غارات على مطار لميليشيات {فجر ليبيا} وانقسام حول تعيين حفتر قائدًا للجيش

البحث عن 9 أجانب اختطفهم تنظيم داعش من حقل نفطي

ليبي يسير بجانب اكوام القمامة التي تراكمت بسبب إضراب عمال البلدية لعدم دفع رواتبهم في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
ليبي يسير بجانب اكوام القمامة التي تراكمت بسبب إضراب عمال البلدية لعدم دفع رواتبهم في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

غارات على مطار لميليشيات {فجر ليبيا} وانقسام حول تعيين حفتر قائدًا للجيش

ليبي يسير بجانب اكوام القمامة التي تراكمت بسبب إضراب عمال البلدية لعدم دفع رواتبهم في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
ليبي يسير بجانب اكوام القمامة التي تراكمت بسبب إضراب عمال البلدية لعدم دفع رواتبهم في بنغازي أمس (أ.ف.ب)

أبلغ العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي «الشرق الأوسط» أن الفريق خليفة حفتر بدأ عقب أدائه أمس اليمين القانونية قائدا عاما للجيش الليبي في ممارسة مهام عمله، بعد أن رقاه مجلس النواب المنتخب إلى رتبة فريق أول، فيما تواصلت جهود البحث عن 9 أجانب اختطفهم تنظيم داعش من حقل نفطي.
وتجاهل حفتر في القسم الذي أداه بحضور المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان والقائد الأعلى للجيش الليبي، أي إشارة إلى ثورة 17 فبراير (شباط) عام 2011 ضد نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي أو الدستور المؤقت للبلاد.
وقال حفتر وهو يرتدي الزي العسكري في أول ظهور علني له بمقر مجلس النواب، الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا مؤقتا له: «أقسم بالله العظيم أن يكون ولائي لله وللوطن وأن أؤدي عملي بصدق وإخلاص وأن أحافظ على وحدة ليبيا وأمن وسلامة أراضيها»، قبل أن ينبهه أحد مساعديه إلى وضع يده على المصحف الشريف خلال القسم.
وألقى حفتر كلمة أثارت انتقادات أحد النواب بسبب تجاهله الإشارة في كلمته أيضا إلى منطقة الهلال النفطي التي تشهد معارك بين قوات الجيش الليبي وما يسمى بميلشيات عملية فجر ليبيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس منذ الصيف الماضي.
ويأتي أداء اليمين القانونية بعد نحو أسبوع من استحداث المنصب من قبل مجلس النواب الذي أقر قانونا للقيادة العامة للجيش ومنح رئيس البرلمان بصفته المفوض بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي مهمة اختيار القائد العام للجيش.
وينص قرار تعيين حفتر على أن «القائد العام يعد المشرف العام على الجيش، ويمارس مهام أمين اللجنة العامة المؤقتة للدفاع سابقا، كما يمارس كل اختصاصات وزير الدفاع ورئيس الأركان بمقتضى القانون رقم 11 لسنة 2012، وتعديلاته الأخيرة».
ورتبة الفريق أول هي أرفع رتبة عسكرية في الجيش الليبي حاليا، مما يعني أن حفتر بات الرجل الأول على رأس ترتيبه الهرمي.
من جهته، اعتبر العقيد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي أن تعيين حفتر، يمثل خطوة لتفعيل القيادة للجيش الليبي والاستفادة من خبرات حفتر العسكرية، مشيرا إلى أن هذا التعيين انعكس على الروح المعنوية للجيش الليبي والشعب بصفة عامة. وأضاف المسماري لـ«الشرق الأوسط» من دون الخوض في أي تفاصيل عسكرية: «أتوقع أن نجني ثمار هذا التعيين على الجبهات جميعا».
ولم يصدر على الفور أي رد فعل من المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، والمنتهية ولايته أو حكومته المسماة بالإنقاذ الوطني واللذان يسيطران على العاصمة طرابلس بدعم عسكري من ميلشيات فجر ليبيا.
وقال مسؤول أمني في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إنه «بالنسبة للسياسيين والمسلحين والثوار بالمنطقة الغربية غير قابلين للتعيين، هذا بأي شكل من الأشكال، وبالنسبة لعامة الناس يوجد هكذا، ويوجد هكذا، بعض الناس يراه سفاح حرب تشاد ومرتكب جرائم حرب وبعضهم يراه منقذ الجيش ومن أعاد له الاعتبار».
وتابع المسؤول الذي اشترط عدم تعريفه: «التخوف الموجود عند نخبة كبيرة هو أن يسيطر الفريق على فريق مجلس النواب».
واستمرت أمس الهجمات المتبادلة بين قوات الجيش الليبي وميلشيات فجر ليبيا، حيث أغارات طائرات تابعة للجيش أمس على مطار معيتيقة لكن لم تقع أضرار بحسب عبد السلام بوعمود المتحدث باسم المطار الذي لفت إلى أن الرحلات الجوية توقفت لمدة ساعة فقط، لكنه سرعان ما عاد يعمل بشكل طبيعي.
وقال محمد الحجازي المتحدث باسم قوات حفتر: «نحن من ضربنا معيتيقة لأنه خارج شرعية الدولة ويأتي منه المقاتلون الأجانب والأسلحة إلى الميليشيات في المنطقة الغربية». ولجأ البرلمان المعترف به دوليا والحكومة المنبثقة عنه إلى شرق البلاد بعد سيطرة ميليشيات فجر ليبيا على العاصمة طرابلس وإعادتها إحياء البرلمان المنتهية ولايته الذي أنشأ بدوره حكومة موازية لكنها لم تلق أي اعتراف معلن.
إلى ذلك، نظم العاملون بقطاع النفط والغاز أمس وقفة أمام مقر المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، احتجاجا على مقتل أفراد حرس المنشآت النفطية، وتدمير وتخريب الحقول النفطية خلال هجوم لمتشددين مؤخرا.
وقالت وكالة الأنباء الموالية لما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني إن المشاركين دعوا إلى ضرورة تأمين الحقول والحفاظ عليها من التخريب حتى لا يتوقف الإنتاج، وهو ما يسبب تأثيرا مباشرا على تغذية محطات توليد الكهرباء، وكذلك توقف المصافي العاملة التي تتغذى من الحقول النفطية.
وفي غضون ذلك، أعلنت النمسا وبنغلاديش وجود رعايا لها ضمن مجموعة من الأجانب اختطفتهم جماعة ليبية متشددة في حقل الغاني الأسبوع الماضي.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية النمساوية إن «معلومات موثوقة» تشير إلى أن متشددي تنظيم داعش في ليبيا وراء الخطف، لافتا إلى أنه لم ترد أي معلومات منذ خطف عمال النفط التسعة وهم من النمسا وجمهورية التشيك وبنغلاديش والفلبين، إضافة إلى واحد على الأقل من دولة أفريقية بعد اختفائهم.
وتابع: «نعلم أنهم لم يصابوا عندما نقلوا من حقل الغاني»، مضيفا أن النمسا لديها معلومات تفيد بأنهم اختطفوا على أيدي «داعش».
كما أكدت بنغلاديش أن أحد مواطنيها من المخطوفين، حيث أصبح الأجانب أهدافا بشكل متزايد في الفوضى السائدة في ليبيا.
وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد شهريار علم لوكالة «رويترز»: «لسوء الحظ خطف أحد مواطني بنغلاديش وسفارتنا في طرابلس تبذل قصارى جهدها لمعرفة مكانه وإطلاق سراحه بسلام».
وقالت وزارة الخارجية في بنغلاديش إن المواطن المخطوف يدعى هلال الدين وهو أحد سكان جمال بور الواقعة على بعد 200 كيلومتر شمال غربي داكا.
وأضافت الوزارة أن سفارة البلاد في طرابلس على اتصال بالمؤسسة الوطنية للنفط الليبية وشركة فاوس التي استهدفت بالهجوم.
وتدعم حكومات غربية مفاوضات الأمم المتحدة التي تهدف إلى إنهاء الأزمة في ليبيا وتخشى أن تصبح ليبيا ملاذا للمتشددين.
وألقي باللوم على متشددين ليبيين بايعوا تنظيم داعش في العراق والشام في هجمات وقعت هذا العام واستهدفت أجانب بما في ذلك هجوم على فندق في طرابلس وذبح مسيحيين مصريين.
واقتحم متشددون الشهر الحالي أيضا عددا من حقول النفط الليبية قرب حقل الغاني وألحقوا أضرارا بها وأرغموا الحكومة على إعلان «حالة القوة القاهرة» وسحب العمال ووقف الإنتاج في 11 حقلا نفطيا في حوض سرت.
والمحادثات المدعومة من الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة والتوصل لاتفاق دائم لإطلاق النار في ليبيا مستمرة في المغرب إلا أن الجانبين يواجهان انقسامات داخلية جراء المفاوضات، والاقتتال بين الحكومتين مستمر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.