«النصرة» تنهي آخر الفصائل المعتدلة في الشمال.. وتتوعد بملاحقة قيادييها

جورج صبرة: لم يعد أمامنا كمعارضة سورية إلا تشكيل جيش وطني

ارشيفية لمقاتلون من النصرة
ارشيفية لمقاتلون من النصرة
TT

«النصرة» تنهي آخر الفصائل المعتدلة في الشمال.. وتتوعد بملاحقة قيادييها

ارشيفية لمقاتلون من النصرة
ارشيفية لمقاتلون من النصرة

انتهى وجود فصائل المعارضة السورية المعتدلة المدعومة من الغرب في شمال البلاد، إثر إعلان «حركة حزم» حل نفسها وانضمامها لتحالف «الجبهة الشامية» الإسلامي الأوسع، بعد هجوم «جبهة النصرة» (وهي الفرع السوري لتنظيم القاعدة)، على مواقع الحركة والسيطرة عليها، وسط انتقاد وجهه مقربون من حركة «حزم» إلى الجبهة الشامية: «كونها لم تدافع عنا».
وانقسم أتباع حركة «حزم» بين تأييد للحركة الشامية، ومنتقدين لها، على خلفية الوقوف على الحياد في المعركة ضد «النصرة»، في حين يقول مصدر مقرب من «الشامية» لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبهة «لم تجد حلاً في المعركة، إلا الدعوة إلى وقف الاقتتال، والتدخل بالوساطات، ثم الوقوف على الحياد حين بدء القتال، واستقطاب مقاتلي حركة (حزم)، وتهدئة القتال، نظرًا إلى ضرورات ميدانية، تتمثل في حاجة المقاتلين إلى مؤازرة من (النصرة) المسلحة جيدًا، وتمتلك مقاتلين يتمتعون بخبرة عالية، وذلك في المعارك المندلعة في شمال سوريا ضد قوات النظام».
وكانت «حزم»، آخر فصائل المعارضة السورية المعتدلة المدعومة من الغرب، الموجودة في شمال البلاد، بعد إنهاء «جبهة النصرة» لفصيل «جبهة ثوار سوريا» التي كان يتزعمها جمال معروف، في إدلب، أواخر العام الماضي، على خلفية نزاعات، مما أتاح لـ«النصرة» السيطرة على مواقع واسعة في إدلب، والتقدم باتجاه حلب، وسط مخاوف المعتدلين من أن تكون الجبهة تطمح لإنشاء كيان مواز لكيان «داعش» في شمال البلاد.
من جهته، رأى رئيس المجلس الوطني السوري وعضو الائتلاف، جورج صبرة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن خذلان الولايات المتحدة للقوى المعتدلة السورية، وبينها حركة «حزم»، على مستوى الدعم «هو جزء من الخذلان الكبير الذي تلقاه الجيش السوري الحر بشكل خاص، والمعارضة السورية بشكل عام من سياسات بعض أصدقاء الشعب السوري، وبينها الولايات المتحدة»، مشيرًا إلى أن «النصرة»، «تتوسع منذ فترة في المنطقة على حساب ألوية وكتائب معتدلة، وتقضمها قطعة قطعة تحت نظر الجميع، وأولهم واشنطن، ومع ذلك، لم يتحرك أحد لإنقاذ المعارضين المعتدلين». واعتبر أن ذلك «جزء من الخذلان العام من المستويات العسكرية والسياسية، وعلى مستوى الإغاثة».
وقال مصدر مقرب من «حزم» لـ«الشرق الأوسط»، إن خطوة «النصرة»: «لا تنفصل عن أحلامها بإنشاء كيان لها»، مشبهًا عمليات «الإقصاء بحق المعارضين المعتدلين»، بما نفذه تنظيم داعش بحق فصائل المعارضة المعتدلة، وخصوصًا في الرقة وشرق حلب ودير الزور. وأشار إلى أن «النصرة»، مهّدت لذلك من خلال اتهام حزم وسائر المعتدلين بـ«الردة»، وبأنهم ذراع أميركا في شمال سوريا، في تبرير واضح لإقصاء الآخرين.
وكانت «حزم» الفصيل السوري المعارض الوحيد الذي أعلنت واشنطن أنها أمدّته بالأسلحة النوعية، بينها صواريخ «تاو» الأميركية المضادة للدروع، واستخدمت تلك الصواريخ في معارك ضد النظام في إدلب وحلب. وقال المصدر المقرب من «حزم» إن مقاتليها «كانوا يرابضون في جبهة حندرات قبل انسحابهم لمؤازرة رفاقهم في ريف حلب الغربي والفوج 46 حيث هاجمتهم النصرة، وسيطرت على المقر»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الحركة «كانت تؤازر بصواريخها وأسلحتها العمليات العسكرية ضد النظام بريف حلب الشمالي».
ورغم انتهاء «حزم» ككيان معارض في شمال البلاد، لم ينتهِ عملها العسكري بعد انضمامها إلى «الجبهة الشامية» التي توصف بأنها فصيل عسكري إسلامي معتدل، على عداء مع «داعش»، ويقاتل ضد قوات النظام على جبهات حلب وريفها. وقال المصدر نفسه المقرب من «حزم»، إن هذا الانضمام «وضع حدًا للاقتتال الداخلي، وسيمكّن المعارضة من توسيع نطاق عملياتها ضد النظام في جبهات الشمال، وكان أولها إطلاق معركة (لبيك يا رسول الله) بريف حماة الشمالي».
لكن الانضمام الأخير، لا يعني أن «النصرة» أنهت المعركة، إذ أصدر التنظيم بيانًا قال فيه إنه «سيواصل ملاحقة رؤوس وقيادات حزم حتى ينالوا جزاء ظلمهم وبغيهم، وليس مجرد انتماء الشخص لـ(حزم) في الفترة السابقة يعد جرمًا يُعاقب عليه، وإنما سيُحاسب فقط من يثبت عليهم إجرام بحق المسلمين».
وكانت «حزم» أعلنت، أول من أمس، أن مقاتليها سينضمون إلى «الجبهة الشامية» وهي تحالف لكتائب إسلامية في حلب، للحيلولة دون إراقة المزيد من الدماء. ويأتي القرار بعد قتال شرس في مطلع الأسبوع بينها وبين «جبهة النصرة» جناح تنظيم القاعدة في سوريا. وتقاتل كل من حركة «حزم» و«جبهة النصرة» الحكومة السورية.
أمام هذا الوضع، أكد صبرة أنه «لم يعد أمامنا كمعارضة سوريا إلا تشكيل جيش وطني»، مشيرًا إلى أن «رئيس الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة، ومنذ فترة، قدم للائتلاف وللمجتمع الدولي مشروعًا لبناء جيش سوري تتوحد فيه جميع الفصائل، وخصوصا القوى المعتدلة التي تقاتل من أجل أجندة سوريا مستقبلية للشعب السوري، وليس لأجندات عابرة للوطنية السورية. ويحمل الرئيس هذه الرسالة إلى أشقائنا في المنطقة والعالم لإيصال مطلبنا»، آملاً «أن يكون هذا المشروع نقطة ارتكاز يضع النقاط على الحروف لمحاربة الإرهاب، لأن ما نفذ حتى الآن لا يرقى ليكون حربًا على الإرهاب، ما لم يكن مقرونًا بدعم لجيش جديد فاعل يقاتل النظام، والمنظمات الإرهابية التي ولدت كرد فعل على سياسات النظام، مثل (النصرة) و(داعش)، تكون بلادنا والمنطقة ساحة للصراع بينها وعليها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».