الجيش الجزائري يسعى لإقناع المتظاهرين ضد استغلال الغاز الصخري بالتوقف عن الاحتجاج

الغاضبون في عين صالح يرفضون التواصل مع وزارة الداخلية والشرطة

الجيش الجزائري يسعى لإقناع المتظاهرين ضد استغلال الغاز الصخري بالتوقف عن الاحتجاج
TT

الجيش الجزائري يسعى لإقناع المتظاهرين ضد استغلال الغاز الصخري بالتوقف عن الاحتجاج

الجيش الجزائري يسعى لإقناع المتظاهرين ضد استغلال الغاز الصخري بالتوقف عن الاحتجاج

أعلن الجيش الجزائري عن انخراطه في عمل ميداني، بهدف تهدئة الأوضاع داخل بلدة صحراوية، تشهد يوميا مواجهات عنيفة بين قوات الشرطة ومتظاهرين، يحتجون ضد مشروع الحكومة للتنقيب عن الغاز الصخري. وجاء تدخل الجيش فيما بات يعرف بـ«أزمة الغاز الصخري»، بعد أن رفض الغاضبون التواصل مع وزارة الداخلية وقوات الأمن.
وأفادت وزارة الدفاع أمس في بيان أن اللواء عامر عثامنية، قائد الناحية العسكرية السادسة (تمنراست / 1900 كلم جنوب العاصمة)، التقى أول من أمس، بوفد من المحتجين في عين صالح، التابعة إداريا لولاية تمنراست، بهدف إقناعهم بوقف الاعتصام في «ساحة الصمود» بوسط المدينة، حيث يرفض المئات العودة إلى بيوتهم ما لم تلغ الحكومة ورشات التنقيب عن الغاز الصخري في منطقتهم.
وجاء في البيان أن الضابط العسكري «التقى مع ممثلي المجتمع المدني من مواطنين وأعيان المنطقة، البالغ عددهم 29 فردا، تنفيذا لتعليمات القيادة العليا»، في إشارة إلى أوامر صادرة من نائب وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. وأوضح البيان أن اللواء عثامنية استمع إلى انشغالات المحتجين ومطالبهم، وحثهم على تغليب العقل وروح المسؤولية ودعم جهود التهدئة وتفادي أعمال التخريب، وتحطيم المرافق والممتلكات العامة والخاصة، والدخول في مشدات وصدامات مع قوات حفظ الأمن. ودعا إلى «فض الاعتصام بسرعة وبطريقة سلمية، بهدف العودة إلى الحياة الطبيعية، وتفادي تعطيل مصالح المواطنين اليومية».
وأشار البيان إلى لقاء جرى بين اللواء ومسؤولي قوات حفظ الأمن «قصد تنسيق الجهود للحفاظ على الأمن والنظام العام، في إطار الاحترام الصارم والتام لقوانين الجمهورية».
ويفهم من ذلك أن الجيش يطالب قوات الشرطة، ضمنا، باعتقال الناشطين رافضي التنقيب عن الغاز الصخري، في حال أصروا على مواصلة الاعتصام.
وتابع البيان موضحا «فيما يخص القراءات التي وردت في بعض الصحف الوطنية الصادرة اليوم (الأربعاء)، فإن وزارة الدفاع الوطني تنفي بصفة قطعية مثل هذه التأويلات»، في إشارة إلى صحيفة «فرنكفونية»، قالت إن الجيش «أمر بتسليط عقوبات ضد المحتجين».
واللافت في أزمة عين صالح أن كل أجهزة الدولة عجزت عن التواصل مع الغاضبين، فلا خطب الرئيس، الداعية إلى الحوار، أقنعتهم بالعدول عن الخروج إلى الشارع للتظاهر، ولا الوفود الحكومية تمكنت من تهدئة نفوسهم. وقد رفض أعيان المنطقة خلال الشهر الماضي تقديم تعهد للواء عبد الغني هامل، قائد جهاز الشرطة، بالسعي لوضع حد للاضطرابات التي تعيشها المنطقة، وطلبوا منه العودة إلى العاصمة لتبليغ رسالة إلى الرئيس بوتفليقة، مفادها أن الاحتجاج لن يتوقف ما لم تتخل الحكومة عن مشروع التنقيب عن الغاز الصخري. وعبثا حاول هامل إقناعهم بأن الأمر لا يعدو كونه دراسات ميدانية لقياس مخزون المنطقة من الغاز الصخري، ونفى قطعيا بأن شركة «سوناطراك» المملوكة للدولة، بصدد الحفر للتنقيب عن الطاقة غير التقليدية.
وذكرت وزارة الداخلية الاثنين الماضي، أن 40 شرطيا أصيبوا بجروح، اثنين منهم في حالة خطيرة، خلال مواجهات مع المتظاهرين، واتهمت «شبابا بعين صالح بالقيام بأعمال شغب، بدعوى رفض عمليات استكشاف الغاز الصخري». وأوضحت أن أعمال العنف خلفت الأحد الماضي حرق مبنى دائرة عين صالح، وهو هيكل إداري يمثل الحكومة على مستوى محلي.
وأفادت الداخلية أن المتظاهرين «قاموا بمحاولات متكررة للاعتداء، والمساس بالممتلكات العمومية، منها محاولة اقتحام مقرات دائرة عين صالح، وإضرام النار فيها وفي بعض المصالح الأمنية المحلية، وفي فندق المدينة وبعض الشركات العاملة بالمنطقة». وطالت أعمال التخريب، حسب الوزارة، بيت رئيس الدائرة ومرقد العزاب التابع للأمن الوطني، وشاحنة تابعة للشرطة. ويقول مراقبون إن «شرارة الغضب اندلعت، بعد أن أبدى الرئيس بوتفليقة إصرارا على استغلال الطاقات غير التقليدية، تحت ضغط انكماش مداخيل البلاد بسبب تراجع أسعار النفط».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.