«إذا غابت سيادة القانون.. سادت شريعة الغاب» ليس مجرد مثل عابر بل هو حقيقة تتجلى أمام الأعين في كثير من المجتمعات باختلاف أطيافها فغياب القانون يجعل صاحب القوة منتصرا حتى وإن كان لا يملك الحقيقة.
في المجتمع الرياضي السعودي يوما بعد آخر تتزايد حالات التقاذف تصريحا أو تلميحا بوجود حالات رشى وتلاعب في نتائج بعض مباريات الكرة السعودية سيما تلك التي تختص بدوري الدرجة الأولى وكان آخرها قضية أحد لاعبي الدرعية تجاه رئيس نادي القادسية معدي الهاجري وذلك في تصريح إعلامي للاعب الذي قاد إدارة نادي القادسية لإصدار بيان مطول تبرئ ساحتها وتعلن زيف هذا التصريح وأن هدفه زعزعة استقرار النادي الشرقي الذي ينافس من أجل خطف بطاقة الصعود في دوري الدرجة الأولى والعودة لدوري المحترفين السعودي. وأعلنت إدارة القادسية في ذات البيان رغبتها في أخذ حقها وملاحقة المسيئين وفقا للأنظمة والقوانين.
اتحاد الكرة السعودي كيان مستقل له قوانين وأنظمة خاصة ولوائح مستقلة لكل لجانه إلا أن القانون في مثل هذه الحالات يغيب جزء منه ويحضر الجزء الآخر، غياب الجزء الأهم هو نتاج تأخر تفعيل لجنة خاصة بالأخلاق والقيم ضمن لجانه رغم إعلان مجلس الإدارة الحالي برئاسة أحمد عيد لأكثر من مرة عن إطلاق لجنة القيم والأخلاق إلا أنها حتى الآن لم تر النور.
لجنة القيم والأخلاق هي إحدى اللجان القضائية في كل المنظمات الرياضية حول العالم وهي الوعاء الشامل لضبط وتنظيم أي تجاوزات من شأنها أن تحدث من أي مسؤول يعمل في الوسط الرياضي، واشتهرت هذه اللجنة بالتدخل في حالات الاشتباه بالتلاعب بالنتائج وقضايا الفساد التي تهدد وتطعن في نزاهة المنظمات الرياضية.
ويؤكد مصدر في اللجان القضائية في الاتحاد السعودي لكرة القدم فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» لأسباب قانونية أن «غياب اللجنة المعنية في مثل هذه الإشكاليات تسبب في تزايد حالات الاتهام والتلميحات بالرشى والتلاعب والتأثير على نتائج المباريات دون رادع قانوني».
وأضاف: «دور لجنة الأخلاق والقيم ضروري وقوي جدا في مثل هذه الأحداث وفي حال غيابها يفترض أن تمارس لجنة الانضباط دورا مماثلا رغم أن مثل هذه الأحداث تحتاج إلى محققين بارعين ومدع عام لتكون القرارات شاملة وعادلة وعميقة جدا إذ ليس من اللائق أن يحقق فيها قانونيون قليلو الخبرة أو لم يمارسوا دور المحققين أو الادعاء العام باعتبار أن القضية خطيرة جدا وتمس سمعة ومسيرة الرياضة السعودية».
ومن مهام هذه اللجنة التي ما زال المجتمع الرياضي السعودي ينتظرها هي التعامل مع أي من الحالات التي لا تجد مواد خاصة بها في لائحة لجنة الانضباط، وهي شاملة لكل منسوبي رياضة كرة القدم من لاعبين وإداريين وغيرهم. السويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يرى أن وجود لجنة الأخلاق والقيم في الفيفا تمنحه شكلا مثاليا لا تضاهيه فيه أي مؤسسة رياضية أخرى، مضيفا في تصريحات أطلقها في سبتمبر (أيلول) الماضي عن أهمية هذه اللجنة: منذ أن قمنا بإصلاحات أصبحنا نملك مؤسسة مثالية في مجال القيم، لدينا غرفتان ولكل منهما رئيس مستقل واحدة للتحقيقات يجود فيها محققون وخبراء في الادعاء العام وأخرى قضائية يحضر فيها قضاة سابقون تصدر القرارات.
وأضاف: «من السهل السيطرة على كرة القدم عندما تقام في الملعب، حيث هناك حدود ومدى زمني للمباراة إضافة لوجود حكم»، مختتما حديثه: «لكننا وخارج الملعب لا نملك أي حدود أو حكام ولا حتى إطار زمني».
غياب هذه اللجنة يؤكل المهمة في مثل هذه الحالات بصورة جزئية إلى لجنة الانضباط التي تشير مادتها رقم 75 إلى نقطتين الأولى معاقبة كل من يتآمر بالتأثير على نتيجة المباراة بشكل مخالف للأخلاق الرياضية يعاقب بالإيقاف لـ6 مباريات أو الحرمان المؤقت من المشاركة في أي أنشطة تتعلق بكرة القدم، كما يعاقب بغرامة 300 ألف وفي الحالات الخطيرة يكون الحرمان عن المشاركة بأي نشاط يتعلق بكرة القدم مدى الحياة ولا يشمله أي عفو رياضي.
أما الفقرة الثانية، من المادة 75 في لائحة الانضباط في الاتحاد السعودي لكرة القدم فتشير إلى أن قيام أي لاعب أو مسؤول بالتأثير على نتيجة المباراة بصورة غير قانونية يعاقب النادي الذي ينتمي إليه بغرامة مالية قدرها 500 ألف ريال مع شرعية معاقبته بالطرد من المسابقة أو التنزيل لدرجة أقل أو حسم النقاط أو سحب الجوائز مع مضاعفة وزيادة الغرامة المالية.
وما زال قرار لجنة الانضباط في موسم 2011 تجاه ناديي التعاون والوحدة هو الأبرز في مثل هذه الحالات حيث تم خصم 3 نقاط من كل فريق مع تغريمه مبلغا يزيد على 300 ألف وهو القرار الذي أدى لهبوط الوحدة لمصاف أندية الدرجة الأولى بعد انخفاض رصيدها النقطي بعد الخصم الذي جاء بعد آخر مواجهة للدوري ليهبط فريق الوحدة بديلا عن فريق القادسية الذي عاد بفضل هذا القرار للمشاركة في دوري المحترفين السعودي.
قرارات لجنة الأخلاق والقيم دائما ما تكون ذات أصداء كبيرة إما لمن تثبت إدانته في حالات تلاعب تمس الأخلاق والقيم الرياضية كالتلاعب في النتائج أو حتى معاقبة من يطعن في نزاهة أي شخص دون وجود ما يثبت ذلك، والأهم من ذلك مراقبة انتخابات الرئاسة والقرارات المصيرية ومعاقبة من يعبث في نزاهتها.
تداعيات الرشى والاتهامات بنزاهة بعض المباريات ليس أمرا جديدا في أي وسط رياضي حول العالم إلا أن هناك قوانين وأنظمة رادعة لمن يتلاعب أو يطلق الاتهامات دون وجود أي إثبات كاف، أما في الاتحاد السعودي لكرة القدم فلا يزال مكان هذه اللجنة شاغرا حتى وإن بدأت لجنة الانضباط تؤدي بعض مهامها على شكل خجول وبطيء.
مسؤول قانوني: غياب لجنة الأخلاق والقيم وراء تزايد الاتهامات بالرشى في الكرة السعودية
أكد لـ «الشرق الأوسط» أن هذه الظاهرة تحتاج إلى محققين ومدع عام بارعين لأجل نتائج عادلة
مسؤول قانوني: غياب لجنة الأخلاق والقيم وراء تزايد الاتهامات بالرشى في الكرة السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة