طابعات ثلاثية الأبعاد تدخل عالم الغذاء

كعكة زفاف بتصاميم شخصية وطعام متميز الشكل لأصحاب الشهية المفقودة

طابعات ثلاثية الأبعاد تدخل عالم الغذاء
TT

طابعات ثلاثية الأبعاد تدخل عالم الغذاء

طابعات ثلاثية الأبعاد تدخل عالم الغذاء

إذا ما زرت أحد معارض الطعام فقد تجد هناك طابعة ثلاثية الأبعاد (تجسيمية)، وهي تقذف الشوكولاته. ولكون الطهو التقليدي لن يؤدي بالنهاية إلى أي مكان، لذا يمكن الاعتماد في نهاية المطاف على الطعام المطبوع بالأبعاد الثلاثة، ليجد مكانه على موائدنا. وقد شرع الباحثون حول العالم في اختبار أساليب لاستخدام الطابعات الثلاثية الأبعاد لتحضير الأطعمة. وقد تؤدي جهودهم هذه في يوم ما إلى تعزيز عامل التغذية، وضمان استمرارية الموارد الغذائية. بيد أن غالبية هذه الجهود تنصب حاليا على طباعة السكر والشوكولاته، لأن المستهلكين لا يستطيعون ببساطة اليوم شراء طابعة ثلاثية الأبعاد لتحضير وجبة العشاء، أو حتى الحلويات. لكنه جهد مستمر ومتنام، والدلالات الأولية تشير إلى أمر ما من شأنه تغيير الأسلوب الذي نتناول فيه غذاءنا.
وتقول ليز فون هاسلين مديرة مختبر السكر «شوغر لاب» في شركة «3دي سيستمس»: «لا أرى في ذلك أمرا مبتكرا، بل أمرا قد يصبح جزءا من النسيج المطبخي لسنوات مقبلة». وإليكم 5 أساليب مثيرة للاهتمام التي يمكن عبرها استخدام دقة الطابعات الثلاثية الأبعاد لتحضير الطعام:

1. تزيين كعكة الزفاف. قد تساعد الطباعة التجسيمية الأشخاص الراغبين في جعل هذا اليوم السعيد فريدا من نوعه، فلماذا يجب وضع الرسم البلاستيكي القديم الذي يمثل العريس والعروس مثبل على قالب الكعكة هذه، عندما يكون بالمقدور طباعة نسخة دقيقة لصورتهما عليه؟ وهنالك أساليب أخرى مبتكرة أيضا وتتسم بالخصوصية، إذ ثمة وصفة لتزيين قالب الكعك من مختبر «شوغر لاب» التي تناسب طرحة العروس مثلا.

2 - طعام سهل الالتهام بمظهر جيد. بالنسبة إلى الأشخاص المسنين والمتقدمين بالسن الذين يعانون صعوبة في ابتلاع الطعام ما لم يكن مهروسا: «وبما أن ذلك قد يبدو غير مثير للشهية لدى وضعه على الطبق»، كما يقول كجيلد فان بوميل، عالم الأبحاث في المنظمة الهولندية للأبحاث العلمية التطبيقية، فإن النتيجة قد تكون إصابتهم بسوء التغذية في بعض الحالات. لذا شرع فان بوميل وغيره من الباحثين في طحن الجزر والبازلاء والبروكلي سوية، وعجنها كلها، ومن ثم طباعتها بالأبعاد الثلاثة لتتحول إلى مادة طرية، لكنها محتفظة بشكلها، بعد إضافة عامل هلامي إليها. ومثل هذه الخضار المطبوعة بالأبعاد الثلاثة، يجري حاليا تقديمها في بيوت العجزة والمسنين في ألمانيا.

3. أغذية خاصة. هنالك تركيز حاليا على شكل الطعام ولونه ومذاقه، بيد أن الطباعة الدقيقة الثلاثية الأبعاد قد توفر جرعات دقيقة من الفيتامينات والأدوية والعقاقير: «إذ قد يحين الوقت الذي نضع فيه على أجسامنا تقنيات تحسس لما يحتاجه في أي وقت، سواء كنا رياضيين، أو مسنين، أو حتى نشكو من حالة صحية معينة»، حسبما تقول فون هاسلن: «وهذه التقنيات يمكنها أن تكون نظريا متصلة بالطابعة الموجودة في المنزل، لكي تكون وجبتك الغذائية الخاصة بانتظارك، التي تحتوي على جميع ما يحتاجه جسمك»، كما تضيف.
«كما سيمكن القول عندما تستفيق في الصباح أن تقول: أرغب في أن تقوم الطابعة بطباعة فطوري الذي يحتوي على الكمية الصحية من المواد الدهنية»، وفقا إلى هود ليبسون مدير مختبر الآلات المبتكرة في جامعة كورنيل في أميركا. «فعندما تلتقي البرمجيات مع الطبخ، تصبح النتائج لا حدود لها».

4. أغذية مستدامة. يقوم فان بوميل بإجراء أبحاث حول ما إذا كان بالإمكان تحويل مصادر البروتين البديلة المستخلصة من الطحالب والحشرات، إلى طعام شهي. وفي هذا الصدد يقول: «إذا قمنا بتطبيق الاستهلاك الغربي من اللحوم على العالم برمته، فقد ننتهي بمشكلة كبيرة، إذ لا يمكننا أن يكون لنا هذا العدد الكبير من الأبقار، إذ أين ستضعها؟ وما هو حجم العشب الذي ستلتهمه»؟

5. مزيج من الأطعمة المزخرفة. من الممكن طباعة ورقة خس من السكر بالأبعاد الثلاثة يمكن وضعها في كأس من عصير الفواكه لتحليته وتزيينه في الوقت ذاته، كما تقول فون هاسلين، وهي تصف بعض ما تفضله من منتجات بالطباعة الثلاثية الأبعاد، التي تمتزج فيها أطعمة العالم التقليدي، مع قدرات هذه الطباعة، فشركتها ستبدأ ببيع طابعات طعام بالأبعاد الثلاثة في أواخر العام الحالي بسعر 20 ألف دولار للواحدة منها، التي قد تستقطب الطهاة المحترفين، وليس المستهلكين العاديين. وستقوم «3دي سيستمس» بافتتاح مخبز لتقديم منتجات حسب الطلب في لوس أنجليس الصيف المقبل ليكون قاعة عرض، ومكانا للفعاليات والمناسبات الخاصة لتثقيف الزائرين، وتعريفهم بالطعام المطبوع بالأبعاد الثلاثة.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً