السودان: نجاة نائب الرئيس ومسؤول رفيع في حادثي سقوط واحتراق طائرتين

مروحية تسقط في القضارف وأخرى تحترق بالخرطوم في يوم واحد

السودان: نجاة نائب الرئيس ومسؤول رفيع في حادثي سقوط واحتراق طائرتين
TT

السودان: نجاة نائب الرئيس ومسؤول رفيع في حادثي سقوط واحتراق طائرتين

السودان: نجاة نائب الرئيس ومسؤول رفيع في حادثي سقوط واحتراق طائرتين

عادت سيرة علل الطائرات للتداول في السودان مجددا، بعد احتراق مروحية تقل نائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبد الرحمن في مطار الخرطوم، بعد أن أنزلت نائب الرئيس ومرافقيه بسلام، وقبيل ساعات من ذلك نجا مسؤول رفيع في الحزب الحاكم ومرافقوه من حادث سقوط مروحية ثانية بمدينة القضارف شرق البلاد.
وقالت هيئة الطيران المدني السودانية إن الحادثين لم يتسببا في أي خسائر بشرية. وذكرت تقارير صحافية عن المتحدث باسم الهيئة عبد الحافظ عبد الرحيم أن المروحية احترقت في محيط مطار الخرطوم. فيما شوهدت النيران تشتعل في أجزاء من الطائرة بالمدرج الرئيسي لمطار الخرطوم بالقرب من وسط الخرطوم. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن المدير العام لمطار الخرطوم صلاح سلام أن المروحية التي احترقت تتبع لشركة «الراية الخضراء للطيران»، وأن الحادث وقع أثناء توجه المروحية نحو الجراج المخصص لوقوفها في المطار عقب عودتها من رحلة لولاية الجزيرة وسط البلاد بعد نزول ركابها وبينهم نائب الرئيس. وأرجع سلام الحادث إلى «الظروف الطبيعية»، نافيا وجود أي خلل فني بتلك المروحية، وأن الحادث وقع أثناء قيام الطاقم الفني بتوجيه الطائرة نحو المكان المخصص لها، فحركها تيار هوائي معاكس وقوي أفقدها التوازن، فانكفأت واصطدمت مروحتها بالأرض ونشب حريق جزئي فيها، احتوته قوات الدفاع المدني دون خسائر في الأرواح، وأن طاقم المروحية خرج سالما عدا مضيف أصيب بخدوش في ذراعه.
وفي مدينة القضارف، سقطت مروحية ثانية، كانت تقل الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم حامد ممتاز، ووفدا صحافيا كان برفقته، وهم عائدون من المدينة بعد أن شاركوا في تدشين حملة الرئيس البشير الانتخابية. وحسب موقع الحزب الحاكم على الإنترنت فإن المروحية التي كانت تقل المسؤول الرفيع أصيبت بعطل فني فاضطر قائدها للهبوط اضطراريا وسط منازل بإحدى القرى، ثم اصطدمت بعمود كهرباء. ونقلت تقارير صحافية أن الطائرة سقطت في منطقة سكنية وحطمت منزلا لأحد المواطنين مبنيا من المواد المحلية، ولم تشر المعلومات المتداولة حتى اليوم إلى إصابة أي من ركاب المروحية المملوكة هي الأخرى لشركة «الراية الخضراء للطيران».
وكثرت حوادث الطائرات في السودان بصورة لافتة خلال السنوات الماضية، مما جعلها تبدو «أخبارا عادية». وأعاد حادث أول من أمس «تهكم» معارضي نظام الحكم للأذهان من جديد، بأن «الطائرات ستتكفل بإسقاط نظام الرئيس البشير تدريجيا». وبلغ التهكم ذروته في مواقع التواصل الاجتماعي ودارت أقاويل من قبيل «لله جند من طائرات»، و«النعوش الطائرة»، و«المحارق الجوية»، و«كبائن الموت»، ما يدلل على أن سقوط طائرة سودانية لم يعد أمرا مثيرا.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2012، لقي 22 شخصا مصرعهم في تحطم طائرة عسكرية قرب الخرطوم، فيما لقي 31 من الوزراء وكبار المسؤولين مصرعهم في تحطم طائرة في مدينة «تلودي» بولاية جنوب كردفان، أبرزهم وزير الإرشاد غازي الصادق.
وقبل أيام قليلة من تحطم طائرة تلودي انحرفت طائرة من طراز «أنتونوف»، عن مسارها بمطار الفاشر عاصمة شمال دارفور دون خسائر في الأرواح. وفي فبراير (شباط) 2011 تحطمت طائرة وزير الزراعة د.عبد الحليم المتعافي، بمنطقة «الفاو» شرق البلاد، وقتل فيها خبراء ومختصون وزراعيون، ونجا الوزير بأعجوبة. ولقي النائب الأول للرئيس الزبير محمد صالح مصرعه في سقوط طائرته في نهر «السوباط» جنوب السودان في فبراير 1998، وبرفقته عشرات المسؤولين، وكانت هذه الحادثة واحدة من أكثر حلقات مسلسل سقوط الطائرات الدامي مأساوية. وفي عام 2001 لقي وزير الدولة بوزارة الدفاع العقيد إبراهيم شمس الدين، أحد أبرز رجال الحكم، وبرفقته عدد من كبار الضباط مصرعهم في تحطم طائرتهم وانزلاقها في النيل الأزرق.
ولقي 115 شخصا مصرعهم في تحطم طائرة مدنية مملوكة لشركة «الخطوط الجوية السودانية» (سودانير) عام 2003 قرب مطار مدينة «بورتسودان» شرق البلاد، ولم ينج من الحادث سوى طفل واحد.
وفي 10 يونيو (حزيران) 2008، سقطت طائرة ركاب من طراز «إيرباص» تابعة لشركة «الخطوط الجوية السودانية»، وعلى متنها 203 ركاب، واحترقت في أرض مطار الخرطوم الدولي، ولقي زهاء 30 من ركابها حتفهم، ونجا 183. وسقطت في العام ذاته طائرة شحن من طراز «أنتونوف 12» مملوكة لشركة «جوبا للشحن الجوي» قرب مدينة ملكال بجنوب السودان، ولقي 7 من أفراد الطاقم مصرعهم وهم من جنسيات روسية وأرمنية، ولم ينج من الحادث سوى شخص واحد.
وتحولت إلى أشلاء في العام نفسه طائرة شحن روسية من طراز «أليوشن 76» بعد إقلاعها من مطار الخرطوم بدقيقة واحدة، ولقي أفراد طاقمها الأربعة مصرعهم. وتحطمت في أكتوبر 2009 طائرة شحن سودانية قرب مطار مدينة الشارقة الإماراتية بعد وقت قصير من إقلاعها، ولقي ستة من أفراد طاقمها مصرعهم. وبقيت معظم تقارير أسباب سقوط الطائرات هذه سرية، ولم تكشف أي من اللجان الكثيرة التي تشكل عقب كل حادث عن أي معلومات عن أسباب السقوط. ويعد سقوط المروحيات قليلا مقارنة بطائرات «أنتونوف» روسية الصنع التي تحوز قصب السبق في السقوط، ويقول خبراء إنها في الأصل «طائرات شحن»، استخدمت في نقل الركاب. وتنحو الخرطوم باللائمة في سقوط الطائرات على الولايات المتحدة التي تفرض حظرا اقتصاديا وتقنيا على السودان منذ عام 1997، يتضمن قطع غيار الطائرات والقطارات، رغم أن الطائرات روسية الصنع هي الأكثر سقوطا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».