أبو همام السوري: 16 عامًا من «التشدد»

اسمه سمير حجازي تنقل بين أفغانستان والعراق.. وبايع بن لادن مصافحة

أبو همام السوري
أبو همام السوري
TT

أبو همام السوري: 16 عامًا من «التشدد»

أبو همام السوري
أبو همام السوري

لا تجزم مصادر في المعارضة السورية بأن أبو همام السوري أو «الشامي»، الذي قتل في الضربة التي استهدفت مقر اجتماع «جبهة النصرة» بريف إدلب، كان الرجل الثاني في الجبهة فحسب، بل «كان الرجل الأول فعليا في ظل تردد أمير التنظيم أبو محمد الجولاني في اتخاذ القرارات»، مستندة إلى «تشدد أبو همام، وقدرته على التخطيط العسكري، وعلى قيادة حلف له داخل مجلس الشورى من الشرعيين المؤيدين، في مقابل الجولاني».
وأبو همام الشامي (سمير حجازي)، الذي كان يعرف أيضا باسم فاروق السوري، اكتسب تلك المهارات من تجربة تمتد على أكثر من 16 عاما في صلب التنظيمات المتشددة، وجمع خلالها الخبرات العسكرية والقيادية من أفغانستان، حيث انخرط بتنظيم «القاعدة» وبدأ بالتدرب معه في عام 1999، فضلا عن صلته بقيادات بارزة في «القاعدة»، بينهم أبو مصعب السوري. وسرعان ما اكتسب ثقتهم، حتى وصل إلى زعيم التنظيم السابق أسامة بن لادن، وقدم له البيعة مصافحة، في أواخر عام 2000، مما يشير إلى «عمق الثقة به».
وكانت «جبهة النصرة» وزعت السيرة الذاتية لقائدها العسكري العام قبل فترة طويلة، لتعرف عنه بُعيد تعيينه، قالت فيها إنه التحق في أفغانستان بمعسكر الغرباء الذي كان يديره «أبو مصعب السوري»، قبل أن ينتقل إلى قندهار، حيث شارك في دورات عسكرية في المطار أهلته لأن يكون قياديا عسكريا، ويشرف على تدريبات مقاتلين متشددين، قبل أن يعين أميرا على منطقة المطار في قندهار. وبعد تقديم البيعة لبن لادن، بات أبو همام زعيمًا للسوريين في تنظيم «القاعدة»، ومكث عدة سنوات قبل أن يلتحق بأتباع التنظيم في العراق قبل إسقاط نظام صدام حسين في عام 2003، حيث التقى أبو مصعب الزرقاوي وأبو حمزة المهاجر وقيادات آخرين من التنظيم في العراق.
اعتقل الشامي عدة مرات، كان أولها على يد المخابرات العراقية التي سلمته لبلاده، وأفرجت عنه، قبل أن يعود إلى العراق. وفي عام 2008، أوقفته السلطات اللبنانية، برفقة أبو طلحة الدوسري أثناء قدومهما من سوريا، بتهمة دخول البلاد خلسة، قبل أن يثبت انتماؤهما إلى تنظيم «القاعدة» أثناء التحقيق معهما، فحكم أبو همام 5 سنوات نفذها في سجن لبناني، قبل أن يفرج عنه في عام 2012، ليتوجه إلى سوريا، ويشكل مع أبو عمر الكردي و6 آخرين نواة تنظيم «جبهة النصرة» في سوريا، ليكون «الفرع السوري من تنظيم القاعدة»، قبل أن يتسلم موقع «القائد العسكري العام لجبهة النصرة في سوريا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.