احتجاج المعارضة الجزائرية بسبب مواقف الأحزاب الموالية للسلطة

رفضت المشاركة في مؤتمر «إعادة بناء الإجماع الوطني»

احتجاج المعارضة الجزائرية بسبب مواقف الأحزاب الموالية للسلطة
TT

احتجاج المعارضة الجزائرية بسبب مواقف الأحزاب الموالية للسلطة

احتجاج المعارضة الجزائرية بسبب مواقف الأحزاب الموالية للسلطة

قال زعيم «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم أحزاب المعارضة الجزائرية، إن الأحزاب الموالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة مدعوة إلى «تجاوز الحسابات الحزبية الضيقة والأنانيات التي لا جدوى منها»، في إشارة إلى رفض «جبهة التحرير الوطني» وحزب «التجمع الوطني الديمقراطي» و«تجمع أمل الجزائر» و«الحركة الشعبية الجزائرية»، الذين رفضوا مسعى «القوى الاشتراكية»، عقد «مؤتمر إعادة بناء الإجماع الوطني».
وقال محمد نبو، السكرتير الأول لـ«الجبهة» أمس، في لقاء مع مناضلي الحزب بالعاصمة، إن «أطر الجبهة ساهموا بفعالية في مسعى إعادة بناء إجماع سياسي وطني، كفيل بإرساء الجزائر إلى بر الأمان»، مشيرا إلى وجود «صعوبات وعقبات» واجهت مبادرة «إعادة بناء الإجماع» التي يروج لها منذ نهاية العام الماضي، لكنها لقيت تحفظا شديدا من جانب التكتل الحزبي المعارض «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، بحجة أنها «تصب في مصلحة النظام ولا تفرض عليه التغيير»، كما لقيت رفضا قاطعا من طرف «أحزاب الموالاة»، التي قالت إن «شرعية الرئيس والبرلمان والمجالس المحلية المنتخبة خط أحمر»، بمعنى أنه لا يمكن لمؤتمر الإجماع المرتقب أن يتناول هذه القضايا بالنقد.
وأوضح نبو أن أطر الحزب «ماضون قدما من أجل تنظيم ندوة الإجماع الوطني، لأننا نؤمن فعلا بأن الحوار غير المشروط بين كل أطياف الطبقة السياسية في الجزائر كفيل ببناء أفق جديد للجزائر».
واللافت أن «القوى الاشتراكية» تنتقد لأول مرة موقف أحزاب السلطة من مبادرتها. ويفهم من ذلك، حسب مراقبين، أن مسؤولي الحزب الذي أسسه رجل الثورة حسين آيت أحمد، مستاءون بسبب عجزهم عن حشد التأييد للمسعى، إذ راهنوا طويلا على موافقة مسؤولين في الحكومة على حضور المؤتمر المنتظر، غير أن السلطة لا تعترف بوجود أزمة سياسية في البلاد تستدعي الجلوس إلى طاولة للتحاور حول مستقبل الجزائر. ففي نظر أحزاب الموالاة، فإن الجزائريين انتخبوا رئيسهم عبد العزيز بوتفليقة، في اقتراع جرى العام الماضي، شهد الجميع بنزاهته في الداخل والخارج. ووفق هذا المنطق، ما على الطامحين إلى رئاسة البلاد إلا انتظار انتخابات عام 2019.
ويشار إلى أن «مؤتمر الإجماع» أو «الوفاق الوطني» كان مقررا يومي 23 و24 من الشهر الماضي، لكن أصحاب المشروع أعلنوا عن تأجيله إلى وقت غير معلوم، بسبب برودة تعاطي «الموالاة» والمعارضة معه.
وفي هذا الصدد قال سعداني، أمين عام «جبهة التحرير»، إن حزبه «يرفض أن يكون مرؤوسا في أي مبادرة كانت»، ما يعني أنه لن يشارك في مؤتمر يقود أشغاله وفعالياته حزب آخر. وعدّ هذا الكلام هجوما غير مباشر على «القوى الاشتراكية»، التي ترى في مشاركة «جبهة التحرير» بمثابة موافقة السلطة على مسعاها، ذلك أن حزب الغالبية يرأسه شرفيا الرئيس بوتفليقة، ويسمى «جهاز السلطة».
كما أعلن سعداني رفضه الجلوس إلى تنظيمات وشخصيات غير حزبية، مما يشكل ضربة أخرى لـ«القوى الاشتراكية»، التي عرضت مبادرتها على مسؤولين سابقين في الحكومة، لكنهم غير منخرطين في أحزاب، مثل رئيسي الوزراء سابقا مقداد سيفي، ومولود حمروش، وقادة جمعيات معروفة.
ويرجح مراقبون تخلي «القوى الاشتراكية» عن مؤتمرها نهائيا، بعد المواقف السلبية من الطرفين، سلطة ومعارضة، ويؤكدون أن قيادة الحزب ارتكبت خطأ استراتيجيا عندما راهنت على تزكية السلطة لمبادرتها بعد أن تلقت في البداية إشارات إيجابية تفيد بقبولها من طرف رئاسة الجمهورية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».