تأويلات كثيرة لدوافع اغتيال المعارض الروسي نيمتسوف قرب الكرملين

إدانات دولية للجريمة وبوتين يعد بـ«معاقبة القتلة» > الأسباب المحتملة تشمل الانتقام السياسي ولا تستبعد «الغيرة النسائية»

رجل يواسي امرأة بدا عليها التأثر في وسط مدينة سان بطرسبرغ أمس إثر سماع نبأ اغتيال المعارض نيمتسوف (في الإطار)  (أ.ب)
رجل يواسي امرأة بدا عليها التأثر في وسط مدينة سان بطرسبرغ أمس إثر سماع نبأ اغتيال المعارض نيمتسوف (في الإطار) (أ.ب)
TT

تأويلات كثيرة لدوافع اغتيال المعارض الروسي نيمتسوف قرب الكرملين

رجل يواسي امرأة بدا عليها التأثر في وسط مدينة سان بطرسبرغ أمس إثر سماع نبأ اغتيال المعارض نيمتسوف (في الإطار)  (أ.ب)
رجل يواسي امرأة بدا عليها التأثر في وسط مدينة سان بطرسبرغ أمس إثر سماع نبأ اغتيال المعارض نيمتسوف (في الإطار) (أ.ب)

وسط إدانة دولية واسعة، تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس بمعاقبة قتلة المعارض بوريس نيمتسوف الذي اغتيل بالرصاص الليلة قبل الماضية قرب الكرملين وسط موسكو.
وبوتين الذي اتهم في البداية مرتكبي الجريمة بمحاولة تشويه سمعة الكرملين، وعد في رسالة بعث بها إلى والدة نيمتسوف ببذل كل الجهود اللازمة «لينال مخططو هذه الجريمة البشعة ومنفذوها العقاب الذي يستحقونه». واعتبر أن مقتل المعارض الشهير خسارة لا تعوض، مشيرا إلى أنه «ترك بصماته على تاريخ روسيا، في الحياة السياسية والعامة». وأضاف أن نيمتسوف الذي عمل نائبا لرئيس الوزراء تحت رئاسة بوريس يلتسن إبان التسعينات «تولى مناصب مهمة خلال فترة انتقالية صعبة لبلادنا». ولفت إلى أنه «عبر دائما عن مواقفه بكل صراحة ونزاهة، ودافع عن وجهة نظره».
وقتل المعارض الروسي على الجسر الكبير المحاذي للكرملين. وبعد ساعات على الاغتيال، توجه كثيرون إلى المكان لوضع الزهور. وأعلنت لجنة التحقيق الروسية أنه «لا شك أن هذه الجريمة تم التخطيط لها بدقة تماما مثل المكان الذي تم اختياره للقتل». وأضافت أن «السلاح الذي استخدم على ما يبدو هو مسدس من نوع ماكاروف»، الذي تستخدمه قوات الأمن والجيش ومنتشر بشكل كبير. وأشارت اللجنة إلى أن الجريمة نتاج عمل شخص مسلح واحد أو أكثر، وقد أطلق على نيمتسوف 7 أو 8 رصاصات. وأضافت أن «نيمتسوف كان متوجها مع رفيقته إلى شقته الواقعة في مكان غير بعيد، ومن المؤكد أن مرتكبي الجريمة كانوا على علم بمساره».
ونقل التلفزيون الرسمي في وقت لاحق أن المرأة التي كانت برفقته هي عارضة الأزياء الأوكرانية آنا دوريتسكايا (23 عاما).
من جهته، أشاد رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف بنيمتسوف وقال إنه «شخص يتحلى بالمبادئ، عمل علنا وبثبات ولم يتراجع عن آرائه». وسمحت السلطات الروسية في موسكو للمعارضة بتنظيم مسيرة اليوم الأحد في وسط العاصمة في تأبين نيمتسوف، وستمر على الجسر الكبير حيث ارتكبت الجريمة.
وتعد جريمة اغتيال نيمتسوف واحدة من أكبر عمليات القتل خلال 15 عاما من سلطة بوتين، وتذكر بقتل الصحافية المعارضة للكرملين آنا بوليتكوفسكايا بالرصاص في أكتوبر (تشرين الأول) 2006.
في وقت سابق قال بوتين ومسؤولون آخرون إن الهدف من الاغتيال هو تشويه سمعة السلطات. ونقل ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، عن بوتين قوله إن «هذا الاغتيال الوحشي يحمل بصمات عملية قتل مأجورة وكل سمات العمل الاستفزازي». وقال بيسكوف لإذاعة «كوميرسانت» إن الجريمة «قد تظهر بشكل كبير على أنها عمل استفزازي على اعتبار أن بوريس نيمتسوف معروف بمعارضته للقيادة الروسية».
وتراوحت تفسيرات دوافع الجريمة في موسكو بين «الغيرة الإنسانية» من منظور علاقته مع عارضة الأزياء الأوكرانية آنا دوريتسكايا التي كانت برفقته لحظة الاغتيال، و«تصفية الحسابات حول البيزنس»، انطلاقا من نشاط نيمتسوف كونه رجل أعمال، ونهاية بالمبررات ذات الطابع السياسي، التي تتعلق إما بنشاطه كونه شخصية معارضة للسلطات الفيدرالية في موسكو، أو المحلية في مقاطعة ياروسلافل، وإما لارتباطه بزعماء «الثورة البرتقالية» في أوكرانيا والقائمين على السلطة الحالية هناك.
من جهته، اعتبر الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشيف أن الهدف وراء الاغتيال هو «زعزعة الوضع في البلاد في وقت تشتد فيه المواجهة» مع الغرب. كما أوضحت لجنة التحقيق أنها تبحث إمكانية أن يكون الهدف من الاغتيال هو «الاستفزاز لزعزعة الوضع السياسي في البلاد». وأشارت إلى أنه قد يكون تمت التضحية بالمعارض الشهير من قبل هؤلاء الذين لا يعارضون استخدام طريقة مماثلة من أجل تحقيق أهدافهم السياسية.
وتبحث السلطات أيضا عن خيوط إرهاب محتملة؛ ذلك أن نيمتسوف تلقى تهديدات إثر دعمه لمجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة بعد اعتداءات باريس مطلع يناير (كانون الثاني) وفقا للجنة التحقيق. وهناك أيضا فرضية العلاقة بين عملية الاغتيال والنزاع في أوكرانيا؛ لأن المعارض دعا علنا الروس للاحتجاج على «العدوان الروسي في أوكرانيا».
وقبل 3 ساعات من مقتله، دعا نيمتسوف مواطنيه إلى مظاهرة في موسكو. وقال في لقاء إذاعي إن «المطلب السياسي الأول هو الوقف الفوري للحرب في أوكرانيا»، مضيفا أن على بوتين الاستقالة.
وفي واشنطن، دان الرئيس الأميركي باراك أوباما اغتيال نيمتسوف «الوحشي» و«الآثم»، ودعا إلى «تحقيق سريع وموضوعي وشفاف» في الحادث. وفي كييف، قال الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو إن نيمتسوف «كان جسرا بين روسيا وأوكرانيا، وهذا الجسر دمره رصاص قاتل. أعتقد أن الأمر ليس صدفة». كذلك أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عن «سخطها لجريمة القتل الوحشية»، ودعت السلطات إلى فتح تحقيق «شامل وسريع وشفاف». وعبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن «استيائها» من «جريمة قتل جبانة». ودان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «الاغتيال الدنيء» لنيمتسوف «المدافع الشجاع بلا كلل عن الديمقراطية».
برز نيمتسوف خلال المظاهرات التي هزت موسكو شتاء 2011 و2012، وفي عام 2013 قال إن 30 مليار دولار من أصل 50 مليار دولار حددت من أجل تنظيم الألعاب الأولمبية في روسيا اختفت تماما، ونفى الكرملين تلك الادعاءات.
وكان بعض القريبين من نيمتسوف نصحوه باللجوء إلى إسرائيل، إلا أنه رفض مؤكدا ارتباطه بروسيا التي رفض مغادرتها، وإن كان كثير التنقل إلى أوكرانيا وغيرها من البلدان الغربية. كما سارع بعض رفاقه، ومنهم إيليا ياشين السياسي المعارض، إلى تأكيد أن نيمتسوف كان ينتوى كتابة «كتاب» عن «بوتين والحرب»، يؤكد فيه تورط القوات الروسية المسلحة في الحرب الدائرة في جنوب شرقي أوكرانيا. كما نقلوا عنه «قلق والدته عليه ومطالبتها له بالكف عن معارضة بوتين خشية أن يقتله». وكتب أليكسي فينيديكتوف، رئيس تحرير إذاعة «صدى موسكو»، أن نيمتسوف، الذي ترك خلفه 4 أولاد ووالدة عجوزا، كان يعلم بمخاطر انتقاد بوتين بالعلن. ونقل عنه قوله: «لن أغادر روسيا، من سيحارب وقتها؟».



4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)
ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)
TT

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)
ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا، جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع؛ حسب السلطات.

وقال الحاكم الإقليمي إيفان فيدوروف على حسابه على تطبيق «تلغرام» إن الهجوم وقع بعد الظهر، واستهدف «بُنى تحتية مدنية» وسط مدينة زابوريجيا.

من جهتها، أعلنت الشرطة في حصيلة جديدة أن القصف أوقع 4 قتلى و19 جريحاً، أحدهم طفل يبلغ من العمر 5 سنوات.

وأعربت الشرطة عن خشيتها من ارتفاع الحصيلة، مشيرة إلى أن أعمال البحث تحت الأنقاض لم تنتهِ بعد.

ودان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «الهجوم الوحشي» الذي شنته القوات الروسية، وأدى أيضاً إلى تدمير مبنى يضم مكاتب ومباني أخرى.

ودعا مجدداً الغربيين إلى تسليم أوكرانيا مزيداً من أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك بطاريات «باتريوت» الأميركية لإنقاذ «آلاف الأرواح» من «الرعب الروسي».

دمار ناجم عن غارة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية (أ.ب)

وقال زيلينسكي: «إن العالم يملك ما يكفي من الأنظمة للقيام بذلك (...) والمسألة تعتمد بالكامل على القرارات السياسية».

في الأسابيع الأخيرة، كثَّفت روسيا ضرباتها على جنوب أوكرانيا، وأسفر هجوم روسي شُنَّ الجمعة عن مقتل 10 أشخاص في زابوريجيا.

ويشير خبراء وجنود أوكرانيون إلى احتمال أن تحضِّر روسيا لعملية برِّية جديدة في الجبهة الجنوبية، ولا سيما في منطقة زابوريجيا؛ حيث الوضع على حاله تقريباً منذ أشهر عدَّة.

جندي أوكراني يحضر قذائف مدفعية قرب الجبهة في زابوريجيا (رويترز)

ومن شأن هجوم من هذا القبيل أن يشكِّل تحدِّياً إضافياً للجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبات عدَّة على الجبهة الشرقية، ويسيطر على جزء صغير من منطقة كورسك الروسية المحاذية لأوكرانيا.

وكانت السلطات الأوكرانية قد أشارت صباحاً إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة 17 آخرين على الأقل، خلال الساعات الـ24 الماضية، في القصف الروسي على منطقتي دونيتسك (شرق) وخيرسون (جنوب).