تلاشت الأيام عندما كان ظهوره الإعلامي يعد حدثا إخباريا، إذ توجد يوميا الآن أخبار عن لقاءاته. ومن ضمن الوفود التي زارته مؤخرا 4 نواب فرنسيين خالفوا سياسة حكومتهم.
تبدو فرص نجاة الرئيس بشار الأسد من الأزمة السياسية أكبر من أي وقت مضى منذ بدئها قبل 4 سنوات. ويقول تقرير لوكالة «رويترز» للأخبار إن الحرب أضعفت الرئيس بشار الأسد لكنه لا يزال أقوى من المجموعات التي تقاتل من أجل الإطاحة به. ولا تزال هناك دول قوية ترغب في رحيله لكنهم لم يظهروا العزيمة التي يظهرها حلفاؤه الذين يستمرون في الوقوف إلى جانبه. ومع اقتراب الذكرى السنوية الخامسة للأزمة، فإن دعوات خصومه الغربيين التي كانت تدعو باستمرار إلى رحيله باتت قليلة، وبدلا من ذلك تحول انتباههم إلى محاربة تنظيم داعش الذي يعتبر عدوا مشتركا.
وفي حين أن الولايات المتحدة وأعداءها العرب يقصفون المسلحين المتشددين في الشمال والشرق، شن الأسد وحلفاؤه هجوما كبيرا في منطقة أكثر أهمية لهم وهي منطقة الحدود الجنوبية بالقرب من إسرائيل والأردن. وفي الوقت نفسه خاض الأسد بثقة عالية حملة من نوع آخر، إذ أجرى 5 مقابلات منذ ديسمبر (كانون الأول)، كانت 3 منها مع وسائل إعلامية مقراتها في الدول الغربية الأكثر معارضة لحكمه، وهي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. لكن لا تبدو أن محاولته تلك ستضع حدا لعزله في دول الغرب ولدى أعدائه العرب.
وتقول تقارير الأمم المتحدة إن الجيش استخدم العنف بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة، وكثيرا ما يصفه المسؤولون الأميركيون بأنه القائد الذي يستخدم الغاز ضد شعبه، وهي تهمة تنفيها الحكومة السورية.
ويستبعد المسؤولون الغربيون فكرة إعادة طرح الأسد كشريك في القتال ضد تنظيم داعش. وهم يأملون أن تصل إيران وروسيا أبرز حلفاء الأسد إلى الخلاصة نفسها، في وقت أدى فيه الانخفاض الحاد في سعر النفط إلى زيادة عبء الاقتصاد السوري المدمر، ولا تبدو هناك أية علامة على تحول في موقف طهران أو موسكو، ويبدو أن التزام إيران تجاه الأسد يتعمق مع اقتراب ذروة المباحثات مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي.
وقال مسؤول رفيع في الشرق الأوسط على اطلاع بالسياسة السورية والإيرانية: «الإيرانيون ما زالوا يعتبرون الأسد الرجل الأول».
ويشكل الدور البارز الذي لعبه حزب الله اللبناني المدعوم من إيران في المعركة بالجنوب أحدث مثال على عزم حلفاء الأسد الوقوف إلى جانبه، كما أن المستشارين الإيرانيين على أرض المعركة، وهذا ما يتماهى مع الوضع في العراق، إذ يساعد الإيرانيون في الإشراف على العمليات ضد تنظيم داعش.
وقال المسؤول: «النظام سيبقى منشغلا وستبقى الخروقات هنا وهناك. المعركة في سوريا ما زالت طويلة جدا لكن من دون تهديدات وجودية على النظام».
ويقدر الآن عدد القتلى بنحو 200 ألف شخص، إضافة إلى تشريد ما يقرب من نصف السكان وفقا لأرقام الأمم المتحدة، ووصفها رئيس وكالة الأمم المتحدة للاجئين بأنها أسوأ أزمة إنسانية في هذا العصر. وقد تقلصت سيطرة الدولة لكن لا تزال تدير المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان.
ومني الجيش السوري والقوات المتحالفة معه بخسائر كبيرة في العام الماضي، وحتى مع القوات الجوية فإن الجيش لم يستطع توجيه ضربة قاضية إلى المسلحين في بعض المعارك المهمة مثل حلب.
وقد صد المسلحون الهجوم الأخير للجيش الذي كان يهدف إلى تطويق أجزاء يسيطر عليها المقاتلون في حلب. ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان فإن 150 جنديا على الأقل قتلوا من الجيش والقوات المتحالفة معها في هذه العملية. ولكن لا حلب ولا أجزاء من البلاد التي يسيطر عليها تنظيم داعش في الشرق تهم الأسد بقدر أهمية الممر الأرضي الذي يمتد من دمشق إلى الشمال عبر مدينتي حمص وحماه ومن ثم غربا إلى الساحل.
والمعركة لسحق المسلحين التي تمتد من دمشق إلى الجنوب إلى الحدود مع الأردن وإسرائيل من شأنها القضاء على واحد من آخر التهديدات الكبيرة لحكم الأسد في حال فوز الجيش وحلفائه.
وفي حال قررت الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب زيادة الضغط على الأسد فإنها يمكن أن تزيد الدعم العسكري لما تسميه «المعارضة المعتدلة» في الجنوب عبر الأردن. وبالنسبة إلى الأسد فإن استعادة الجنوب تقضي على ذلك الخطر، وهو ما من شأنه أيضا أن يحافظ على الحدود مع إسرائيل، وهذا هو أحد الاعتبارات الكبيرة لكل من دمشق وحزب الله وإيران الذين سعوا إلى بناء مشروعية شعبية استنادا إلى الصراع مع إسرائيل.
وفي دمشق فإن المراقبين يرون أن الحملة الجنوبية تشكل بداية هجوم استراتيجي مضاد من شأنه إنهاء الحرب بشروط الحكومة.
وفكرة الانتصار العسكري تتعارض مع الرأي السائد على نطاق واسع بأن الحرب يمكن فقط أن تنتهي بتسوية سياسية، فالجهود الدبلوماسية الرامية إلى تعزيز مثل هذه النتيجة لم تستطع أن تحقق شيئا منذ انهيار محادثات جنيف للسلام عام 2014.
ويبحث مسؤولون غربيون عن سبل لدعم ما يسمونه «معارضة معتدلة» لتقويتها في أي مفاوضات مستقبلية. والولايات المتحدة على وشك البدء بتقديم التدريب والعتاد للمسلحين لمحاربة «داعش»، ولكن لا يبدو أن حجم وهدف البرنامج سيغير من موازين القوى.
وحتى بعض معارضي الأسد أبدوا مرونة في مسألة توقيت رحيله في المرحلة الانتقالية التي يأملون أن تنهي حكمه. ويبدو أن الأسد يراهن على أن الحملة ضد التنظيم ستجبر في نهاية المطاف الولايات المتحدة على فتح قنوات اتصال معه، خصوصا أن القوات العراقية تستعد لاستعادة الموصل.
ويتم إبلاغ الأسد بالضربات الجوية التي يشنها التحالف في سوريا عبر أطراف ثالثة، بما فيها العراق. ولكنّ هناك انعداما عميقا للثقة، إذ يرى معارضو الأسد أنه استغل موضوع التهديد الذي يمثله تنظيم داعش، لصالحه. وقال مسؤول غربي: «لا مفر من فكرة أن سوريا مع الأسد في سدة الحكم لن تكون موحدة. هو لا يستطيع إعادة توحيد سوريا».
بعد 4 سنوات على بدء الأزمة السورية.. الأسد باقٍ بمساعدة حلفائه.. وأعدائه
مسؤول غربي: سوريا مع الأسد لن تكون موحدة.. ولا يستطيع إعادة توحيد سوريا
بعد 4 سنوات على بدء الأزمة السورية.. الأسد باقٍ بمساعدة حلفائه.. وأعدائه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة