البارز في الحراك العميد علي محمد السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «اللقاء بالرئيس تم من مكونات الهيئة الوطنية لتحرير واستقلال الجنوب والتي تضم 23 فصيلا وتحدث عنها جميعا القيادي المعروف أحمد با معلم، نائب رئيس الهيئة الوطنية والذي عبر عن هدف ثورة الجنوب وشعبه المتمثل بالتحرر والاستقلال وكذا تأكيده بتمسك هذه القوى وبثباتها ونضالها الثوري التحرري والسير به نحو الحرية والاستقلال، وإقامة دولة الجنوب العربي الفيدرالية الحديثة التي تتسع لكل أبنائها دونما إقصاء أو تهميش لأي جنوبي وأيا كان انتماؤه السياسي أو الفكري»، وحول ما لمسه موفد قوى الحراك من الرئيس هادي أفاد العميد السعدي: «لقد لمسنا من الأخ الرئيس هادي تجاوبا إيجابيا مع تمسكه بمخرجات مؤتمر الحوار اليمني، وهذا رأيه وموقفه، بل ومن حقه أن يعبر عنهما وبالطريقة التي يراها مناسبة له باعتباره رئيسا ويحكمه موقعه، ففي المحصلة نحن جنوبيون وبحاجة ماسة لأن تتسع صدورنا لبعضنا البعض، كي نعمل جاهدين على تقارب وجهات نظرنا باعتبار الجنوب وقضيته مسؤولية كل جنوبي، فدون أن نؤسس لعوامل ثقة فيما بيننا سنكون نحن العائق الصعب والمعقد الذي سيؤجل وصول ثورة شعبنا الجنوبي الثائر إلى تحقيق هدفها العادل في الحرية والاستقلال».
وعد مراقبون هذا اللقاء بمثابة خطوة متقدمة وكسرا لحالة القطيعة التي دامت سنوات بين السلطة وفصائل الحراك المقاطعة لمؤتمر الحوار الوطني، والمطالبة باستقلال وحق تقرير المصير. فضلا عن أن مثل هذه الخطوة للفصائل الجنوبية المنضوية تحت مسمى «الهيئة الوطنية الجنوبية» يمكنها أن تعزز لتقارب جنوبي جنوبي يمكن التأسيس عليه لحالة تحالفية وجبهوية من شأنها تقوية الرئيس هادي، وكانت «الشرق الأوسط» كشفت، في عددها الصادر أمس، عن مفاوضات تجري بين الرئيس هادي وفصائل في الحراك الجنوبي بجنوب اليمن.
على صعيد آخر، تكثف اللجنة الأمنية العليا في اليمن من اجتماعاتها بعد تمكن رئيس اللجنة، وزير الدفاع اللواء محمود سالم الصبيحي من مغادرة صنعاء والانفلات من الحصار الحوثي المفروض عليه والتوجه إلى جنوب البلاد، وقالت اللجنة، إنها «ناقشت في اجتماع أمس، المستجدات الأمنية والعسكرية على الساحة الوطنية، واستمعت اللجنة إلى تقرير حول التقدم الذي أحرزته القوى السياسية في حوارها الحالي حاليا للخروج بالوطن من الأزمة الحالية»، ودعت اللجنة «تلك القوى إلى نبذ الخلافات السياسية وتغليب مصلحة الوطن على ما دونها من مصالح»، وفي اجتماعها، أمس، كان لافتا أن اللجنة أعلنت أنها ناقشت جزئية أمنية وهي الاحتياطات الأمنية الاحترازية لتأمين نشاط الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال وميناء التصدير في بلحاف (محافظة شبوة الجنوبية)، وأقرت في هذا الصدد تعزيز الاحتياطات الأمنية ووضع الترتيبات اللازمة بما يمكن الشركة من أداء عملها ونشاطها بشكل طبيعي، ووسعت اللجنة الأمنية من قوامها، بعد أن غادرها رئيسها وزير الدفاع، اللواء الصبيحي، ورئيس جهاز الأمن القومي، الدكتور علي حسن الأحمدي، وأقرت إضافة عدد من القيادات العسكرية والأمنية إلى قوام اللجنة للاستفادة من خبراتهم ومواقعهم القيادية.
وكانت اللجنة الأمنية العليا، التي شكلها الحوثيون مؤخرا، أصدرت في وقت متأخر من مساء أول من أمس، بيانا دعت فيه مؤسستي القوات المسلحة والأمن إلى الحفاظ على وحدة البلاد وصيانة الممتلكات العامة والخاصة وإلى الوقوف ضد ما وصفتها بالأنشطة الإرهابية، كما دعت اللجنة في بيانها الجيش والأمن في اليمن إلى عدم الاستجابة لأي دعوات تهدف إلى الإضرار بوحدة الجيش والأمن وإلى تحريم استخدام السلاح أو التهديد باستخدامه بين وحدات وأفراد القوات المسلحة والأمن ورفض أي توجيهات أو أوامر تستهدف استخدام القوة بين رفاق السلاح داخل تلك الوحدات، ودعتهم أيضا إلى الالتزام بالحياد التام حتى يتسنى للقوى السياسية الوصول إلى حلول تجنب البلاد ويلات الدمار والحروب، وقال البيان إن «اللجنة الأمنية العليا تدرك المخاطر المحدقة بالوطن نتيجة الظروف السياسية الناتجة عن تأخر النخب السياسية في الوصول إلى الحلول التوافقية المستندة على مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية»، وأضافت أنه و«انطلاقا من تقدير اللجنة الأمنية العليا للدور الوطني المناط بمؤسستي القوات المسلحة والأمن في الحفاظ على وحدة البلاد ومكتسبات الوطن وصيانة مؤسسات الدولة وممتلكات المواطنين من العبث والاعتداء والتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد بلادنا داخليا وخارجيا، فإن اللجنة قد وقفت أمام هذه المستجدات على الساحة الوطنية وبالذات ما يتعلق فيها بتزايد الأنشطة الإرهابية في بعض محافظات الجمهورية بالإضافة إلى المحاولات التي تهدف إلى شل فاعلية ودور القوات المسلحة والأمن والانحراف بها عن مهامها الوطنية في الدفاع عن الوطن ومكتسباته من خلال محاولات جرها إلى محاور الصراعات بين المكونات السياسية وإحداث انقسام في صفوفها».
وأهاب بيان الأمنية العليا «ب» جميع الوحدات العسكرية والأمنية وقياداتها وأفرادها بتجنب الاصطفاف وراء أي تكتلات سياسية والتركيز على واجباتها المستندة على تقاليدها المهنية الأصيلة والاستمرار في أداء دورها في مكافحة التطرف والإرهاب وحماية المنشآت الاقتصادية وممتلكات المواطنين وعدم الاستجابة لأي دعوات تهدف إلى الإضرار بوحدة الجيش والأمن وتحريم استخدام السلاح أو التهديد باستخدامه بين وحدات وأفراد القوات المسلحة والأمن ورفض أي توجيهات أو أوامر تستهدف استخدام القوة بين رفاق السلاح داخل تلك الوحدات، وأكدت «ثقتها بوعي قيادات وصف وأفراد القوات المسلحة والأمن بضرورة التزامها بالحياد التام حتى يتسنى للقوى السياسية الوصول إلى حلول تجنب شعبنا ويلات الدمار والحروب لا سمح الله».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.