كيري: لا تزال هناك «تحديات صعبة» يتوجب حلها قبل نهاية المهلة المحددة

بعد 3 أيام من المباحثات بينه وبين ظريف حول الملف النووي

جون كيري وزير الخارجية الأميركي في طريقه مع فريقه لحضور المناقشات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مونترو بسويسرا أمس (إ.ب.أ)
جون كيري وزير الخارجية الأميركي في طريقه مع فريقه لحضور المناقشات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مونترو بسويسرا أمس (إ.ب.أ)
TT

كيري: لا تزال هناك «تحديات صعبة» يتوجب حلها قبل نهاية المهلة المحددة

جون كيري وزير الخارجية الأميركي في طريقه مع فريقه لحضور المناقشات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مونترو بسويسرا أمس (إ.ب.أ)
جون كيري وزير الخارجية الأميركي في طريقه مع فريقه لحضور المناقشات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مونترو بسويسرا أمس (إ.ب.أ)

صرح وزير الخارجية الأميركي أمس في ختام 3 أيام من المفاوضات النووية مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في سويسرا، بأن الاتفاق النهائي حول برنامج إيران النووي يجب أن يحظى بموافقة المجتمع الدولي.
وقال كيري للصحافيين في مونترو السويسرية: «الهدف ليس التوصل إلى أي اتفاق، وإنما التوصل إلى الاتفاق الصحيح الذي يمكن أن ينجح أمام تدقيق» المجتمع الدولي. لكن لا تزال هناك «تحديات صعبة» يتوجب حلها قبل نهاية المهلة المحددة في 31 مارس (آذار) للتوصل إلى اتفاق على ما قال مسؤول أميركي كبير، مؤكدا: «إننا نعمل بكل طاقتنا» لبلوغ الهدف، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف هذا المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «كما في مكعب روبيك فإن لم يتم وضع كل قطعة في مكانها لا يقبل أي شيء حتى يصبح كل شيء مقبولا». ويعلم المسؤولون الأميركيون تماما «أن العالم أجمع سيتفحص كل سطر وكل كلمة» في هذا الاتفاق المفترض أن يتم التوصل إليه بحلول 31 مارس.
وسيجري كيري السبت محادثات في باريس مع نظرائه الفرنسي والألماني والبريطاني تتناول البرنامج النووي الإيراني، على أن تعقد المحادثات الثنائية المقبلة بين الأميركيين والإيرانيين في 15 مارس «على الأرجح في جنيف» كما قال هذا المسؤول.
ويفترض أن تفضي هذه المحادثات إلى تسوية سياسية بحلول نهاية هذا الشهر، ثم إلى نص تقني كامل بحلول 30 يونيو (حزيران) وحتى الأول من يوليو (تموز) يضمن الطبيعة السلمية والمدنية البحتة للبرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الدولية.
ومن المقرر أن يلتقي المديرون السياسيون للدول الكبرى في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، الصين، روسيا، بريطانيا وألمانيا) وإيران مجددا اليوم في مونترو لاستعراض الأيام الثلاثة من المفاوضات التي جرت تحت إشراف كيري ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
ولليوم الثالث على التوالي التقى كيري وظريف طيلة الفترة الصباحية في فندق فخم في مونترو على ضفاف بحيرة ليمان. ومن المقرر أن يكون كيري قد وصل أمس إلى الرياض. وفي خطاب حاد أمام الكونغرس الأميركي في واشنطن، أول من أمس، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الإدارة الأميركية إلى وقف المحادثات، محذرا من أنها «لن تمنع إيران من امتلاك القنبلة الذرية، وإنما تمهد طريقها» أمام ذلك. وشدد على أن الاتفاق المطروح سيترك قدرات إيران النووية على حالها وسيطلق «سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط». لكن الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي لم يستقبل نتنياهو خلال زيارته إلى واشنطن، سارع إلى القول إن نتنياهو «لم يقدم بديلا قابلا للتطبيق». وقال أوباما: «لم نتوصل إلى اتفاق بعد. لكن إذا نجحنا فسيكون ذلك أفضل اتفاق ممكن مع إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي». واعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني، من جهته، أمس، أن إسرائيل «تشكل الخطر الأكبر على المنطقة». وقال: «إن هذا الكيان الإرهابي الأكثر إجراما يتحدث اليوم عن السلام والأخطار المستقبلية، في حين أنه يشكل الخطر الأكبر على المنطقة»، متهما إسرائيل «بتخزين عدد كبير» من القنابل الذرية وبرفض السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش «منشآتها النووية».
كما نددت الخارجية الإيرانية بـ«استمرار أكاذيب نتنياهو التي تتكرر وأصبحت مملة حول الأهداف والنوايا خلف برنامج إيران النووي السلمي». وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أمس بأنه من المبكر جدا «الحكم على نتائج هذه السلسلة من المفاوضات»، موضحة أن المفاوضين أمامهم الوقت حتى نهاية يونيو للتوصل إلى اتفاق شامل. وقالت أفخم: «إن موعد نهاية مارس هذا ما قرره المفاوضون فيما بينهم، لكن استمرار المفاوضات مقرر حتى نهاية يونيو».
وأوضحت: «إن جميع المسائل التقنية والسياسية والقانونية موضع بحث حاليا»، مضيفة: «في إطار المفاوضات السياسية هناك مسألة العقوبات» الغربية التي تطالب إيران برفعها بالكامل.
لكن التقارب المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران بعد أكثر من 3 عقود من القطيعة لا يثير قلق إسرائيل فقط، وإنما حلفاء واشنطن في الخليج الذين يخشون سعي إيران لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط. وفي الرياض سيلتقي كيري وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي والعاهل السعودي الملك سلمان في محاولة لتبديد قلقهم حيال المفاوضات مع إيران. والتهديد المتزايد الذي يشكله تنظيم داعش الذي يسيطر على مناطق شاسعة في العراق وسوريا، أدى إلى تعقيد المشهد السياسي في المنطقة، حيث إن إيران الشيعية تقوم بدور متزايد في محاربة المتشددين السنة.
وفي اعتراف قلما يحصل، أعلن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي أول من أمس أن دور إيران في الهجوم الذي تشنه القوات العراقية لاستعادة مدينة تكريت من تنظيم داعش يمكن أن يكون «إيجابيا» إذا لم يؤد إلى توترات طائفية مع السنة. وبحسب وسائل إعلام إيرانية، فإن الجنرال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري، موجود في محافظة صلاح الدين وعاصمتها تكريت لتنسيق الهجوم الذي تشنه القوات العراقية.
والاثنين بدأ نحو 30 ألف عنصر من الجيش والشرطة والفصائل الشيعية وأبناء بعض العشائر السنية أكبر عملية هجومية في العراق ضد التنظيم المتطرف منذ سيطرته على مساحات واسعة من البلاد في يونيو. ولفت الجنرال ديمبسي إلى أن ثلث القوات المشاركة في عملية تكريت هو من الفرقة الخامسة في الجيش العراقي، وأن الثلثين الباقيين من قوات الحشد الشعبي وهي ميليشيات شيعية مدعومة من إيران.
وتشارك السعودية ودول أخرى كبرى في الخليج في التحالف الدولي الذي يضم 60 دولة وتقوده واشنطن لقتال تنظيم داعش، وقد شنت غارات جوية ضد المتشددين في سوريا. لكن مسؤولين أميركيين يؤكدون أنه حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق مع إيران فهذا لا يعني غض الطرف عن أنشطتها. وأعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء في مونترو أن واشنطن ستواصل «التصدي بحزم» لأي محاولة من إيران لتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط حتى وإن تم التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».