في ضاحية الرحاب بالقاهرة الجديدة (شرق العاصمة) المصرية، وبداخل أحد الاستوديوهات ينطلق بث «ليبيا تي في»، وهي إحدى القنوات الفضائية التي انطلقت عقب ثورة «17 فبراير» عام 2011 لتنقل البث الحي من داخل الأراضي الليبية.
وفي جو من الألفة الذي يجمع فريق عمل القناة التقت «الشرق الأوسط» رئيسها الإعلامي مجدي الشاعري، فأكد أنه «بشهادة الإعلاميين والسياسيين فإن قناته لم تقف إلا مع التيار الذي يخدم مصلحة لبيبا»، مضيفا: «لدى القناة استوديو في طرابلس وآخر في بنغازي لكنهما تحت الحصار.. وقلنا لمراسلينا في بنغازي وطرابلس ومصراتة (ابقوا في بيوتكم)، فالإعلامي في ليبيا مشروع شهيد».
ولفت الشاعري إلى أن الإعلام كان له الدور الأسوأ منذ ثورة «17 فبراير» عام 2011 وللأسف أجج الأحداث، موضحا أن «القناة بها مذيعات من مصر وسوريا والسعودية وهناك توجه للاستعانة باللبنانيات»، مؤكدا أن الإعلامي المهني يطرح الآراء كلها ويترك للمشاهد القرار. وإلى أهم ما جاء في الحوار..
* ما طبيعة عمل قناة «ليبيا تي في»؟
- «ليبيا تي في» من أوائل القنوات التي دشنت بعد ثورة «17 فبراير»، وكانت مواكبة للحدث الذي أطاح بحكم العقيد الراحل معمر القذافي، وكان الغرض منها دعم الثورة والوقوف مع الثوار.. والآن أصبح عمرها 4 سنوات، وأعتقد أنها أثرت جدا في الرأي العام، وكان لها دور كبير في توجيه الرأي العام للمصالحة والوحدة الوطنية وعدم تقسيم ليبيا.
* وماذا عن المحتوى الإعلامي الذي تقدمه القناة؟
- القناة موجهة إلى ليبيا ولدينا بعض المشاهدين من الوطن العربي، والليبيون خارج ليبيا متابعون للقناة.. عندما تم تحرير ليبيا بالكامل من النظام السابق (نظام القذافي)، شعرنا أن المواطن لا بد أن يحصل على راحة بعد الأحداث التي شهدتها البلاد، فاتجهنا للبرامج الترفيهية بدلا من أن يكون أغلب المحتوى سياسيا، وتم بالفعل تقديم عدد من البرامج كان لها صدى واسع.. وفي شهر رمضان عقب الثورة بدأنا في تقديم برنامج مسابقات على الهواء، واتجهنا إلى البرامج العامة التي فيها جرعة سياسية ورياضية وفنية ودينية كأي قناة معتدلة غير موجهة، أما من الناحية السياسية فإن القناة لم تقف إلا مع التيار الذي يخدم مصلحة ليبيا، وكنا في الوسط ما بين كل الآراء وأثبتنا ذلك بشهادة الإعلاميين والسياسيين الليبيين، ويحسب لنا في ظل صراع الفضائيات الكبير الذي حدث بعد الثورة والتي كانت أغلبها تحمل توجه تيار معين، أننا كنا في المنتصف رغم الضغوط التي مورست علينا خاصة المادية.
* وماذا عن برامج المنوعات والمسابقات والسياسة في القناة؟
- لدينا «كلام حواء»، وهو برنامج اجتماعي يقدم للمرأة، وبرنامج «الطبيب» ويتحدث في كل ما يخص الطب، و«الدين والناس» والذي يستضيف عالم دين للرد على استفسارات المشاهدين، وبرنامج «وينها»، و«الملك» وهو برنامج مسابقات بنفس فكرة برنامج «من سيربح المليون». وسياسيا، نقدم 4 برامج هواء شأن ليبي، وبرنامج «تغطية خاصة 1و2» وهو خاص بالأحداث التي تقع في الشرق والغرب، و«المشهد الليبي» ويضم جميع الأحداث في ليبيا، و«لمة خوت» وهو برنامج حواري لضيوف من ليبيا.
* ومن أين تبث القناة إرسالها الآن؟
- القناة لا تبث من ليبيا وتبث على القمر «نايل سات» ولدينا استوديو في طرابلس وآخر في بنغازي؛ لكنهما تحت الحصار.. وبالتالي نعمل من خارج ليبيا حتى نستمر وحتى الأمور تستقر، وفي بداية عمل القناة أنشأنا المركز الرئيسي في القاهرة لأسباب اتضحت للمشاهد بعد ذلك، بأن ليبيا أمامها فترة طويلة حتى تستقر، وبالتالي سنكون في مهب الريح لو وضعنا معدات القناة داخل الأراضي الليبية.
* وهل للقناة مراسلون في ليبيا الآن.. وما وضعهم؟
- نعم.. لدينا مراسلون في بنغازي وطرابلس ومصراتة، ووضعهم صعب جدا، لأننا مضطرون نقول لهم «ابقوا في بيوتكم»، حتى لا تتحمل القناة مسؤولية شخص يحدث له مكروه.
* حدثنا عن طبيعة عمل الإعلامي داخل الأراضي الليبية الآن؟
- أغلبية القنوات التي كانت تعمل في ليبيا تم إغلاقها عقب نهبها وحرقها من قبل المسلحين، فالإعلامي في ليبيا «مشروع شهيد» وليس مشروع إعلامي، لأن أي إعلامي يخرج ويتحدث للأسف لو أن كلامه لا يعجب أحد التيارات يتعرض للخطر، وعلى الأخص الخطر القادم من جماعة «فجر ليبيا» فهم مجموعة متطرفة دينيا لا يعجبهم أن يوجه لهم أي نقد، فأغلب الإعلاميين الآن خارج الوطن والمحطات التي أغلقت في الداخل تحاول أن تعمل من الخارج.. وهناك من استطاع أن يستمر في الأمر والآخر الذي لم يستطع، وخصوصا أن المحطات الآن ليس لديها موارد مالية، فالقناة لا بد أن يكون وراءها تيار سياسي معين لكي يدعمها وتستمر، بعكس القنوات التي تعتمد من الأساس على الإعلانات دون أي غطاء سياسي.
* وهل الإعلام عليه دور خلال هذه الفترة في ليبيا؟
- الإعلام كان له الدور الأسوأ منذ 17 فبراير عام 2011، فالإعلام الليبي للأسف أجج الأحداث، وكل تيار استولى على قناة معينة وفرض رأيه وتوجهاته فيها، والشعب مسكين في النهاية يصدق ما يأتيه من القنوات.. وللأسف جزء كبير من الإعلاميين شاركوا في المأساة التي تعيشها ليبيا الآن. فالإعلام المعتدل الذي كان من المفروض أن يوجه الناس لقبول الحوار والرأي الآخر، لم يكن موجودا.
* وما الذي ترجوه من الإعلاميين الليبيين؟
- أدعو الإعلاميين لجلسة هدوء مع النفس ليروا المكان الذي أوصلوا ليبيا إليه الآن. وبالنسبة لنا في قناة «ليبيا تي في» ورغم كل الضغوط التي واجهتنا وخصوصا من بعض التيارات التي حاولت تهديدنا وفجروا سيارات البث التي تمتلكها القناة، لم تُحِد القناة عن توضيح الصورة للمشاهد بطريقة مهنية محترمة دون إسفاف والدعوة إلى الحوار الهادف؛ وبعض القنوات الأخرى شاركتنا في ذلك وساروا في هذا الاتجاه أيضا؛ لكن لم يستمروا.
* تحدثت عن «حرب قنوات».. هل لازلت موجودة الآن؟
- موجودة؛ لكن ليس بكثرة مثل الفترة الأولى التي أعقبت الثورة.. الآن المشاهد بدأ يستوعب الذي يحدث وبدأ يتمسك بالقناة المعتدلة التي تتحدث عن الحوار، أكثر من التي تؤجج الفتن.
* وهل القناة بها مذيعات غير ليبيات؟
- نعم.. القناة بها مذيعات مصريات وسوريات ومذيعة واحدة سعودية.. أما اللبنانيات فهناك توجه للاستعانة بهن في المستقبل القريب.
* وهل العاملون في القناة ليبيون فقط؟
- الفنيون أغلبهم مصريون وهذا من أسباب نجاح القناة، لأن الفكر والرؤية مختلفة والخبرة أيضا، وهذا ليس تقليلا من شأن الليبيين؛ لكن الليبيين الآن صعب يقومون بهذا العمل في ظل ظروفهم الحالية.
* مشهد مقتل الـ21 قبطيا مصريا على يد «داعش».. تردد أن ما قام بتصويره إعلامي ليبي؟
- مع احترامي لكل الفنيين الليبيين؛ لكن معلوماتي أنهم ليسوا مصورين ليبيين؛ بل أجانب «بريطانيين».. وهذا المشهد أراه أكبر من أنه إرهابي؛ لكنه يضعنا أمام تساؤل كبير كيف لـ«داعش» وهو تنظيم لم يظهر إلا منذ فترة قصيرة، الاستفادة من الإبهار الإعلامي في توجيه رسائله وما زال يلعب على ذلك؟، في حين فشلت كثير من القنوات الليبية التي بدأت مع الثورة، أن تقدم أي إبهار إعلامي لمشاهديها.
* وماذا عن خطة القناة في المستقبل؟
- منذ فترة بدأنا في عمل «بروموهات» فنية وكلها تعتمد على لم الشمل والحوار والوحدة الوطنية، فالقناة كلها متجهة الآن للوحدة الوطنية ولم الشمل.. وهو الخطاب الذي سنظل مستمرين فيه حتى يلقى طريقه، لكن الأمر ليس سهلا.. فنحن نتحدث مع أشخاص معهم سلاح ويتعاملون بالدم.
* وكيف ترى الإعلام المصري والعربي بشكل عام؟
- الإعلاميون العرب يسيرون في الخط السليم ويسعون للحفاظ على الاستقرار في الوطن العربي ومحاربة الإرهاب والتطرف، وأذكر بالقفزة الكبيرة التي قفزتها المملكة العربية السعودية في العشرين عاما الماضية وهي طبعا تشهد للقائمين على هذا البلد، الذين أثروا في الرأي العام بطريقة معتدلة.. وهذا هو الذي يحتاجه المشاهد العربي.
* هل ترى أن المستقبل للإعلام الخاص في مصر والدول العربية؟
- التلفزيونات الحكومية سوف تظل على وتيرتها المعتادة، لأن القائم عليها موظف حكومي؛ والإعلام الآن يعتمد على الإبهار البصري، والموظف الحكومي لا يفعل ذلك لأنه لو تقدم بمقترح لرؤسائه بعمل ديكورات مبهرة سوف يتم رفضها؛ لكن الإعلام الخاص الإبهار شيء أساسي لديه، فالقنوات الخاصة مشروع تجاري عكس قنوات الدولة.
* بعض الإعلاميين تحولوا لمحللين سياسيين ونقاد.. كيف ترى ذلك؟
- لا يمكن أن يكون الإعلامي محللا، فالإعلامي المهني لا يطرح رأيه، وإنما يطرح الآراء كلها والمشاهد هو من يقرر، ففي بعض الدول وليس في مصر يكون المشاهد متعلقا بمذيع معين، فيتم استغلاله من بعض الأجهزة لتوصيل فكرة معينة أو رأي معين، وبالتالي التوصيل سيكون أسرع من استضافة ضيف ومحاورته.
* في تصورك.. أين «ليبيا تي في» من القنوات الليبية؟
- في جميع الاستفتاءات سواء داخل ليبيا أو من الدول المجاورة حصدنا المرتبة الأولى، فبسبب سياسة القناة المعتدلة أصبح لنا مصداقية عند المشاهد، وأصبح يلجأ لنا عندما يكون هناك خبر معين للتعرف على حقيقته.
* وهل الجمهور المصري متابع للقناة؟
- لا.. ليس بكثرة، لأن التوجه كان ليبيا فقط، ووضعنا المالي لا يسمح بمجارات القنوات الفضائية الأخرى في مصر، ماديا لا نستطيع عمل برامج أو نشتري أفلاما أو مسلسلات جديدة؛ لكن فنيا نستطيع. لكن عندما يريد المشاهد توضيح عن الشأن الليبي يترك القنوات المصرية ليأتي إلينا.
* يوجد قنوات متشددة في ليبيا الآن؛ لكن أنتم حاليا خارج ليبيا.. ألا ترى أنكم أخليتم الساحة لهم لنشر فكرهم المتشدد؟
- المشاهد لن يقول ذلك وخصوصا أنني أمنحه الحدث؛ لكن طريقة الطرح مختلفة والمشاهد أصبح يفهم ويعرف الأسباب.. وهذا ما نقوم به، نأتي بالطرفين وهذا ليس له علاقة بأنك داخل البلد أو خارجها.
* بالنسبة لقناة الجزيرة.. هل مارست نفس الأسلوب الذي مارسته مع القاهرة؟
- طبعا.. الجزيرة كانت واحدة من القنوات التي أفسدت وأشعلت الفتنة في ليبيا، الطرح لم يكن موضوعيا وتعاملها مع ليبيا لم يكن مهنيا.. وهي مستمرة إلى الآن فهي تسلك مسلك جماعة الإخوان المسلمين وبكل قوة.
* وماذا عن القنوات الرسمية في ليبيا؟
- هناك قناتان.. لكن أصبحا أربعة الآن 2 تبع المنقطة الشرقية و2 تبع الغربية.
* البعض طالب بخطاب إعلامي عربي للم الشمل.. كيف تراه؟
- نأمل في ذلك، وأعتقد أن المواطن العربي الآن أصبح أكثر نضجا من ذي قبل لكشف زيف المؤامرات على العالم العربي.. وأن المخطط أكبر منا جميعا.
* أنت شقيق المطرب حميد الشاعري.. لماذا لم يفكر في تقديم برنامج بالقناة؟
- حميد له جمهوره الخاص.. وأتمنى أن يقدم برنامجا لكشف المواهب في مجال الغناء والموسيقى في الوطن العربي؛ لكن هذا البرنامج والجميع يعرف يحتاج موارد كبيرة.
* ولماذا لم تلجأ القنوات الليبية للبحث عن ممولين؟
- جميع من يمولون لديهم توجهات؛ وفي قناة «ليبيا تي في» مثلا نرفض أي دعم يأخذنا لتوجهات سياسية.
* وهل تحلم بالعودة إلى ليبيا وبث القناة من أرضها؟
- مسألة الرجوع إلى ليبيا ليست الأهم.. أحلم بإعلام مهني يقدم الصورة المهنية الحقيقية، فبعد ثورة 17 فبراير شعرنا أن صورة الإعلام سوف تتغير؛ لكنها سارت من الأسوأ للأسوأ.. فإعلام القذافي كان فاشلا وموجها وكنت لا تستطيع متابعة أي قناة أكثر من 3 دقائق.. ولذلك أذكر رأيا بقول إن «الإعلام يبني دولا ويسقطها».
7:57 دقيقة
مجدي الشاعري: «داعش» لا يزال يلعب على الإبهار الإعلامي في توجيه رسائله
https://aawsat.com/home/article/306986/%D9%85%D8%AC%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1%D9%8A-%C2%AB%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4%C2%BB-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D9%84%D8%B9%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D8%AC%D9%8A%D9%87-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84%D9%87
مجدي الشاعري: «داعش» لا يزال يلعب على الإبهار الإعلامي في توجيه رسائله
رئيس قناة «ليبيا تي في» قال لـ«الشرق الأوسط»: قلنا لمراسلينا في بنغازي وطرابلس ومصراته «ابقوا في بيوتكم»
- القاهرة: ولید عبد الرحمن
- القاهرة: ولید عبد الرحمن
مجدي الشاعري: «داعش» لا يزال يلعب على الإبهار الإعلامي في توجيه رسائله
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة