صرح وزير الخارجية الأميركي أمس في ختام 3 أيام من المفاوضات النووية مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في سويسرا، بأن الاتفاق النهائي حول برنامج إيران النووي يجب أن يحظى بموافقة المجتمع الدولي.
وقال كيري للصحافيين في مونترو السويسرية: «الهدف ليس التوصل إلى أي اتفاق، وإنما التوصل إلى الاتفاق الصحيح الذي يمكن أن ينجح أمام تدقيق» المجتمع الدولي. لكن لا تزال هناك «تحديات صعبة» يتوجب حلها قبل نهاية المهلة المحددة في 31 مارس (آذار) للتوصل إلى اتفاق على ما قال مسؤول أميركي كبير، مؤكدا: «إننا نعمل بكل طاقتنا» لبلوغ الهدف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف هذا المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «كما في مكعب روبيك فإن لم يتم وضع كل قطعة في مكانها لا يقبل أي شيء حتى يصبح كل شيء مقبولا». ويعلم المسؤولون الأميركيون تماما «أن العالم أجمع سيتفحص كل سطر وكل كلمة» في هذا الاتفاق المفترض أن يتم التوصل إليه بحلول 31 مارس.
وسيجري كيري السبت محادثات في باريس مع نظرائه الفرنسي والألماني والبريطاني تتناول البرنامج النووي الإيراني، على أن تعقد المحادثات الثنائية المقبلة بين الأميركيين والإيرانيين في 15 مارس «على الأرجح في جنيف» كما قال هذا المسؤول.
ويفترض أن تفضي هذه المحادثات إلى تسوية سياسية بحلول نهاية هذا الشهر، ثم إلى نص تقني كامل بحلول 30 يونيو (حزيران) وحتى الأول من يوليو (تموز) يضمن الطبيعة السلمية والمدنية البحتة للبرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الدولية.
ومن المقرر أن يلتقي المديرون السياسيون للدول الكبرى في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، الصين، روسيا، بريطانيا وألمانيا) وإيران مجددا اليوم في مونترو لاستعراض الأيام الثلاثة من المفاوضات التي جرت تحت إشراف كيري ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
ولليوم الثالث على التوالي التقى كيري وظريف طيلة الفترة الصباحية في فندق فخم في مونترو على ضفاف بحيرة ليمان. ومن المقرر أن يكون كيري قد وصل أمس إلى الرياض. وفي خطاب حاد أمام الكونغرس الأميركي في واشنطن، أول من أمس، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الإدارة الأميركية إلى وقف المحادثات، محذرا من أنها «لن تمنع إيران من امتلاك القنبلة الذرية، وإنما تمهد طريقها» أمام ذلك. وشدد على أن الاتفاق المطروح سيترك قدرات إيران النووية على حالها وسيطلق «سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط». لكن الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي لم يستقبل نتنياهو خلال زيارته إلى واشنطن، سارع إلى القول إن نتنياهو «لم يقدم بديلا قابلا للتطبيق». وقال أوباما: «لم نتوصل إلى اتفاق بعد. لكن إذا نجحنا فسيكون ذلك أفضل اتفاق ممكن مع إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي». واعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني، من جهته، أمس، أن إسرائيل «تشكل الخطر الأكبر على المنطقة». وقال: «إن هذا الكيان الإرهابي الأكثر إجراما يتحدث اليوم عن السلام والأخطار المستقبلية، في حين أنه يشكل الخطر الأكبر على المنطقة»، متهما إسرائيل «بتخزين عدد كبير» من القنابل الذرية وبرفض السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش «منشآتها النووية».
كما نددت الخارجية الإيرانية بـ«استمرار أكاذيب نتنياهو التي تتكرر وأصبحت مملة حول الأهداف والنوايا خلف برنامج إيران النووي السلمي». وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أمس بأنه من المبكر جدا «الحكم على نتائج هذه السلسلة من المفاوضات»، موضحة أن المفاوضين أمامهم الوقت حتى نهاية يونيو للتوصل إلى اتفاق شامل. وقالت أفخم: «إن موعد نهاية مارس هذا ما قرره المفاوضون فيما بينهم، لكن استمرار المفاوضات مقرر حتى نهاية يونيو».
وأوضحت: «إن جميع المسائل التقنية والسياسية والقانونية موضع بحث حاليا»، مضيفة: «في إطار المفاوضات السياسية هناك مسألة العقوبات» الغربية التي تطالب إيران برفعها بالكامل.
لكن التقارب المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران بعد أكثر من 3 عقود من القطيعة لا يثير قلق إسرائيل فقط، وإنما حلفاء واشنطن في الخليج الذين يخشون سعي إيران لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط. وفي الرياض سيلتقي كيري وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي والعاهل السعودي الملك سلمان في محاولة لتبديد قلقهم حيال المفاوضات مع إيران. والتهديد المتزايد الذي يشكله تنظيم داعش الذي يسيطر على مناطق شاسعة في العراق وسوريا، أدى إلى تعقيد المشهد السياسي في المنطقة، حيث إن إيران الشيعية تقوم بدور متزايد في محاربة المتشددين السنة.
وفي اعتراف قلما يحصل، أعلن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي أول من أمس أن دور إيران في الهجوم الذي تشنه القوات العراقية لاستعادة مدينة تكريت من تنظيم داعش يمكن أن يكون «إيجابيا» إذا لم يؤد إلى توترات طائفية مع السنة. وبحسب وسائل إعلام إيرانية، فإن الجنرال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري، موجود في محافظة صلاح الدين وعاصمتها تكريت لتنسيق الهجوم الذي تشنه القوات العراقية.
والاثنين بدأ نحو 30 ألف عنصر من الجيش والشرطة والفصائل الشيعية وأبناء بعض العشائر السنية أكبر عملية هجومية في العراق ضد التنظيم المتطرف منذ سيطرته على مساحات واسعة من البلاد في يونيو. ولفت الجنرال ديمبسي إلى أن ثلث القوات المشاركة في عملية تكريت هو من الفرقة الخامسة في الجيش العراقي، وأن الثلثين الباقيين من قوات الحشد الشعبي وهي ميليشيات شيعية مدعومة من إيران.
وتشارك السعودية ودول أخرى كبرى في الخليج في التحالف الدولي الذي يضم 60 دولة وتقوده واشنطن لقتال تنظيم داعش، وقد شنت غارات جوية ضد المتشددين في سوريا. لكن مسؤولين أميركيين يؤكدون أنه حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق مع إيران فهذا لا يعني غض الطرف عن أنشطتها. وأعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء في مونترو أن واشنطن ستواصل «التصدي بحزم» لأي محاولة من إيران لتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط حتى وإن تم التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي.
كيري: لا تزال هناك «تحديات صعبة» يتوجب حلها قبل نهاية المهلة المحددة
بعد 3 أيام من المباحثات بينه وبين ظريف حول الملف النووي
كيري: لا تزال هناك «تحديات صعبة» يتوجب حلها قبل نهاية المهلة المحددة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة