مصر تعلن التوصل لاتفاق مبدئي مع إثيوبيا والسودان حول سد النهضة

وزير الري السابق لـ {الشرق الأوسط} : موقف القاهرة غامض وربما يعكس رضوخا لأديس أبابا

وزير الخارجية المصري سامح شكري (يسار)  ونظيراه الإثيوبي تادروس أدنهاوم والسوداني علي أحمد كرتي في المؤتمر الصحافي بالخرطوم أمس (رويترز)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (يسار) ونظيراه الإثيوبي تادروس أدنهاوم والسوداني علي أحمد كرتي في المؤتمر الصحافي بالخرطوم أمس (رويترز)
TT

مصر تعلن التوصل لاتفاق مبدئي مع إثيوبيا والسودان حول سد النهضة

وزير الخارجية المصري سامح شكري (يسار)  ونظيراه الإثيوبي تادروس أدنهاوم والسوداني علي أحمد كرتي في المؤتمر الصحافي بالخرطوم أمس (رويترز)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (يسار) ونظيراه الإثيوبي تادروس أدنهاوم والسوداني علي أحمد كرتي في المؤتمر الصحافي بالخرطوم أمس (رويترز)

فيما بدا بمثابة اختراق للأزمة العالقة بين القاهرة وأديس أبابا بشأن سد النهضة الإثيوبي، الذي تخشى مصر أن يؤثر على حصتها من مياه النيل، قال وزير الموارد المائية المصري حسام مغازي أمس إن الدول الثلاث الرئيسية التي تتقاسم مياه نهر النيل، توصلت إلى اتفاق مبدئي على آلية لتشغيل السد، من دون الكشف عن تفاصيل الاتفاق، لكن خبراء تحدثت معهم «الشرق الأوسط» حذروا من استمرار المفاوضات في ظل وتيرة البناء الحالية للسد. وقال محمد نصر علام وزير الري السابق إن التصريحات التي أطلقتها القاهرة أمس غامضة وربما تعكس رضوخا لمطالب أديس أبابا.
وسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق الذي يمد مصر بـ85 في المائة من حصتها في مياه النيل سيكون الأكبر في أفريقيا. وأثار السد مخاوف مصر التي تعتمد بشكل شبه حصري على نهر النيل في الزراعة والصناعة ومياه الشرب.
وتقول أديس أبابا إن السد يهدف إلى توليد 6 آلاف ميغاوات من الكهرباء رخيصة التكلفة لبيعها إلى دول بعضها بعيدة جدا عن حوض النيل مثل جنوب أفريقيا والمغرب.
وقال مغازي في ختام محادثات أجرتها وفود وزارية من مصر وإثيوبيا والسودان في العاصمة الخرطوم إنه «تم التوصل لاتفاق مبدئي بين البلدان الثلاثة بخصوص المسار السياسي.. وتم التوافق على الشواغل المصرية والسودانية بخصوص سد النهضة»، مشيرا إلى أن «المبادئ التي تم الاتفاق عليها تختص بنظم وآلية تشغيل سد النهضة وآلية التعاون في هذا السد».
ومن جانبه، قال محمد نصر علام وزير الري السابق لـ«الشرق الأوسط» إن التصريحات المصرية غامضة وربما تعكس موقفا سلبيا ورضوخا للمطالب الإثيوبية، فالحديث عن تقسيم مياه حوض النيل يعني أن القاهرة قبلت بإعادة توزيع الحصص، وهذا أمر يمثل ضررا وخيما على مصر».
وحذر علام مما سماه «ليونة في موقف المفاوض المصري»، مشيرا إلى أن استمرار المفاوضات مع تواصل البناء يضعنا في النهاية أمام أمر واقع لا يمكن تجاوزه، لافتا إلى أن إثيوبيا تدخل المفاوضات وهي ترفع لاءات منها لا مفاوضات حول حجم السد، ولا حول وقف البناء وهذا أمر ينسف عملية التفاوض نفسها.
وتعد سنوات ملء الخزان، والمقدرة بثلاث سنوات، هي أبرز مخاوف القاهرة، وتقول إن السد، الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب، سيخفض بشكل مؤقت تدفق النهر خلال فترة الملء، لكنها تخشى أيضا من أن البخر السطحي للمياه في البحيرة الجديدة الضخمة سيخفضه بعد ذلك بشكل دائم.
وبينما قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن «هذه المبادئ تعد بداية لمزيد من التعاون بين الدول الثلاث في المسار السياسي والفني»، أعرب وزير الخارجية الإثيوبي تادروس أدنهاوم عن ترحيب بلاده بالنتائج التي تحققت خلال الأيام الثلاثة (الماضية)، مشيرا إلى أن الاتفاق «يفتح فصلا جديدا بين الدول الثلاث وسنلتزم بهذه المبادئ».
وبدأت في العاصمة السودانية الخرطوم أعمال الاجتماع الوزاري الثلاثي لوزراء الخارجية والموارد المائية في كل من السودان ومصر وإثيوبيا، لبحث تقاطعات الدول الثلاث بشأن «سد النهضة» الثلاثاء الماضي.
ورغم التفاؤل الذي ساد في القاهرة في أعقاب الإعلان عن توافق مبدئي حول آليات تشغيل سد النهضة، لا تزال المخاوف قائمة. وقال الدكتور عبد العاطي الشافعي رئيس جمعية الصداقة المصرية الإثيوبية إن المصريين يأملون أن تترجم أديس أبابا النوايا الطيبة المعلنة إلى واقع ملموس. وأضاف الشافعي وهو خبير في الموارد المائية، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة القائمة الآن أن الأشقاء في إثيوبيا يواصلون العمل في بناء السد بوتيرة عالية، من غير المعقول أن تستمر المفاوضات تحت ضغط البناء المتواصل. لا نقول وقف أعمال البناء وهو حق، لكن على الأقل تخف معدلات البناء، لكي لا نواجه واقعا يفرض نفسه في نهاية المفاوضات».
وقال مغازي في ختام أعمال الاجتماع الثلاثي أمس، إنه سيتم الإعلان عن اسم الشركة الاستشارية التي ستقوم بالدراستين البيئية والمائية الخاصة بسد النهضة يوم 9 مارس (آذار) الحالي.
وعقدت أواخر أغسطس (آب) الماضي، جولة من المفاوضات في العاصمة السودانية الخرطوم ضمت وزراء الري والمواد المائية من مصر والسودان وإثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة، وتم الاتفاق على تكليف مكتب استشاري لإعداد دراسة تفصيلية بشأن تأثيرات السد على مصر والسودان على أن يتم حسم الخلاف في مدة أقصاها 6 أشهر من مارس وتكون نتائجها ملزمة للجميع.
ومن المقرر أن ترفع الوثيقة التي تم التوصل لتوافق بشأنها إلى رؤساء الدول الثلاث لاعتمادها. وقال وزير الخارجية السوداني علي أحمد كرتي، أمس، إن الدول الثلاث توصلت «لتوافق على المبادئ التي تحكمنا في كيفية الاستفادة من حوض النيل الشرقي وسد النهضة، لافتا إلى أن الاتفاق يمثل صفحة جديدة في العلاقات بين الدول الثلاث.
ويجري شريان النيل، أطول أنهار العالم (6695 كيلومترا)، في 10 دول هي (مصر، والسودان، وجنوب السودان، وأوغندا، وإثيوبيا، والكونغو الديمقراطية، وبوروندي، وتنزانيا، ورواندا، وكينيا)، تنقسم إلى دول المصب (مصر والسودان)، فيما تصنف بقية الدول باعتبارها دول منبع، حيث يتكثف فيها هطول الأمطار الموسمية. بالإضافة إلى إريتريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.