تناقضات حادة في استطلاعات الرأي الإسرائيلية

أحدهما يبشر بفوز كاسح لنتنياهو وآخر يتوقع له السقوط بقوة

تناقضات حادة في استطلاعات الرأي الإسرائيلية
TT

تناقضات حادة في استطلاعات الرأي الإسرائيلية

تناقضات حادة في استطلاعات الرأي الإسرائيلية

كشفت مصادر عليمة في أروقة الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة، أن هناك سلسلة استطلاعات سرية للرأي أجرتها هذه الأحزاب، أخيرا، تقدم نتائج متناقضة تماما للانتخابات البرلمانية التي ستجرى يوم الثلاثاء المقبل. فقد دلت بعضها على فوز ساحق لرئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو، ودلت الأخرى على أنه سيصاب بنكسة ماحقة تضطره إلى اعتزال السياسة.
وقالت مصادر في بلدية تل أبيب، إن حزب العمل، الذي يتحالف مع تسيبي لفني في «المعسكر الصهيوني»، تحت قيادة يتسحاق هيرتسوغ، حجز ميدان رابين الرحب في المدينة، ليوم الأربعاء الأول بعد الانتخابات، لكي يحتفل بانتصاره على نتنياهو. ويعود ذلك إلى تراكم نتائج 3 استطلاعات تبين أنها تمنح هذا المعسكر (المعسكر الصهيوني) 26 – 27 مقعدا، بينما سيحصل حزب الليكود بزعامة نتنياهو على 19 – 21 مقعدا. وحسب ناطق بلسان المعسكر، فقد شملت هذه الاستطلاعات ما بين 700 إلى ألف مشارك، بينهم 70 في المائة استطلعوا عن طريق الهاتف، والباقون عبر الاستطلاع على الإنترنت، ويشكلون عينة تمثل السكان البالغين في إسرائيل، مما يعني أنها قريبة جدا للدقة.
وتبين من هذه الاستطلاعات، أن القائمة المشتركة التي تضم الأحزاب العربية تستقر على الفوز بـ13 - 14 مقعدا، والأمر نفسه مع حزب «البيت اليهودي» بقيادة نفتالي بنيت المتطرف. وبعض الاستطلاعات تشير إلى أنه يقترب من 14 مقعدا. وحزب «ييش عتيد» بقيادة يائير لابيد على 11 – 12 مقعدا. وأضافت الاستطلاعات الداخلية لدى قائمة «المعسكر الصهيوني»، إن حزب «كولانو» سيحصل على 8 – 9 مقاعد، وقائمة «يهدوت هتوراة» على 7 مقاعد، وحزب شاس على 5 – 6 مقاعد، وميرتس على 5 مقاعد، وحزب «ياحد» على 4 – 5 مقاعد، بينما حزب «يسرائيل بيتينو» سيحصل على 4 – 6 مقاعد.
لكن استطلاعات حزب الليكود تعطي نتائج معاكسة تماما، وجرى التعبير عنها في آخر استطلاع أجرته «قناة آي 24» الفرنسية، التي تبث من ميناء مدينة يافا ومعروفة بقربها من الليكود. فقد منحت نتنياهو 26 مقعدا مقابل 21 مقعدا للمعسكر الصهيوني. وهذا الاستطلاع منح القائمة المشتركة للعرب 12 مقعدا، مع مؤشرات لوصول إلى 13 مقعدا. وارتفع البيت اليهودي بموجب الاستطلاع إلى ما بين 13 إلى 14 مقعدا، أما حزب يائير لابيد «يش عتيد»، فارتفع خلال الشهر الأخير، من 8 مقاعد قبل 3 أسابيع إلى 12 مقعدا اليوم. قائمة «كلنا» التي يتزعمها موشيه كحلون، مستقرة حتى الآن على 8 مقاعد، «يسرائيل بيتنو» بزعامة ليبرمان، غير مستقر ويتراوح من 5 حتى 7 مقاعد، وقد يتعافى من أدنى نتيجة وصل لها هذا الحزب. ميرتس موجودة في مواجهة صعبة خلال هذه العملية، وفي أدوات متشابكة مع المعسكر الصهيوني: حيث تزيد قوتها مع وصول «المعسكر الصهيوني» لأدنى مستوياته وتنخفض قوتها عندما تزيد قوة المعسكر الصهيوني، وتتراوح ما بين 5 حتى 6 مقاعد. حزب «يهدوت هتوراة» 8 مقاعد، و«شاس» 8 مقاعد.
وقال المستشار الإعلامي، إيال أراد، إن الهوة في الاستطلاعات تعود إلى كونها داخلية من جهة، وإلى اللخبطة الحالية لدى المحللين والخبراء من جهة أخرى. وأضاف: «الجمهور محتار جدا ويغير رأيه باستمرار. نسبة المترددين الذين لم يقرروا بعد لمن يصوتون، كبيرة جدا، وعلى الرغم من بقاء أسبوع واحد، فإن 20 في المائة لم يحددوا شكل توصيتهم حتى الآن. وأنا لا أستبعد أن تزيد هذه النسبة في الأيام الأخيرة، عندما تبدأ الأحزاب في حملات اليوم قبل الأخير للمعركة».
تجدر الإشارة إلى أن الاستطلاعات التي تجريها الصحف الإسرائيلية تدل على وضع تعادل بين نتنياهو وهيرتسوغ. ولهذا، فقد تم تسريب نبأ يقول إن رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، ينوي دعوة الليكود والمعسكر الصهيوني إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بينهما، بغية منع تفاقم الخلافات وتحولها إلى صدامات.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».